تطور الاعلام الكوردي في السنوات الاخيرة بشكل كبير بكافة وسائله المرئية والمسموعة ….وبات يغزو كل بيت لذا يعتبر الوسيلة الأنجع في بناء الوعي القومي- إضافة للوعي الثقافي والاجتماعي- والتعريف بعدالة قضيته في الاوساط الاقليمية والعالمية
و رغم القفزة النوعية التي شهدها الإعلام الكوردي مازال يتبادر الى اذهاننا أنه الى أي حد استطاع الاعلام الكوردي أن يكون مهنيا وحياديا ؟ وعن هذا السؤال أجابنا زارا مستو رئيس تحرير شبكة ولاتي “الإعلام هو تزويد الناس بالأخبار الصحيحة، والمعلومات الدقيقة، والحقائق الصادقة والثابتة، والتي يمكن أن تساهم في تشكيل رؤية صائبة إزاء واقعة ما، بحيث تكون هذه الرؤية تعبيرا موضوعيا عن عقلية الجماهير واتجاهاتهم وميولهم . انطلاقا من هذا المفهوم وفي ظل هيمنة العقلية الحزبية على مقاليد الإعلام التي تعبر عن وجهة نظر أحادية الجانب في الكثير من الأحيان, وكما أن وسائل الإعلام هي من الأدوات التي تستخدمها الأحزاب في الدفاع عن سياساتها في مواجهة معارضيهم, ولذا يصعب نقل المشهد الحقيقي بالمهنية والحيادية وفق المعايير الإعلامية المتعارف عليها, وغير ذلك شعارات لا أكثر. جوهر الإشكالية التي يعاني منها الإعلام الكوردي هو انسياقه وانحيازه الأعمى لأجندات حزبية ضيقة, بعيدا عن الصدق والحقيقة, وهذا يعود لأسباب عديدة, ويرى البعض أن مفهوم حيادية الإعلام بمعناه المطلق غير موجود، لأن الإعلام مهما اجتهد وحاول أن يكرس هذه الخاصية إلا انه يبقى تكتنفه بعض الميول وقد تكون خفية إلى هذا الجانب أو ذاك، وعليه فإن التعاطي مع مفهوم الحياد والموضوعية كأمر نسبي وليس مطلق, ورغم هذا هناك محاولات جادة من قبل بعض وسائل الإعلام الكوردية أن تكون حيادية ومهنية لتنقل الواقع كما هو”.
أما محي الدين حسين مسؤول نشرة كوروز (حصاد اليوم) ومنتج أخبار بنشرة روزافا في قناة رووداو يقول “بالرغم من المحاولات الجادة التي يبذلها بعض الصحفيين الكورد و خصوصاً الشباب منهم بإبقاء الإعلام الكوردي حيادياً, فإن الروح الحزبية مازالت تعشش في العديد من المؤسسات و لذلك نستطيع القول أن حيادية الإعلام الكوردي لم تتبلور بالشكل الذي نريده بعد”.
