قال وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، بعد محادثات أجراها مع نظيره الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، أمس، إن الولايات المتحدة ستستقبل 15 ألف لاجئ إضافي من كل أنحاء العالم العام المقبل، ما يزيد العدد الحالي إلى 85 ألفًا وإلى مائة ألف لاجئ في عام 2017.
وتعكس تصريحات كيري استعدادًا متزايدًا من جانب واشنطن في المساعدة على التعامل مع موجة ضخمة من المهاجرين السوريين، رغم أن هذا العرض يعتبر ضعيفًا مقارنة بمئات الآلاف الذين يتدفقون على أوروبا بشكل عام، وألمانيا على الخصوص.
من جانب آخر، يلتقي وزراء خارجية مجموعة «فيسغراد»، التي تضم بولندا وجمهورية تشيكيا وسلوفاكيا والمجر، نظيرهم في لوكسمبورغ، اليوم في براغ، لمناقشة أزمة المهاجرين، وفق ما أعلن وزير الخارجية البولندي، غريغور سكيتينا، أمس.
وصرح الوزير للصحافيين: «سنعقد صباح الاثنين (اليوم) في براغ اجتماعًا لوزراء خارجية مجموعة (فيسغراد) مع وزير لوكسمبورغ. وسيلتقي وزراء الداخلية الثلاثاء (غدًا)»، مشيرًا إلى أن «هذه اجتماعات مهمة ومصيرية لمعالجة فورية لقضايا تهم مستقبل أوروبا».
ولا تزال دول مجموعة «فيسغراد» ترفض نظام الحصص لتقاسم المهاجرين الذي اقترحته بروكسل.
في الوقت ذاته، تستمر أزمة المهاجرين في دول البلقان وأوروبا الوسطى مع دخول آلاف المهاجرين إلى النمسا، أمس والسبت، على متن حافلات وقطارات مكتظة، بعد أن رحلوا من دول لم تتمكن أو لم تكن على استعداد لاستقبال أعداد كبيرة من اللاجئين الفارين من الحرب والفقر سعيا لحياة أفضل في أوروبا الغربية.
من جهة أخرى، أصابت كارثة جديدة المهاجرين الفارين عبر البحر إذ قضى 13 مهاجرًا، من بينهم أربعة أطفال، قبالة ساحل تركيا عند اصطدام عبارة بمركب كان يقلهم إلى اليونان، وفق ما ذكرت وكالة أنباء «دوغان» التركية.
ومع وصول آلاف المهاجرين إلى النمسا، أمس، من المجر عبر كرواتيا، قررت بودابست فجأة إعادة فتح حدودها مع صربيا والتي أدى إغلاقها الاثنين الماضي إلى تزايد تدفق اللاجئين إلى كرواتيا.
وفتحت السلطات معبر هورغوس – روسزكي1، الواقع على طريق سريع كان الطريق الرئيسي الذي يربط بلغراد ببودابست قبل أزمة اللاجئين. وأدى إغلاق المعبر إلى زيادة المسافة على آلاف اللاجئين الذين يقطعون رحلة مرهقة عبر دول البلقان للوصول إلى دول أوروبا الغربية، وقالت كرواتيا إن 25 ألف شخص دخلوا أراضيها خلال الأيام الأربعة الماضية.
وخلال الأيام التي أغلق فيها المعبر، أعلنت كرواتيا أنها غير قادرة على استيعاب تدفق اللاجئين وبدأت بإعادتهم باتجاه المجر أو سلوفينيا. وفيما تنتمي كل من كرواتيا والمجر وسلوفينيا إلى الاتحاد الأوروبي، إلا أن المجر وسلوفينيا وحدهما تنتميان إلى معاهدة «شينغن» للفضاء الحر.
وفي ما يتعلق بجنسيات طالبي اللجوء، فيتبين أن معظمهم من السوريين، وقد تلقى الاتحاد الأوروبي نحو ربع مليون طلب لجوء في الفترة الممتدة بين أبريل (نيسان) ويونيو (حزيران). كما يتوقع أن تتلقى ألمانيا وحدها نحو مليون طلب لجوء هذا العام.
