إعداد : ميديا الصالح
لطالما كانت المرأة الكوردية مثالاً للنضال فقد كانت ولا زالت تناضل من أجل حقوق الشعب الكوردي قبل المطالبة بحقوقها ومع بدء الثورة السورية كان للمرأة الكوردية الدور البارز وعن ذلك تحدثت لنا اسمهان داود ممثلة تيار المستقبل الكردي في سوريا في ممثلية اقليم كردستان للمجلس الوطني الكردي قائلة “منذ اللحظات الأولى لاشتعال الثورة السورية كانت المرأة الكردية مشاركة بشكل فعال في الثورة حيث كانت من الأوائل الذين خرجوا إلى الشارع والمناداة بإسقاط النظام , منادية بأعلى صوتها للمطالبة بحقوق شعبها القومية المغتصبة من قبل الأنظمة الدكتاتورية عبر قرون عدة “.
من جهتها قالت نجاح هيفو مسؤولة منظمة الاتحاد النسائي رودوز ” منذ اندلاع الثورة وحتى توهج شرارتها كانت دائما السباقة للروح النضالية الأولى في جميع التظاهرات التي كانت مشعلا للثورة , المرأة لم تلعب الدور النضالي في الثورة بقدر ما كانت القائدة لهذا النضال”
وقد عبرت ميديا محمود وهي باحثة في شأن المرأة عن رأيها بمشاركة المرأة الكوردية في الثورة السورية قائلة “لقد أعطت المرأة الكردية للثورة السورية رونقاً ولوناً جميلين، فقد شاركت بكثافة في الحراك السلمي الثوري، خرجت في التظاهرات منذ أول يوم جنبا إلى جنب مع الرجل بدون خوف أو وجل، كانت إعلامية وناشطة في المجتمع المدني كما شاركت في الحراك السياسي الثوري، إذ أسهمت في تأسيس أحزاب وتكتلات”.
وفي سؤال لنا عما اذا كانت المرأة الكوردية قد اثبتت نجاحها سياسيا وما هي العوائق التي وقفت أمامها؟ اجابت داود “على الرغم من الكثير من العوائق التي وقفت في وجه النضال السياسي للمرأة الكردية إلا إن المرأة الكوردية تحدت كل الظروف والعادات والتقاليد البالية كاسرة تفرد الرجل في التحكم بالساحة السياسية , فبتنا نشاهد المرأة في الصفوف الأمامية لأي حركة سياسية كردية تناضل من أجل الديمقراطية والحرية والحقوق المغتصبة, فالحرية تبدأ بحرية المرأة وتحررها من الظلم والتهميش , فنلاحظ وجود الكثير من القياديات النسائية في مقدمة الأحزاب والحركات السياسية الكردية وإن لم تكن بالمستوى المطلوب ولكنها تدل على قدرة المرأة على مجاراة الرجل في جميع المجالات بما فيها المجال السياسي” .
أما ميديا محمود فقد اجابت عن هذا السؤال ” لا ،لم تثبت المرأة الكردية نجاحها السياسي عموماً، العوائق كثيرة، بعضها يطال الحراك السياسي بمجمله، والبعض الآخر يتعلق بظروف تخص النساء، مثل الظروف الاجتماعية التي تحد من حرية تحرك النساء، كذلك يمكن إضافة الفساد في المجلس الوطني الكردي، الذي أعطى الفرصة لصعود البعض ممن لا تملكن الكفاءة.”
عن السؤال ذاته أجابت هيفو ” سياسيا لا أعتقد وهذا نابع بالدرجة إلاولى من غياب الوعي عند الرجل السياسي ذاته اذا كنا أما سياسة للفصل نستطيع القول في ظل غياب الثقافة السياسية الكل ينقلب سياسيا هذا رأي الشخصي”
وفيما يتعلق بتحول المرأة من مجال النضال لكسب حقوق المرأة والدفاع عنها الى السياسة أشارت هيفو أن ” المرأة وفي ظل غياب الدولة والرقابة تضيع حقوقها أكثر من اكتسابها لتلك الحقوق مجازا أستطيع القول انخرطت فيه عنوة ولا ادري تبعيات السلبيات من يتحملها, المرأة والقبول أم الرجل والتبعية”
وقد أوضحت محمود أن السياسة هي الأصل، وهي تلقي بظلالها على كل مناحي حياة المجتمع، الاجتماعية، التربوية والاقتصادية .. الخ ، النضال ضمن المنظمات النسائية مهم جدا من أجل تعريف المرأة بحقوقها، وتسليط الضوء على الانتهاكات الحاصلة بحقها، ونشر قيم المساواة، لكن تجسيد هذه القيم يتجلى في أخذ المرأة للزمام في المبادرات الاجتماعية، ومشاركتها الحثيثة في الشأن العام، وفي الشأن السياسي على وجه الخصوص، فخوض المرأة عالم السياسة بفعالية وحزم، هو انعكاس لتطور المجتمع ورقيه، أما الوجود الشكلي للمرأة فيه فهو كعدمه، لا يقدم ولا يؤخر.
