لا معنى لمحاولة ميخائيل بوغدانوف الإيحاء بأن اللقاء الثلاثي الروسي الإيراني السوري في طهران يمكن أن يشكّل امتداداً للقاء الثلاثي الآخر الذي سبقه مباشرة في الدوحة، هذا غير صحيح لأن عقدة الأسد التي ألقاها سيرغي لافروف على الطاولة في الدوحة، هي عينها التي تحاول طهران تسويقها في إطار ما تسميه “مبادرة معدّلة” للحل في سوريا.
التصريحات بعد لقاء طهران تؤكد أنه جاء مُرسّخاً لفشل لقاء الدوحة حول الأزمة السورية وإذا كان جون كيري وعادل الجبير قد اصطدما بتمسك سيرغي لافروف بعقدة الأسد التي أحبطت كل الحلول منذ البداية، فإن المبادرة الإيرانية التي وضعت في التداول تؤكد التمسك بهذه العقدة، مع محاولة للتعمية عبر الإيحاء بأن بقاء الأسد ضرورة للحرب على “داعش”!
ليس هناك الآن ما يبرر قول إيران إنها عدّلت مبادرتها، فقد كان من الواضح منذ إعلانها عشية مؤتمر “جنيف – ١” انها مجرد محاولة للالتفاف على أي حل سياسي معقول ومقبول، ذلك لأنها تسقط عملية الانتقال السياسي التي يفترض ان تتم وفق روزنامة واضحة لموعد خروج الأسد من السلطة، فهذه هي العقدة التي أحبطت كل مساعي الحل سواء في جنيف أو بعدها في موسكو، والتي استهلكت مبادرة الجامعة العربية ثم أسقطت كوفي أنان فالأخضر الإبرهيمي وستدفع ستيفان دو ميستورا غداً الى النواح “يا حصرماً رأيته في حلب”!
الإعلان عن المبادرة الإيرانية عقب محادثات الدوحة، يؤكد ان كل ما قيل عن حصول تغيير في الموقفين الروسي والإيراني من الأزمة السورية من الأوهام، فها هو بوغدانوف يرد على تصريح رجب طيب أردوغان بأن بوتين قد يتخلّى عن الأسد بالقول “موقفنا حيال سوريا لم يتغيّر ونرى ان تجلس الحكومة والمعارضة الى طاولة المفاوضات لتقرير مستقبل سوريا، وبما يحفظ مصالح جميع الفصائل والقوميات”!
المضحك ان إيران تتحدث عن تغيير في موقف اللاعبين الآخرين أي السعودية وتركيا، وذلك عندما يقول حسين أمير عبداللهيان “نرى تغييراً في استراتيجية اللاعبين الإقليميين من الأزمة السورية، لقد ظنوا ان الحرب هي الحل والآن يفضلون التركيز على الديبلوماسية”، وهذا مناقض للحقائق لأن الاسد وداعميه الروس والإيرانيين هم الذين راهنوا على الحل العسكري الذي استولد “داعش” وهم الذين يواظبون على تدمير الحلول السياسية الممكنة عبر تمسكهم بالأسد.
المبادرة الإيرانية المعدّلة من أربعة بنود: وقف فوري للنار، تشكيل حكومة وحدة وطنية، تعديل الدستور بما يطمئن كل السوريين، إجراء انتخابات في إشراف مراقبين دوليين… هل هذه مبادرة وهل فيها ما يشير الى الانتقال السياسي، أم ان المطلوب من السوريين ان يدفنوا قتلاهم ويعودوا الى نظام الإذعان؟
راجح خوري