المرأة المختطفة في مجتمعنا الكوردي

للثورات دائماً انعكاساتها السلبية على المجتمع بمجالاته الاجتماعية والثقافية والتعليمية والصحية ……وتعتبر المرأة العنصر الأكثر تضرراً في الحروب فهي المعتقلة المعذبة والمهجّرة والفاقدة للأب والزوج والابن والأخ ورغم أن مناطقنا الكردية سَلِمَت نوعاً ما من القصف الهمجي للنظام الأسدي إلا أن الكرد لم يسلموا من الاعتقال والاختطاف والتهجير من قبل النظام الذي مازال موجوداً في بعض المناطق أو من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي /PYD / الذي عمد مؤخراً الى اختطاف فتياتٍ قاصرات ك همرين عيدي من عامودا وحزبية شيخموس من القامشلي وجيمن صديق من تربسبية وغيرهنّ كثيرات بحجة التجنيد الاجباري الأمر الذي أدى الى استياء واضح في الشارع الكردي الذي يعتبر اعتقال أو اختطاف النساء أمراً منافياً للأخلاق الكردية وعن هذه الظاهرة تقول منال الحسيني عضو في جمعية كوليشينا ” سواءً كان اختطاف القاصرات أو القاصرين ، اعتقال النساء أو الرجال تعسفاً ، ليس في المناطق الكردية فحسب بل في كل المناطق و أي المناطق هو عمل مدان بكل المقاييس لا تمارسه سوى الأنظمة الشمولية الاستبدادية التي تتفرد بالسلطة و تمارس جميع الانتهاكات بحق الجميع دون أن تفرق بين صغير أو كبير وما يقوم به حزب الاتحاد الديمقراطي PYD خطير جداً ومنافي لمبادئ حقوق الانسان و منافي لما وقعته مع منظمات حماية الطفل و المنظمات الحقوقية العالمية, كما لا تخدم القضية الكردية ووحدة الصف الكردي هذه الظاهرة الجديدة على مجتمعنا الكردي لن تقود سوى إلى المزيد من الخلافات و النزاعات و الصراعات في وقت نحن بحاجة إلى رص الصفوف للوقوف في وجه من كان سبباً في معاناة شعبنا على مر خمس عقود و أعني هنا النظام السوري”
وفي السياق ذاته تقول رغدة حاجي عضو الادارة العامة في منظمة اتحاد كردستان “الازمة السورية تفرز كل يوم معاناة جديدة للناس وتزداد تداعياتها السلبية على الواقع الاجتماعي وللمرأة النصيب الاكبر من هذه التداعيات ونحن كمنظمة اتحاد نساء كردستان –سورية ندين هذه الاعمال”
من جهتها قالت المحامية أمرين خليفة العضو في جمعية شاويشكا “المجتمع يدين و يشجب مثل هذا العمل سواء كانت المجني عليها حدثا او كامل الاهلية إلا انه لا ينصفها بدلا من احتضانها و إعادة تأهيلها نفسيا لتعود و تستأنف حياتها الطبيعية يعاملها المجتمع و كأنها هي الجانية على الرغم من التعنيف النفسي و الجسدي و الاجتماعي الذي تتعرض له في هذه الجريمة و نحن في جمعية شاويشكا ندين هذه الجريمة و نعتبره انتهاكا لحقوقها الانساني كما نرى العقوبة المنصوصة عليها في قانون العقوبات لا تتناسب مع الحجم الكبير للضرر النفسي و الجسدي و الاجتماعي للمرأة لذلك نطالب المشرع بتشديد عقوبة الجاني في مثل هذه الحالة
وفيما يتعلق بنظرة المجتمع الى هذه الظاهرة تؤكد منال الحسيني أن أغلب فئات المجتمع الواعية تدين و تندد بهذه الظاهرة المنافية لأخلاقيات أفراده و ترى أن المكان الطبيعي للقاصرات و القاصرين هو مقاعد الدراسة و ليس حمل السلاح في هذا السن المبكر

