قدرٌ مفروض

انتشرت ظاهرة الهجرة في كافة المناطق الكوردية مع بدء الثورة السورية وخاصة ًبين فئة الشباب الذين يُعتبرون أساس البناء والتطور, وبالرغم من عدم غياب هذه الظاهرة قبل الثورة إلا أنها كانت بشكلها الداخلي فبعد صدور المرسوم 49 عام 2008 -والذي مُنع فيه البناء في المناطق الحدودية مع تركيا في محافظة الحسكة – أضطرّ أكثر من ثمانية آلاف كوردي الى الهجرة الى دمشق واللاذقية وطرطوس….بحثاً عن العمل . ومن أهم الاسباب التي تتبادر الى أذهاننا سوء الوضع المعيشي الاقتصادي وانتشار البطالة وغياب الامن والاستقرار وخاصة في المناطق التي تتعرض للحصار من قبل الجماعات المسلحة مثل داعش وغيرها.
قصصٌ كثيرة ومؤلمة ..امهاتٌ وآباءٌ يحلمون بعودة فلذات أكبادهم رأيناها في هذا التحقيق الذي أجريناه حول هذا الموضوع

الحاجة هجّرت أولادي…
بحسرةٍ يقولها العم أبو كاوا , “هاجرنا الى طرطوس قبل أكثر من ست سنوات وكنت وأولادي نعمل في مزرعة في الريف لكن مع بدء الثور السورية وخوفاً منا على حياتنا قررنا العودة لكن عدم توفر اية فرصة عمل هنا وصعوبة تأمين لقمة عيشنا أضطر اولادي الى السفر الى اقليم كردستان العراق للعمل”

وللملاحقات في ظل الثورة قصة أخرى….
رغم غياب مؤسسات النظام الامنية والعسكرية وحتى السياسية في أغلب المناطق الكوردية بعد الثورة بفترة وجيزة إلا أن ملاحقة النشطاء والسياسيين والاعلاميين ما زالت موجودة وخاصة من قِبل حزب الاتحاد الديمقراطي ففي عامودا -على سبيل المثال- في 27حزيران/ يونيو 2013 تم قتل 6 أشخاص وجرح العشرات واعتقال 100 ناشط وسياسي من المدينة اثر مظاهرات واعتصامات منددة باعتقال ثلاثة نشطاء من المدينة من قبل الاساييش التابعة للحزب المذكور , وملاحقة العديد منهم ما اضطر أكثر من 30 شابا الى الهجرة الى أوربا وتركيا وكردستان العراق بحسب احصائية اجريناها حول هذا الموضوع في عامودا.
ويُعتبر قانون التجنيد الاجباري الذي أصدرته الادارة الذاتية في 11تموز/يوليو سبباً إضافياً لتهجير الشباب كما بين المجلس الوطني الكوردي في بيانٍ له أُصدِر في 19/7/2014 “اننا في المجلس الوطني نعبر عن موقفنا الرافض لهذا القرار كونه سيزيد من الهجرة من المناطق الكردية ويؤدي الى افراغ المنطقة من سكانها الاصليين وهذا له تبعات وتداعيات من الناحية الديموغرافية على مستقبل المنطقة الكردية وعلى الامن القومي الكردي برمته وفي زيادة حالة الشرخ والصراع الغير مبرر في صفوف الحركة الكردية في سوريا”

” الفقر في الوطن غربة ,والغِنى في الغربة وطن “….رحلة البحث عن حياةٍ افضل …
(منال.ع) أمٌ لأربعة أولاد تتحضّر للذهاب الى ألمانيا لديها الكثير من الاسباب كما تقول لنا “نعيش الذل كل يوم ,نبقى لأيام بدون غاز وكهرباء ,غلاء الاسعار تهين كرامتنا كلما احتجنا لشيء, والاستغلال منتشر اينما ذهبت ولا رقيب ولا محاسبة .. ربما نجد القليل من الكرامة في موطن الذين ينادون بحقوق الانسان”

إن من أهم الآثار السلبية للهجرة هي إفراغ المنطقة الكوردية من سكانها الاصليين وبالتالي تغيير ديمغرافية المنطقة وهذا ما كان يسعى اليه النظام البعثي واستخدم الكثير من السياسات الشوفينية لهذا الغرض كمصادرة الاراضي الزراعية للكورد في الجزيرة وتوطين عرب الغمر فيها عام 1972 وهو ما يعرف بالحزام العربي , والاحصاء الشوفيني عام 1962 حيث جُرِّد عشرات الالاف من الكورد من الجنسية السورية وبالتالي حرمانهم من كافة حقوقهم الانسانية ما أدى الى هجرتهم خارج الوطن