وفي قطار توقف عند بلدة «غيكينيز» على الحدود المجرية قبالة شمال شرقي كرواتيا، ينتظر علي المحمودي (59 عامًا)، برفقة زوجته وطفله الذي لم يتجاوز سبعة أشهر فرصة للعبور. وغادر علي وعائلته العراق قبل شهر، ويقول: «نمنا في غابات في مقدونيا. نستطيع أن نتحمل الجوع، ولكننا نريد أن ننام»، مضيفًا: «كل ما أريده هو رؤية طفلي الصغير يكبر».
وتعد هذه أكبر موجة هجرة في القارة الأوروبية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وقد تسببت بخلافات عميقة بين الدول الغربية والشرقية الأعضاء في الاتحاد الأوروبي حول كيفية توزيع اللاجئين بصورة عادلة، كما أثارت تساؤلات حول مصير اتفاقية «شينغن» التي تسمح بالتنقل الحر داخل دول الكتلة المؤلفة من 28 دولة.
وواجهت الحكومة المجرية اليمينية، بشكل خاص، انتقادات دولية بسبب الاشتباكات العنيفة مع المهاجرين، وسارعت إلى إقامة سياج شائك على طول حدودها مع صربيا. وبدأت السلطات المجرية بنقل آلاف المهاجرين إلى حدودها مع النمسا، الجمعة الماضية، في محاولة لإخراجهم من أراضيها. ورغم اشتداد اللهجة بين بودابست وزغرب، فقد أظهرت سلطات البلدين مستوى عاليًا من التعاون على الأرض.
واستقل مئات المهاجرين نحو15 حافلة كرواتية نقلتهم إلى بارانيسكو بيتروفو سيلو، خلال ليلة السبت إلى الأحد، وعبروا سيرا إلى بيريمند في المجر حيث كانت الحافلات المجرية بانتظارهم.
وشوهدت، صباح أمس، الكثير من الحافلات التي تنتظر المهاجرين على الجانب المجري من الحدود، وذكرت الإذاعة الكرواتية أن الكثير من الحافلات توجهت إلى بيريمند. إلى ذلك، استقل نحو ألف مهاجر، السبت، قطارًا في توفرانيك شرق كرواتيا متوجهين إلى نقطة قريبة من بلدة ليتيني المجرية التي سيصلون إليها سيرا.
من جانب آخر، أسفر حادث غرق مركب كان يقل 46 مهاجرا من شمال غربي تركيا إلى جزيرة ليزبوس اليونانية، أمس، إلى فقدان عشرات المهاجرين، فيما أعلن خفر السواحل اليوناني عن إنقاذ 22 شخصا.
وذكر أحد الناجين لوكالة الأنباء اليونانية الرسمية: «كان الظلام دامسًا، وشاهدنا سفينة تقترب منا. حاولنا الإشارة لها بالأضواء الكاشفة والهواتف الجوالة، إلا أنها لم ترنا». وقال إنه بعد غرق المركب، حاول الكثير إبقاء رؤوسهم فوق الماء، وفقد أطفال «لم يستطيعوا رؤيتهم في الظلام»، وفق شهادته.
ومنذ بداية العام، قضى أكثر من 2600 شخص غرقًا من بين نحو نصف مليون خاطروا بحياتهم في رحلات عبر المتوسط للوصول إلى أوروبا.
وفي إيطاليا، قال خفر السواحل السبت إنهم أنقذوا أكثر من 4.500 شخص قبالة السواحل الليبية بعد أن شجع هدوء البحر المهاجرين على القيام بمحاولات جديدة لعبور المتوسط. وذكر حرس السواحل الليبي أنهم أنقذوا 215 لاجئًا كانوا يستقلون قاربين في المتوسط، من بينهم أكثر من 50 امرأة.
ودخل اليونان أكثر من 300 ألف مهاجر هذا العام، معظمهم مروا بأراضيها باتجاه دول أوروبية أخرى. وفر أكثر من أربعة ملايين سوري من النزاع في بلادهم، ويقيم نحو نصفهم في تركيا فيما لجأ أكثر من مليون إلى لبنان ونحو 600 ألف إلى الأردن.
الشرق الاوسط