أما عن الآثار السلبية المترتبة جرّاء هذه الظاهرة على مستقبل المرأة الكردية أشارت رغدة حاجي الى أنها تحط من الصورة الناصعة التي تقدمها المرأة الكوردية للعالم بشجاعتها واقتدارها وتحملها المسؤولية الكاملة للدفاع عن وجودها واظهارها للوجه الحقيقي للمرأة وتسطيرها حالة حضارية نوعية في وسط الخراب والارهاب الذي يجتاحها من كل صدب وحدب”
أما أمرين خليفة تقول عن ذلك ” تعاني المختطفة المجني عليها من النظرة الدونية للمجتمع الذي تعيش فيه الامر الذي ينعكس سلبا على ادائها التربوي او الزوجي او الاسري و تشكل الشروخ في الاسرة و المجتمع فكثيرا ما ينتهي حياة الزوجية المتزوجة بالطلاق او الانتحار وبالتالي تفكك المجتمع
كذلك بينت منال الحسيني وجهة نظرها ” بالتأكيد من تحرم من طفولتها و دراستها و العيش في كنف أسرة متحابة سيعكس سلباً على شخصيتها و ستنتج إعاقة نفسية ما لم تعالج و يعاد تأهيلها سيعكس على مستقبلها أولا و محيطها ثانياً لأن حمل الطفلة للسلاح يعني تعنيفها و بالتالي تعنيف المجتمع بأكمله و النتيجة تدمير الإنسان و الوطن في آن واحد ”
وبالرغم من أن الفتاة المختطفة أو المعتقلة أجبرت على ترك عائلتها إلا أن المجتمع مازال ظالما في نظرته اليها فما الدور الذي تلعبه المنظمات والجمعيات التي تهتم بشؤون المرأة في توعية المجتمع لاحتضان هذه الفئة التي من المفترض أنها المظلومة أجابت أمرين خليفة ” نحن في الجمعية نرى ان انحراف الطفلة عن طريق تلقي العلم هو نتيجة طبيعية لتدني مستوى اداء الجهاز التعليمي وهجرة المدرسين الاكفاء اضافة للظلم الاجتماعي والاقتصادي والنفسي والجهل والتخلف المتوارث نحن نحاول جاهدين تخفيف حدة هذه الاسباب من خلال اقامة محاضرات حوارية اجتماعية بين الاباء والابناء حول المشاكل التي تعترض الاطفال والاباء في هذا السن وحث الاطفال وتحفيزهم على المشاركة وابداء الراي في حل المشاكل وايجاد الحلول المناسبة للمشكلة وكذلك عقد جلسات نسائية حوارية الهدف منها توعية الام في اداء دورها التربوي واقامة دورات تقوية للطلاب والطالبات في كافة المواد بعد تردي الجهاز التدريسي”
وتجد رغدة حاجي أنه من واجبهم ان يساهموا في تخفيف هذه المعاناة ولو بشكل بسيط عبر وسائل سلمية هادفة كإصدار بيانات واعداد ندوات وورشات عمل لنشر الوعي بين صفوف الجماهير
من جهتها بينت منال الحسيني ” نحن كجمعية نسائية نعمل على توعية المرأة و تطويرها في جميع المجالات ، أقمنا الكثير من الندوات و الورشات لرفع مستوى الوعي الاجتماعي و تقريب وجهات النظر بين الجنسين و بين الجيلين لردم الهوة الموجودة بينهما ووضع الحلول الممكنة و بناء جسر من الحب لا يطاله المتطفلون ”
وأضافت الحسيني “مجتمعنا الكردي محكوم بعاداته و تقاليده منذ مئات السنين ، لن نستطيع تغيير واقع الأنثى فيه بين ليلة و ضحاها مثلما فعلت الإدارة الذاتية في اصدار المرسوم 22 الخاص بالمرأة و قوانينها الهدف منه كسب المزيد من الدعم و التأييد الدولي و الظهور بموقف حضاري ينظر بعين المساواة لرجاله ونسائه ليكسب الجانب السياسي من المعركة.
نعمل تدريجيا و على مراحل لتوعية المجتمع لعدم ممارسة التمييز بين الجنسين من خلال ندوات تثقيفية نستضيف محاضرين متخصصين في علم الاجتماع و النفس و نحاول الأخذ بيد الغير عاملة خاصة من خلال تأهيلها و تدريبها على مهنة تعوضها عن اكمال دراستها و تؤهلها للعب دورها في بناء الأسرة و المجتمع
وفي سؤال لنا عما اذا كان قد تم التوجه الى منظمات دولية مهتمة بشؤون المرأة والطفل أو جهات أخرى مختصة بحقوق الانسان أوضحت منال الحسيني “نتوجه بالنداء الى جميع المنظمات الحقوقية الدولية و التي تهتم برعاية الطفولة و حمايتها مثل اليونيسيف و اليونسكو و منظمة نداء جنيف و التي وقعت على برنامجها وحدات حماية الشعب و المرأة لعدم تجنيد القاصرات و القاصرين في صفوفها للضغط عليها و معاقبتها إن أمكن للكف عن هذه الممارسات و الانتهاكات بحق الطفولة المستباحة في كردستان سوريا كما طالبت الحسيني بالإفراج الفوري عن القاصرات و القاصرين وإعادتهم إلى ذويهم و إلى مقاعد دراستهم
كما دعت رغدة حاجي الجهات المعنية في مناطقنا أن تضع قرار منع تجنيد القاصرين والقاصرات حيز التنفيذ وسد الثغرات التي تسمح لبعض الأفراد بخرق القرار
بدورها توجهت أمرين خليفة بالنداء لكافة شرائح وابناء المجتمع والمنظمات والهيئات الانسانية للمساهمة في الحد من انتشار هذه الظاهرة وغيرها من الظواهر التي تحرم الاطفال من حقوقهم الانسانية وتنزع عنهم براءة الطفولة

 

ميديا الصالح

Comments (0)
Add Comment