الآثار السلبية المترتبة على المجتمع وعلى المهاجر نفسه
عبد الرحيم سعيد تخوبي ناشط من مدينة عامودا يرى أن الآثار السلبة للهجرة على المجتمع متعددة ” التغيير الديمغرافي في المنطقة ، وخاصة المنطقة الكردية حيث عدد الكرد المهاجرين يفوق بكثير عدد القوميات الأخرى في المنطقة مما يهدد الوجود الكردي في حال استمرت وتيرة الهجرة على هذه الشاكلة . من جهة أخرى ارتفاع نسبة العنوسة في المنطقة لأنّ معظم المهاجرين هم من جيل الشباب . بالإضافة إلى التأثيرات الاقتصادية السلبية فالكثير من المهاجرين هم من أصحاب رؤوس الأموال التي كانت يجب أن تُستثمر في المنطقة و لكن بسبب خوف صاحب رأس المال من تردي الاوضاع الامنية هاجر هو مع رأس ماله ، وايضاً ارتفاع تكاليف الهجرة يؤثر سلبا على اقتصاد المنطقة .
أما تأثيرها على المهاجر نفسه فهو يذهب لبيئة اجتماعية جديدة يصعب عليه التأقلم معها ، وقد يستغرق معه التأقلم عدة سنوات من عمره ، بالإضافة للتأثيرات النفسية السلبية على نفسية المهاجر من حيث الاحساس بالغربة و الاشتياق للأهل ، قد تكون سبباً للالتجاء لأساليب غير أخلاقية للترويح عن النفس” بحسب عبد الرحيم تخوبي
وباتت قصص استغلال المهاجرين السوريين لم تعد تخفى أحد فقد سمعنا عن الكثير من حالات استغلال الشباب السوري واشغاله بأجور زهيدة مقابل أعمال شاقة ولساعات طويلة . وأيضا في الكثير من الاحيان عدم دفع أجر عملهم وخاصة في تركيا وكردستان العراق

الآثار السلبية للهجرة بطرق غير شرعية/التهريب/
حالات القتل والتعذيب على يد حرس الحدود التركية مع المناطق الكوردية للمهاجرين الكورد باتت من الاخبار اليومية على على القنوات والمواقع الالكترونية والصحف وقد وِّثقَت أكثر من 10 حالات قتل وسلمت للخارجية التركية .كما بين حواس خليل عكيد ممثل المجلس الوطني الكوردي في الائتلاف الوطني السوري المعارض في تصريح لموقع شبكة القامشلي عند لقاء الوفد الكوردي بالخارجية التركية في 23 ايار /مايو 2014 ” تم تسليم وثائق تحتوي على صور ومعلومات عن حوادث “قتل واصابات لسبعة عشر اسماً جميعها وقعت على الحدود”
وايضا حادثة بحر ايجة التي راح ضحيتها 60 شخصا ومثلها الكثير
المجلس الوطني الكوردي يعتبر نفسه مسؤولا عن الشعب الكوردي فما الحلول التي أوجدها للحد من هذه الظاهرة
بما أن المجلس الوطني الكوردي هو الذي يمثل الشعب الكوردي أردنا معرفة أهم الاجراءات التي اتخذها للحؤول دون انتشار هذه الظاهرة ” نحن كمجلس وطني كوردي حتى الآن ليست لدينا أية امكانات أو حلول للحد من الهجرة . فمن جهة مازال النظام يستخدم العنف والقتل والوضع الامني غير مستقر وهناك غلاء مفرط وما زال مستقبل سوريا مجهولا لهذا مازال هذه الظاهرة مستمرة ” هذا ما يقوله ابراهيم برو عضو الامانة العامة للمجلس الوطني الكوردي . ويضيف برو ” لا أحد يستطيع اتخاذ اجراءات للحؤول دون انتشار هذه الظاهرة ,لا المجلس الوطني الكوردي ولا أية جهة أخرى وامكاناتنا كمجلس ليست بذلك المستوى , لذا يجب أن يكون هناك تدخلات وقرارات دولية للحد من تزايد الهجرة ”
صفحاتٌ بيضاء لا تحتوي سوى الحنين وتاريخ هجرتهم….صفحاتٌ مرقّمة بأمل العودة…هكذا تكون حياة المهاجرين , لا بل المهجّرين

 

Comments (0)
Add Comment