ليس أمام القوى السياسية العراقية الممثلة في البرلمان خيارات كثيرة في جلسة اليوم التي وصفها نواب وناشطون بأنها «تاريخية»، فبعد إعلان رئاسة مجلس النواب بث وقائع الجلسة مباشرة والتصويت برفع الأيدي، سيكون النواب أمام خياري تمرير الإصلاحات أو رفضها، من دون إعطائهم فرصة كبيرة لمناقشتها أو تعديلها. (للمزيد).
وتحدثت «الحياة» أمس إلى نواب من كتل مختلفة، فأعرب معظمهم عن حيرته في طريقة التعامل مع جلسة يتعرضون خلالها لضغوط مباشرة من الشارع الغاضب، ومن حضور قوي للمرجع الأعلى علي السيستاني.
وعلى رغم اعتراض بعضهم على الإصلاحات، وتشكيك آخرين في دستورية قرارات رئيس الوزراء حيدر العبادي، مثل نواب رئيس الجمهورية الذين طاولهم العزل، نوري المالكي، وأسامة النجيفي، وإياد علاوي، بالإضافة إلى بعض نواب التحالف الكردستاني، إلا أن طبيعة الأزمة التي تواجهها القوى السياسية، والضغوط غير المتوقعة من الشارع مدعومة بتأييد المرجعية الدينية في النجف، وتهديد مقتدى الصدر بحشد تظاهرات مليونية أمام البرلمان، كل ذلك يغلق النوافذ أمام مناقشة الإصلاحات.
وامتثالاً لهذه الضغوط، قرر رئيس البرلمان سليم الجبوري أمس تحويل الجلسة علنية، ونقلها مباشرة للمرة الأولى، بعدما كانت تبث مسجلة، كما قرر أن يكون التصويت برفع الأيدي بدلاً من التصويت الإلكتروني، ليكون بإمكان المواطنين معرفة الرافضين والموافقين. وأضاف الجبوري فقرات جديدة إلى الإصلاحات تتعلق بعمل البرلمان، من بينها فصل النواب المتغيبين، والبحث في وضع النازحين.
وقدم العبادي أمس حزمة الإصلاحات التي تتناول جوانب إدارية، مثل عزل نواب رئيسي الجمهورية والوزراء، وتقليص الوزارات من 27 إلى 15 وزارة بإلغاء بعضها ودمج أخرى، واستبدال عدد من الوزراء. كما تضمنت عدم خضوع أصحاب المناصب العليا، من وكلاء ومستشارين ورؤساء هيئات، لنظام المحاصصة، واختيار بدلاء لهم على أساس الكفاءة، ومنحه صلاحيات إضافية تخوله تكليف أو إعفاء المديرين العامين، وتشكيل لجنة برئاسته لاختيار الكوادر الإدارية.
وشملت الحزمة تقليص مخصصات كبار المسؤولين وخفض عديد حراسهم، وإعادة هيكلة نفقات الدولة وإيراداتها، ومعالجة التهرب الضريبي، وخفض الحد الأعلى للرواتب التقاعدية.
وتداولت الأوساط السياسية في الكواليس، طوال اليومين الماضيين، هذه الإجراءات، ومع أنها أيدتها إعلامياً، غير أن الكثير من القوى ترى أنها تمنح العبادي صلاحيات غير مسبوقة، ما يهدد شعبيتها وقدرتها على إدامة زخمها السياسي.
ويدرك العبادي أنه أحرج القوى السياسية المختلفة، ومنها حزبه (الدعوة) أمام الشارع، لكن تقديرات تلك القوى لحجم الأزمة تمنعها من الاعتراض، خصوصاً أن التظاهرات المتصاعدة بإمكانها إطاحة النظام السياسي كله.
وعلى رغم أن شكل الأزمة، في ظاهره، يبدو صراعاً شيعياً – شيعياً، خصوصاً أن الشارع الرئيسي الذي يمارس الضغط هو الشارع الشيعي في محافظات الجنوب، وبقيادة المدنيين في بغداد، إلا أن القوى السنية والكردية تتعرض بدورها لضغوط مشابهة، ولا تجد أمامها إلا الموافقة على الإصلاحات، حتى وإن أبدت ملاحظات عليها.
وتشير المعطيات إلى أن الاعتراض الأهم الذي ستواجهه حزمة الإصلاحات في البرلمان، هو إصدار العبادي قراراً بعزل نواب رئيس الجمهورية، باعتبار أن مثل هذا القرار يقع خارج صلاحياته، لكن الاعتراضات شكلية، على ما يقول خبراء قانونيون، وستنتهي بموافقة البرلمان عليها، أو بتقديم رئيس الجمهورية فؤاد معصوم طلباً لتطبيق الإصلاحات، وقد شرعن قرارات الحكومة أول من أمس حين أيدها.
المناورة المتوقعة في هذا الصدد قد يقوم بها عدد من أعضاء كتلة «دولة القانون» لإبقاء زعيم الكتلة، المالكي في منصبه، وهي مناورة تجمع الأوساط السياسية على أنها قد تلهب غضب الشارع، ما يدفع كل القوى السياسية، بما فيها كتلة المالكي، إلى تقديم تنازلات، خصوصاً أنها لا تمتلك الوقت الكافي للبحث في البدائل.
وليل أمس قالت مصادر أمنية وطبية إن 24 شخصاً على الأقل قتلوا وأصيب 55 اخرون ليلاً عندما انفجرت سيارة ملغومة في سوق بعقوبة بشرق العراق.
وأضافت المصادر أن سبعة آخرين قتلوا وأصيب 25 في تفجير آخر شرق المدينة. ولم تعلن اي جهة على الفور مسؤوليتها عن الهجومين.
الحياة