شدد وزير الخارجية الأميركي جون كيري، أمس، على ضرورة تنحي الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة، لكنه قال إن ذلك لا يعني أن عليه الرحيل فوراً، مشيراً إلى أن التوقيت يتقرَّر خلال المفاوضات. وصدر هذا الموقف، وهو أحد أكثر المواقف وضوحاً من إدارة الرئيس باراك أوباما في شأن «الرحيل المؤجل» للأسد، في وقت تتصدّر الأزمة السورية الأولويات السياسية في نيويورك تمهيداً لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تنطلق الشهر الجاري. ولوحظ سعي دول غربية إلى تكريس مبدأ «الفصل» بين الأسد وبين نظامه، من خلال التشديد على ضرورة «رفض التعامل مع الأسد» ولكن في الوقت ذاته التمسك بـ «بقاء هيكل الدولة» تجنُّباً لتكرار السيناريو العراقي، في إشارة إلى حل الجيش والمؤسسات الحكومية في العراق بعد الاجتياح الأميركي.
وقال ديبلوماسي أوروبي في مجلس الأمن إن ثمة ضرورة لتأكيد أهمية «انخراط روسيا» في جهود الحل السياسي، معتبراً أن تدخلها المباشر الحالي (عسكرياً) في سورية هو «لأسباب تتعلق بمصالحها الاستراتيجية في هذا الجزء من البلاد (الساحل)، ولكن أيضاً لكي تكون لها الكلمة الفصل في إطار الحل السياسي».
في غضون ذلك، واصل طيران النظام السوري حملة القصف المكثّف على المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة، وأقدمت «جبهة النصرة» على إعدام جماعي لعشرات الجنود الذين أُسروا في معركة السيطرة على مطار أبو الضهور العسكري في ريف محافظة إدلب. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن «النصرة» وفصائل أخرى إسلامية أعدمت 56 من أسرى المطار، ليرتفع بذلك إلى 71 عدد الجنود السوريين الذين أُعدموا منذ السيطرة عليه في 9 أيلول (سبتمبر) الجاري.
كما قُتل وجُرح عشرات في الهجوم المتواصل للفصائل الإسلامية على بلدتي كفريا والفوعة الشيعيتين قرب مدينة إدلب. وكثّفت فصائل معارضة منخرطة تحت لواء «جيش الفتح» عملياتها العسكرية ليلة الجمعة- السبت ضد الفوعة وكفريا، بعد استهدافهما بأكثر من تسع سيارات مفخخة قاد انتحاريون (ضمنهم سعوديان ولبناني) سبعاً منها ضد مراكز للجان الشعبية الموالية للنظام في محيط البلدتين. وتسبّبت التفجيرات والمعارك في مقتل 21 من المسلحين الموالين للنظام و17 من مقاتلي الفصائل. كما قُتل سبعة مدنيين بينهم طفلان بعد تمكّن انتحاري من الدخول إلى الفوعة وتفجير نفسه، وفق المرصد، الذي أشار إلى مقتل «القيادي الجهادي التونسي «أبو الحسن التونسي»، الذي كان مساعداً لزعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن في أفغانستان، خلال المعارك العنيفة والمستمرة منذ 24 ساعة في محيط بلدتي كفريا والفوعة».
في لندن (أ ف ب)، قال الوزير جون كيري، عقب محادثات مع نظيره البريطاني فيليب هاموند: «على مدى سنة ونصف سنة قلنا إن على الأسد التنحي، ولكن متى وما هي الطريقة… ليس من الضروري أن يحدث ذلك خلال يوم أو شهر أو ما إلى ذلك». وأضاف: «هناك عملية تتطلب من جميع الأطراف أن تجتمع وتتوصل الى تفاهم حول كيفية تحقيق ذلك».
ورحّب كيري بتركيز روسيا جهودها ضد «داعش» في سورية، قائلاً: «نرحب بذلك، ونحن مستعدون لمحاولة إيجاد سبل للقضاء على داعش بأسرع الطرق وأكثرها فاعلية… علينا أن نبدأ المفاوضات، وهذا ما نبحث عنه، ونأمل في أن تساعد روسيا وإيران وغيرهما من الدول صاحبة النفوذ في تحقيق ذلك، لأن (غياب) ذلك هو الذي يمنع انتهاء هذه الأزمة». واستدرك: «نحن مستعدون للتفاوض. هل الأسد مستعد للتفاوض الحقيقي؟ هل روسيا مستعدة لإحضاره إلى الطاولة والعثور فعلاً على حل لهذا العنف؟». وأضاف: «في الوقت الحالي يرفض الأسد إجراء مناقشات جديدة، كما ترفض روسيا إحضاره الى الطاولة للقيام بذلك».
أما هاموند، فاعتبر أنه بسبب التدخل الروسي «الوضع في سورية يصبح أكثر تعقيداً». وأضاف: «نحتاج إلى مناقشة هذه المسألة في إطار المشكلة الأكبر، وهي الضغوط التي يتسبّب بها المهاجرون والأزمة الإنسانية في سورية وضرورة هزيمة داعش». وأعلن أن وجود الأسد يعدّ «جاذباً للمقاتلين الأجانب يدفعهم للمجيء إلى المنطقة».
المرصد