مع الانتصارات السريعة لقوات المعارضة السورية، المتكونة في غالبها من فصائل إسلامية، على الجبهة الغربية الشمالية، تكون الأمور قد وصلت إلى مرحلة جديدة وخطيرة.
قبل أيام تقدم تحالف «جيش الفتح»، ومن ضمنه «النصرة» و«أحرار الشام»، باتجاه ريف حماه واللاذقية، وكما جاء في صحيفة «المستقبل» اللبنانية: «بات الثوار يطلون بالعين المجردة على اللاذقية، بعدما سيطر (جيش الفتح) على بلدات وقرى وحواجز عسكرية بطول 15 كلم بريف إدلب، وتقدم إلى سهل الغاب بريف حماه الشمالي، واصلاً طريق حلب – اللاذقية الدولي بعضه ببعض بعد ما كانت قوات الأسد تقطع الطريق الدولي منذ 4 أعوام».
المدد الإيراني الصريح والعاجل لنظام بشار يأتي بعد فقدان النظام للمبادرة وخسارته لمواقع حساسة باتجاه الساحل السوري، وفي إدلب وحماه خاصة.
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قال مؤخرا إنه «لا حل سياسيا وإنّ الوضع سيُحسم قبل نهاية العام الحالي».
هناك توجه عالمي لهذا الطريق – لا ندري بالضبط عن موقف روسيا النهائي – طريق الحل الحاسم في سوريا، وأنه يجب العمل فعلا، وليس قولا، على سوريا من دون الأسد.
أميركا أوباما كانت هي المعطلة للحل في سوريا، ليس إيران أو روسيا، فهذه قوى تعلن صراحة دعمها لنظام الأسد، بينما كانت الرؤية الأوبامية تجاه الحل السوري عنصر إعاقة في سوريا، وهذا ما كبل الجهد العربي بقيادة السعودية والجهد التركي، مع خلافات في الرؤية بين العرب وتركيا، عدا قطر.
الآن، بعد تمدد «داعش» بسوريا، وتحولها لخطر يهدد الأمن العالمي كله، تحرك القرار الأميركي، قليلا، فأنت قل «داعش» وستحصل على المفتاح السحري لمغارة علي بابا الأميركية! خلاصة الرؤية السعودية ومن معها من العرب هي أن بقاء الأسد هو بحد ذاته محفز لـ«داعش» وتمددها، وكل القوى المتطرفة الأخرى.
الأيام أثبتت صحة هذا الرأي، وقبل أيام قرأت مقالة مثيرة للكاتب الأميركي المقرب من دائرة أوباما (ديفيد إغناتيوس) ينقل الكاتب فيها عن مسؤول استخباراتي أميركي أنه «استنادا إلى التوجهات الحالية، فإنه قد آن أوان التفكير بشأن سوريا ما بعد الأسد».
يلفت إغناتيوس إلى مأزق أميركي، هو أن رأس الحربة المعارضة هو «جبهة النصرة»، ومثلها «أحرار الشام»، وهي فصائل لا تخفي ارتباطها العملي أو العقدي بتنظيم القاعدة، لكنها تقاتل «داعش» في نفس الوقت.
يقول الكاتب: «ترفض الولايات المتحدة التعاون مع (جبهة النصرة)، فهي تعتبر أفرادها فرقة من أتباع تنظيم القاعدة غير التائبين، حتى وإن قيل إن الجماعة تتلقى دعما غير مباشر من تركيا وقطر. ولم تكن المقابلة مع أبو محمد الجولاني، القائد الميداني لـ(جبهة النصرة)، والتي بثتها قناة (الجزيرة)، مقنعة للمسؤولين الأميركيين».
كل هذا «العك» سببه عناد وتردد الرئيس أوباما، من البداية. لكن البكاء على الماضي نقص في العقل كما يقال.
هل حانت لحظة الحقيقة السورية؟ وكيف يمكن أن تسلم الشام من شرور الغد؟
مشاري الذايدي