تضامن العالم الحر مع فرنسا ضد الارهاب وتوعّد الرئيس فرنسوا هولاند بـ «حرب بلا رحمة» على «الحرب في قلب باريس» التي شنّها تنظيم «داعش» ليل الجمعة، حاصداً 129 قتيلاً على الأقل بينهم بريطانيون وتونسيان وبلجيكيان وبرتغالي وحوالى 352 جريح، تواجدوا في ستة مواقع هي مسرح «باتاكلان» و«ستاد دو فرانس» الرياضي ومطاعم ومقاهٍ مكتظة شرق العاصمة وشدد خادم الحرمين في برقية مواساة الى الرئيس الفرنسي على ضرورة «تكاتف الجهود الدولية لمحاربة هذه الآفة الخطيرة التي لا تقرها جميع الأديان السماوية والأعراف والمواثيق الدولية، وتخليص المجتمع الدولي من شرورها «. وبدت باريس «تحت الحصار» بعدما تم نشر 1500 جندي إضافي في باريس ينضمون إلى ٣٠ ألف رجل أمن يتولون حماية 5 آلاف موقع حساس في إطار خطة «فيجيبيرات»
وهدد «داعش» الذي تبنّى الاعتداءات، في بيان أن الفرنسيين على «رأس لائحة أهدافه»، وقال «ما دمتم تقصفون لن تعرفوا الأمان، وستخافون من مجرّد الخروج إلى الأسواق».
ورأى محللون أن اعتداءات باريس هي الأسوأ في أوروبا منذ تفجيرات قطار مدريد عام 2004 التي خلّفت 191 قتيلاً، و»تظهر امتلاك التنظيم شبكة متطورة في القارة الأوروبية، وليس مجرّد متعاطفين ينفّذون عمليات فردية»، باعتبار أن المهاجمين الثمانية على الأقل الذين حمل 7 منهم أحزمة ناسفة نجحوا في تفجيرها، اخترقوا إجراءات حال التأهّب القصوى المطبّقة في فرنسا منذ الهجوم على صحيفة «شارلي إيبدو» الساخرة ومتجر «كوشير» اليهودي في كانون الثاني (يناير) الماضي. وعززت السلطات هذه الإجراءات أخيراً تحضيراً لاستضافة باريس المؤتمر العالمي للمناخ هذا الشهر.
وأكد هولاند أن «داعش» نفّذ الاعتداءات بـ «مساعدة داخلية»، قبل أن يتعرّف المحققون إلى جثة فرنسي «له صلات بمتشددين إسلاميين» وفق أجهزة الاستخبارات، مرجّحة أن يكون أحد مهاجمي مسرح «باتاكلان»، حيث سقط العدد الأكبر من القتلى (87 على الأقل).
تزامن ذلك مع اعتقال الشرطة البريطانية فرنسياً في الـ41 من العمر من منطقة فاندوم وسط باريس، وفي حوزته مسدساً في مطار غاتويك الذي كان أخلي لفترة إثر الاشتباه برزمة.
وعثرت الشرطة في موقع المسرح على جوازي سفر مصري وسوري قرب جثتي مهاجمين، قبل أن يعلن وزير حماية المواطنين اليوناني نيكوس توسكاس، أن حامل الجواز السوري عبر جزيرة ليروس اليونانية في 3 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي بعد تسجيله طبقاً للقوانين الأوروبية».
ووصف المحققون الفرنسيون انتحاريي اعتداءات باريس بأنهم «متمرّسون ومدرّبون جيداً». كما وصفهم شهود بأنهم «شبان واثقون من أنفسهم».
وغداة الليلة الدامية استفاقت باريس على هول وذعر، إثر إعلان الرئيس هولاند حال الطوارئ للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية. وأوضح وزير الداخلية برنار كازنوف أن القرار يفرض حماية خاصة على المنشآت العامة ومنع التظاهرات والتجمعات لمدة أسبوع، ويسمح للمحافظين بإعلان حظر تجول في مناطقهم إذا بدا ذلك ضرورياً لضبط الأمن.
وستقفل صالات العرض والمقاهي والمتاحف موقتاً، مع نشر 1500 جندي إضافي في باريس ينضمون إلى ٣٠ ألف رجل أمن يتولون حماية 5 آلاف موقع حساس في إطار خطة «فيجيبيرات».
وعلّق النشاط الرياضي في العاصمة الفرنسية خلال نهاية الأسبوع. وعززت أيضاً إجراءات الأمن في محطات القطار والمطارات والشوارع والأماكن العامة. كما أعلن كازنوف أن أجهزة مكافحة الهجمات الجرثومية أو تلك التي تُستخدم فيها مواد مشعّة معبأة بالكامل.
وكان هولاند تفقد ليلاً برفقة رئيس الوزراء مانويل فالس وكازنوف ووزير الدفاع جان إيف لو دريان مواقع الاعتداءات في الدائرتين العاشرة والحادية عشرة بباريس، بالتزامن مع نقل جثث ضحايا مسرح «باتاكلان». وحضر الرئيس مباراة ودية لكرة قدم بين المنتخبين الفرنسي والألماني في ستاد دو فرانس برفقة وزير الخارجية الألماني فالتر شتاينماير لدى سماع دوي انفجارين خارج الاستاد، فأخرجه جهاز أمنه الخاص من المكان.
وأعقب الانفجارين، اللذين نجما عن عملية انتحارية هي الأولى من نوعها في فرنسا، إطلاق نار في مسرح «باتاكلان» وفي ستة مواقع مختلفة شمال العاصمة وشرقها. وتبيّن أن مهاجمي المسرح احتجزوا رهائن، ما اضطر القوات الخاصة إلى اقتحام المكان حيث بدا المشهد مروعاً لجثث وجرحى تعرّضوا لإطلاق نار عشوائي من المهاجمين وتفجير قنابل.
ولا يزال هناك تضارب حول عدد منفّذي الاعتداءات. وأكد زعيم المعارضة نيكولا ساركوزي ضرورة تعديل السياستين الأمنية والخارجية للبلاد، في حين شدد رئيس الوزراء السابق ألان جوبيه على أن فرنسا يجب أن تبقى موحّدة في وجه «هذا التحدّي القاتل».
وتلقت فرنسا أمس سيلاً من إعلانات التضامن معها في مصابها. وفيما استنكرت دول عربية وغربية «مذبحة باريس» بأشد العبارات، ودعت إلى تعزيز التنسيق الدولي لمكافحة الإرهابيين، سارعت الولايات المتحدة ودول أوروبية عدة إلى تشديد إجراءات الأمن خشية وقوع هجمات مماثلة على أراضيها، وتم اللجوء إلى نشر وحدات من الجيش في بعض المدن الأوروبية الكبرى. ولوحظ حديث قادة أوروبيين عن أن الغرب بات في «حال حرب ضد داعش»، مع التشديد على أن هذا التنظيم لا يمثّل الإسلام.
الحياة