باسم العشيرة وباسم الشعب!

منذ تسلط الأنظمة الشمولية في معظم دول الشرق الأوسط وخاصة تلك التي تمت صناعتها في أقبية وزارتي الخارجية البريطانية والفرنسية إثر انهيار إمبراطورية بني عثمان، وقيام ممالك ومشيخات وجمهوريات الدول العربية، والجميع منح نفسه وكالة عامة مطلقة من تلك الشعوب التي سادتها لعقود ثقيلة ثقافة وسلوكيات القطيع المستكين، تلك الوكالة التي منحت شرعيتها كيانات وهيئات (نفذ ثم ناقش) إما بمجلس قيادة الثورة أو بصلاحيات ألقذافي الفضائية أو فرمانات الملوك والشيوخ ونزولا إلى فرمانات الأغوات وشيوخ عشائر اليوم الحائرة ( بين الحانة والمانة ) كما يقول العراقيون!؟

لقد تحولت تلك الممارسات الشمولية إلى ثقافة وسلوك عام يمارسه معظم المسؤولين ابتداءً من رئيس الجمهورية وصولا إلى السلطة السابعة التي يصفها احد مخاتير القرى، والذي يصر على انه هو السلطة السابعة حسب تسلسله الإداري للسلطات التي تبدأ برئيس الجمهورية ثم رئيس الوزراء والوزير وبعده المحافظ ثم القائمقام ومدير الناحية والسابع مختار القرية الذي يؤكد على حقه في التحدث باسم الشعب أي باسم أهل القرية الذين عينوه مختارا، وهي ذات الصلاحية التي يمنحها لنفسه شيخ العشيرة حينما يتحدث ويصرح ويأمر وينهي باسم كل أفراد عشيرته نساءً ورجالاً، أطفالا وشيوخاً، الذين يحبونه والذين يكرهونه أو ينافسونه على كرسي المشيخة، وهكذا دواليك حتى زعماء الأحزاب والجمعيات ومنظمات المجتمع المدني التي تتكاثر بشكل رهيب، والوزراء والنواب الذين يتكاثرون أكثر من القطط الشباطية، وكل من هب ودب يتكلم باسم الشعب!؟

والانكى من ذلك حينما يصدر رئيس محكمة أمرا قضائيا باسم الشعب، وهو يدرك إن هذا الكل مجروح على الأقل بذوي المحكوم عليه، فكيف له أن يدعي الحكم باسم الشعب، وكذا الحال بأولئك النكرات الذين أوصلتهم صناديق العشائر والغباء الاجتماعي والسياسي إلى كراسي البرلمان، وهم يتحدثون باسم الشعب كله؟

حقيقة؛ هناك مهازل لا تعد ولا تحصى في بلد أراد زعماءه الانتقام من بعضهم ففتحوا الأبواب لعصابات الهمجية والجريمة لكي تؤدب مكون مخالف لهم وتكون خنجر خاصرة لقومية مختلفة عنهم، فانقلب السحر على الساحر، والغريب إن الجميع يتحدث نيابة عن الجميع دون تخويل أو وكالة، ابتداءً من فراش المدير وانتهاءً بفخامة نائب رئيس الجمهورية الذي يصر على أن الشعب العراقي سيقاتل أي عملية تسليح للمكونات خارج سلطته، وان برك الدماء تنتظر من ينتقد مؤسساته العسكرية!؟

قلت الغريب وأنا آسف جدا لأنها في بلدي ليست غريبة إطلاقا، فهي الشائعة وغيرها الاستثناء، فالكل هنا مخول بالحديث والحكم وإبداء الرأي والقرار بدل الكل، لأننا فعلا في مجتمع العرض واحد والجيب واحد والرأي واحد والشعب واحد والحزب واحد والشيخ واحد والملك والرئيس والإمبراطور والرب واحد، وصلوات على الديمقراطية، والي عندو نبي ايصلي عليه!؟

كفاح محمود

Comments (0)
Add Comment