قالت صحيفة ذي تايمز البريطانية إن أكثر من ثلاثة آلاف طفل سوري يهيمون على وجوههم بأوروبا دون رفقة، واصفة إياهم بأنهم “مطروحات بشرية” من حرب “مخزيّة” على مشارف عامها السادس.
وأشارت الصحيفة في افتتاحيتها اليوم الثلاثاء إلى أن العديد من أولئك الأطفال يتامى تراكمت عليهم آثار الصدمة من الصراع الدائر في بلدهم مع محنة المنفى، معتبرة أن ما يحدث لهم “ليس من القانون الطبيعي للأشياء”.
ولعل هؤلاء الأطفال تنطبق عليهم مقولة المؤرخ الإغريقي القديم هيردوت ومفادها أنه “في زمن السلم يدفن الأبناء آباءهم، وفي وقت الحرب يدفن الآباء أبناءهم”. أما الخطر الذي يحدق بهم في شتاء هذا العام في أوروبا فيتمثل في أن ما من أحد سينتبه إلى أن هؤلاء الأولاد والبنات الذين هجرهم آباؤهم ستُكتب لهم الحياة أم سيقضون نحبهم، بحسب الصحيفة.
وترى الصحيفة أن بريطانيا يمكنها مساعدة هؤلاء الأطفال بعد أن ساهمت بمبلغ 1.1 مليار جنيه إسترليني (1.56 مليار دولار أميركي) في جهود الإغاثة التي استهدفت أساسا أولئك اللاجئين الفارين من القصف في سوريا إلى المخيمات في الأردن ولبنان.
وتقول الصحيفة “لما كان التمويل من مصادر غير بريطانية غير منتظم في الغالب، وطالما أن الأردن ولبنان كليهما يئن تحت وطأة ضغط اللاجئين، اضطر الآباء أو أولياء الأمور إلى سحب أطفالهم من المدارس ودفعهم إلى العمل، ودُفعت الفتيات دون سن 13 عاما إلى الزواج لتقليل عدد الأفواه التي هي بحاجة إلى إطعامها داخل الأسرة، وبات التسول أمراً مألوفا، بل هناك تقارير تتحدث عن ظاهرة بغاء وسط الأطفال”.
فليس من الغريب والحالة هذه -تقول ذي تايمز- أن يتواصل تدفق المهاجرين من مناطق يُفترض أنها ملاذات آمنة، عبر البحر الأبيض المتوسط ونحو أوروبا دون انقطاع. فالعائلات في حالة فرار بل تُعرّض أطفالها للخطر، ليس بحثاً عن رخاء بل عن كرامة أيضا.
وبحسب الصحيفة، فإن ثمة جانبا أخلاقيا لاستضافة هؤلاء الأطفال الذين تقطعت بهم السبل في مكان ما داخل أوروبا. وأضافت أن الجمعيات الخيرية البريطانية ظلت تقدم المساعدات الغذائية وفراش النوم للاجئين في مخيم “الغابة” بمنطقة كاليه الفرنسية، غير أن الأطفال هناك بحاجة للحماية والتعليم والبيئة الآمنة أكثر من حاجتهم إلى مكان جاف كمأوى.
وحثت الصحيفة البريطانيين على إيواء “الأطفال اللاجئين” في منازلهم وتقديم العون المالي لهم على غرار ما حدث لنحو عشرة آلاف طفل يهودي انتُزعوا من أيدي النازيين الألمان إبان الحرب العالمية الثانية.
وختمت ذي تايمز افتتاحيتها قائلة إن أمام بريطانيا فرصة “استثنائية” في هذا الزمن “المظلم” عليها أن تغتنمها، “إنها فسحة أمل لجيل ضائع”.
كلنا شركاء