وعن ذات السؤال أجابنا الكاتب الصحفي وليد حاج عبد القادر “لعله من بداهة القول بأن الكورد وكوردستان كانت من الشعوب السباقة تاريخيا في فهم واستيعاب أهمية الإعلام بطرائقه وأساليبه البدائية المختلفة والمتعددة ، ولعل صخرة بهيستون في كرمنشاه بكوردستان إيران والمكتوبة بثلاث لغات من جملتها الكوردية كشاهد أساس على ذلك ، وبالرغم من تماس الشعب الكوردي ومن خلال متنوريه وتواصلهم لابل مواكبتهم لتطور الإعلام وظهور رجالات لعبوا دورا بارزا إن في التأسيس الصحافي أو إيجاد واستثمار كافة المجالات وتسخيرها في هذا الاتجاه والذي أخذ على عاتقه بداهة الحفاظ على خصائص وسمات هذا الشعب وتوثيق ما يمكن من ثقافته ومن ثم استخدام هذه الوسيلة بتعريف العالم وفحوى قضية كوردستان والشعب الكوردي ، وبالرغم من الظروف السياسية المحيطة والإمكانات الضعيفة ، إلا أننا نستطيع ان نذكر وبفخر رجالات اصبح حضورهم الإعلامي غير محصور في كوردستان بقدر شهرتهم في المحيط ، وبالرغم من ظهور طبقة اعلامية كوردية ولربما تكون قد تكونت على ارضيات غير تلك السابقة وكوادرها خضعوا ان لدورات تدريبية او حتى دراسات أكاديمية إلا أن ما يحز على النفس حقيقة هي طمس تلك الخبرات ، لابل وتدليسها بعباءة الانتماء الحزبي الى درجة تفقد لابل فقدت الكثيرين ومصداقية شرف المهنة من خلال / في أحيان كثيرة / طمس أو قلب لابل دبلجة الحقيقة لتظهر على نقيضها ، وبالتالي أصبح الإعلام / في معظمه / موجها ، ترى الحقيقة وتقرأها من خلال شاشة او عدسة حزبها وخلاف ذلك فويل للإعلامي الذي سيتجاوز الخطوط الحمر البينية المرسومة ، ونتذكر جميعنا حالات الاعتداء الممنهج كما والتوقيف المؤقت في الآونة الأخيرة بحق اعلاميين او مراسلين كورد في كوردستان سوريا … أن أشد حالات الفتك بمصداقية الإعلام و مهنيته هي أدلجتها وبالتالي اسباغها بلبوس كهنوتية التحزب وعباءة الرمز على حساب الحقيقة وبالتالي مهنية الكلمة / الموقف المتوجب ممارستها او الإشارة اليها
وتفيد تقارير بأن سورية مصنفة ضمن أخطر الأماكن بالنسبة للإعلاميين، ويوجد أكثر من 200 من شهداء الإعلام ولمناطقنا الكوردية نصيب من ذاك الخطر فقد باتت ثمن الكلمة اغلى و بات عيون وآذان من يعتبرون أنفسهم السلطة الحاكمة تراقب الصحفي أينما وجد فهناك من قتل ومن أعتقل ونفي وعن هذه الصعوبات يقول حسين ” هذا سؤال عام جداً و أستطيع أن أذكر نقطة. – الفكر الحزبي الضيق لدى البعض يخلق بعض الصعوبات في الوصول إلى حقيقة خبر معين كأن لا يقبل أحد الأشخاص بإعطاء تصريحات بسبب الصورة المسبقة التي يكون قد أخذها من المؤسسة التي يعمل بها الصحفي”
وليد حاج عبد القادر في ذات السياق يقول “لعل من العوائق الموضوعة امام حقائقية الاعلام وبالتالي مهنية الإعلامي واداته هي القوانين الضابطة بمسمى الناظمة للمهنة فتتموضع سلسبيل الموانع ووو… الحواجز كما العقوبات الظاهرة منها والمخفية فبات الإعلامي هدفا ودريئة سهلة الاصطياد وبالتالي تلفيق ما يمكن تلفيقه ليخرس او لربما يتوجب عليه البحث عن ملاذ آمن ..”
بينما زارا مستو فيبيّن أنه وفي ظل الحرب الدائرة في سوريا يبقى العمل الإعلامي بمثابة المشي بين الألغام, وما عشرات الشهداء والاعتقالات إلا دليل على ذلك, فقط خلال عامين استشهد 92 إعلاميا في سوريا, كما اعتقل المئات من الإعلاميين في المناطق السورية المتنوعة. لكن تبقى المناطق الكوردية هي أفضل مكان للإعلاميين رغم الاعتقالات التي طالت بعض الإعلاميين الكورد على يد قوات الآسايش التابعة للإدارة الذاتية الديمقراطية خلال الفترة الماضية, ثم أطلق سراحهم لاحقا , ولم تشهد المناطق الكوردية في سوريا حالات القتل أو الاختفاء للإعلاميين, ومع هذا يبقى العمل الإعلامي صعبا في عموم سوريا بسبب الحرب الدائرة فيها, فيما هناك مناطق لا يمكن الإعلامي العمل فيها نهائيا, كالمناطق التي يسيطر عليها تنظيم(داعش) وبعض جماعات متطرفة أخرى أو مناطق النظام إلا وفق شروطها.