اما داوود “بسبب الظروف الحالية التي تمر بها سوريا بشكل عام وكوردستان سوريا بشكل خاص كانت المرأة الكردية أمام اختبار صعب , حيث فضلت التحول من الجانب الشخصي إلى الجانب القومي , للمساهمة في الدفاع عن حقوق شعبها والمطالبة بحقوقه حيث ترى بأن مشاركتها في المطالبة والحصول على حقوق شعبها هي بحد ذاتها انتصار للمرأة وإثبات لقدرة المرأة على التمرس السياسي والمشاركة بما هو اصعب بالنسبة للمرأة الا وهو السياسية” .
و بعد بدء الثورة السورية بات واضحا ظهور الكثير من المنظمات والجمعيات النسائية فهل تعتبر هذه الظاهرة ايجابية ام سلبية عن ذلك أشارت ميديا محمود “العبرة ليست في عديد هذه المنظمات، فكثرة التنظيمات النسوية حالة صحية، لكن العبرة في الهدف من وراء إنشائها، هل أنشئت عن إيمان من قبل النسوة المؤسسات لها بالقيم النسوية؟، وبالتالي تحسين أوضاع النساء ومن ثم المجتمع؟، أم من أجل مكاسب معنوية أو مادية لهن.
فكثرة تنظيمات المجتمع المدني مستحسن، إذا كان الكل يعمل بما كرسّ نفسه له، وسادت حالة من التناسق والوئام بينها وليس العدوانية والإساءة كما يحصل، والسبب الرئيسي وراء ذلك هو هذه الهبّة المرضية في السعي وراء المناصب والمكاسب، والتدخل السلبي لبعض الأحزاب في الحراك المدني.
أما نجاح هيفو فقد بينت أنه “في ظل غياب المؤسساتية وفي ظل التغييب الإعلامي لمفهوم المدنية لا يستغرب ابدا هكذا وضع انا اعتبره إيجابا من ناحية التنظيم العملي الذي يحصد نتائجه إيجابا لصالح المرأة”
في السياق ذاته قالت اسمهان داود “بالتأكيد هذا ما كنا نفتقده قبل الثورة , حيث تساهم هذه الجمعيات والمنظمات في إخراج الطاقات الكامنة داخل المرأة والتي كانت تستغل لأجل أمور المنزل والحياة اليومية , وبدخول هذه المنظمات والجمعيات إلى مجتمعاتنا فتحت المجال أمام المرأة للانخراط بشكل أكبر في مجالات الحياة المختلفة السياسية والثقافية والاجتماعية وكذلك العسكرية” .
وبما ان هدفا واحدا يجمع تلك التنظيمات وهو حقوق المرأة فلماذا لا يكون هناك اتحادا يشمل كافة المنظمات الموجودة وما هي العوائق التي تقف امام هكذا وحدات؟ عن ذلك اجابت اسمهان داود “الوحدة هي ضرورة ملحة في جميع الحركات والأحزاب والمنظمات , والمنظمات الموجودة مثلها مثل الحركة السياسية تعاني التفرقة والانقسام والتعددية واظن بانه في الوقت الحالي يصعب جمع هذه الحركات والمنظمات ضمن إطار واحد بسبب عدم وجود أرضية مناسبة لقيام خطوات كهذه , حيث تعيش البلاد في حالة من الحرب والفوضى ,و الشارع الكردي مهتم بتوحيد الحركة السياسية في الوقت الحالي اكثر من المنظمات, مع إني أرى في موضوع توحيد الحركات النسائية خطوة مهمة ولكنها تبدو ثانوية في الوقت الحالي” .
اما لنجاح هيفو راي مختلف بينته لنا ” لا يعتبر ابدا عدم وحدة تلك المنظمات هيمنة أو تسلط ابدا فكل واحدة منها تضم النخبة والكادر العملي الذي يشهد له ولكن يبقى واقع الحال الذي وصل إليه الوضع الكردي حاجزا لغياب مثل هكذا خطوة نتمنى ونأمل الوصول لأنها حقيقة مرحلة الاستقرار”
وميديا محمود لا تنصح بالاتحادات ان كانت كيدية قائلة “لا أنصح بالاتحادات النسائية، الأهداف واحدة ولكن الطرق متشعبة، ومجالات العمل واسعة جدا، فلا بأس إذاً من عمل مجموعة من النسوة المتشابهات بالرؤى والتطلعات سوية،
في بيئة صحية يسودها الاتفاق والمحبة، بدلاً من اتحادات كيدية سرعان ما تتحول إلى “انفكاكات”. لكن لا ضير من التشارك في تنفيذ بعض المشاريع، ووجود تنسيق بين المنظمات المختلفة”