وفيما يتعلق بهدف الاعلام وخاصة الكوردي في هذه المرحلة يشير حاج عبد القادر أنه وبالرغم من سنين الثورة السورية وظهور ما يشبه الإعلام الجماهيري الملازم لأنشطة الثورة وبالتالي حالات ابتكار واستكشاف مجالات عديدة ولربما حتى بإمكاناتها المتواضعة استطاعت نسبيا أن تغطي جوانب عديدة وبالتالي توصل تلك الأنشطة الى الرأي العام العالمي ، وطبيعي أن يظهر نماذج عديدة وأساليب اعلامية وان بدت بسيطة بطرائقها وأساليبا إلا أن بعض من النشطاء الكورد برزوا كخامات وطاقات مبدعة ، لابل كان السوريون يتلهفون ليروا روعة صورهم وكلماتهم كما رسومهم الكاريكاتيرية / مظاهرات عامودا كمثال / وبإيجاز شديد وبالرغم من بقاء الإعلام الحزبي الكوردي في نسقيتها إلا أنها ما استطاعت الاستحواذ المطلق لتظهر هنا وهناك حالات وان اتسمت بغالبيتها كممارسات فردية الا إنها مع استمرارية الثورة السورية استطاعت ان تتبلور على شكل نسقيات او تنسيقيات ذي طابع شبه مستقل ، وخلاصة القول أن هيمنة توجه واحد على واقع حال كوردستان سوريا ومن ثم تحكيم قبضتها ومحاولاتها البائسة في تطويع الإعلام والإعلاميين وبالتالي ترهيبهم تحد من حرية الإعلامي وتساهم بشتى الوسائل ان تروي للآخرين ما تراه فقط بمنظارها هي لا الحقيقة
كما أوضح محي الدين حسين ان الإعلام الكُردي يهدف في زمن الثورة أن ينقل للناس حقيقة ما يجري, و ذلك كي يدركوا أن بعد كل ثورة هنالك حقوق يجب أن تُكتسب
من جهته يقول زارا مستو أن وسائل الإعلام الكوردية عموما تطمح إلى عكس صدى الشارع في غرب كوردستان بمختلف مكوناته وشرائحه من خلال تناول هموم وشجون وتطلعات المواطن وترسيخ الحريات ونشر الديمقراطية و تعزيز التعايش السلمي بين مكونات المنطقة، إضافة إلى الاهتمام بالبيئة وبدور ومكانة المرأة والشبيبة في المجتمع. وكما يهدف الإعلام الكوردي إلى نقل رسالة محددة، لها علاقة بالأمور الحياتية للمستقبل, وتناول القضايا المتخصصة على اختلافها وتقديمها بأسلوب سهل، وبسيط وشامل، لرفع وعي الجماهير المستهدفة بأبعاد القضية وأسبابها وآثارها على كل المستويات, والتعريف بالمستجدات التي تطرأ على موضوع التخصص، محلياً وإقليمياً ودولياً ليواكب الجمهور المستهدف التطور الحادث ولا يتخلف عن الركب الحضاري, واستحداث قنوات اتصال حوارية بين كل من الجمهور وأصحاب القرار. وكما تهدف وسائل الإعلام إلى تهيئة الجمهور المستهدف لتقبل تغيير مزمع لسلوكيات سلبية وتنمية الوعي وتكوين الاتجاهات الإيجابية, واستمرار الحوار بين جميع فئات الجماهير ، وإيضاح الآراء والأفكار والمشكلات ومقترحات المواطنين, لتحفيز إلى التغيير للأفضل عن طريق خلق طموحات مشروعة.
رغم كل شيء يبقى الإعلام سلاحاً ذو حدين نعمة اذا أُحْسِنَ استخدامه ونقمة اذا أُسِيءَ استخدامه فهو مرآة المجتمع وصوت السياسة والثقافة والعلم
ميديا الصالح