الى صديقي ورفيق المعتقل المفكر سلامة كيلة
وليد حاج عبدالقادر
مقدمة : للمفكر سلامة كيلة خاصية ومنهجية تحليلة ولمقامه الفكري ارتأيت أن لا يكون ردي تقليديا ومحوطا بحجج وخرائط ومواقع وانما الأثر وانعكاسه كخاصية الإنتماء .
لعله لا يخفى على أحد مدى إجحاف التاريخ والجغرافيا بكوردستان وشعبها . حيث جزء وطنه وألحق بأربعة دول والتي سعت بكل امكاناتها إن لتعريبه اوتفريسه أو تتريكه ، ولم تأل أنظمتها جهدا وبكل الوسائل بما فيها القوة الجبرية لتسلخ الكوردي عن كيانيته ولتتمنهج هذه الظاهرة بنيويا ويؤسس عليها وقائع تاريخية أنتجت مواقفا ترفض هنا في واقعة وتطوبها بحقائقية مقدسة في واقعة أخرى مشابهة ، وهنا الطامة ومعها السؤال خاصة إذا بادر بعض من ذوي العقول النيرة والمفكرة حقا وكإنعكاس حقيقي للمأزق أو القصور المعرفي لكثير من الحقائق والمعطيات وكإسقاط سياسي ميكانيكي بحت وبالإستناد على ماضوية تراثية تتشرعن على أرضية منهج الإقطاع والمشاع وقوانين العزل والمنح كطابو الهي وبملكية مقدسة من جهة ، وتنظير قوموي متسيس وايضا على ارضية لا معرفية / قصور المعرفة / لا الوعي المعرفي من جهة أخرى ولا إبالية في استنساخ الأسهل تناولا و .. في نفي معرفي ثانية لأي بعد أو عمق بخاصية جغرافية / تاريخية ، وهنا ، وبعيدا عن القداسوية والنقاء الممض كما القوننة الإلهية والحقوق المقدسة ولئلا نجير بعيدا عن لازمة الحق بما هو حق و .. ايضا ليس دفاعا عن امر هو محتوم بخصائصيته واعني بها كوردستان الوطن المجزأ وشعبه الذي حافظ وبفولكلوره وتراثه وبإرثه قاوم في ملحمة الحفاظ على الذات أمام جبروت ثقافات قوية جدا واعني بها الفارسية والتركية والعربية .. ومن جديد وبعيدا عن الردود والإحتكام الى التاريخ وبالترافق مع معاول الحفر والبحث الأيكولوجي ومنظومة / هنا كانوا ، أو مروا أجدادنا / نرى أن الكورد وبخاصية وطنهم كوردستان ككتلة دولانية عامة هم أكثر من أختزن في وعيه وإرثه ميثولوجية بلاد ما بين النهرين والتي تجذرت في مفهومي النقيضين : الحياة / الموت ، الربيع / الخريف ووفق دورانية الطبيعة بحيواتها خاصة في مجتمع رافدي زراعي / رعوي حياته ومعيشته كلها مرهونة بطقس مناخي لعب فيه ثقافة الموه وشكلت البنية الجدلية الأساس برمزه الرجولي / البعل آبسو الإله السماوي او السماء وزوجته الإلهة الأم تامات اي الأرض والتي تتلقى ماء زوجها فتعيد دورة الحياة ولتتلاقح وتتواءم وفق نمط الإنتاج بشقيه الرعوي / الزراعي والمرتبطة اساسا بدورة المناخ ، هذين النمطين والذين نعرفهما كورديا ب / كوجر – ديمانا / ولتتعمق هذه الثقافة وتضرب بجذورها عميقا في كافة مناحي الوعي الكوردستاني وتدخل في خصائصية فولكلورية ومناسباتية كوردية كالأعياد والمناسبات او الفنون كالرقص والغناء بطقوسها المترافقة لنمطي الإنتاج الزراعي والرعوي والتي حددت ايضا نمطية الوعي وليتمحور الغناء الكوردي ويصطف في نسقية / بي ظوك / الخريف و / بهاريان / الربيع ومتقمصة نزعويتها الحنينية والمتلوعة كتجسيد لحالة حزن شديد بالتماهي مع ارشكيجال ودوموزي بشخصيتيه الرعوية منها والزراعية وتحتضن / هذه النمطية / أغاني / حيرانوك / و / سريلي / كطقس اشبه ما تكون بحالة الشعائر الجنائزية المترافقة وذهاب دوموزي الى العالم السفلي لمدة ستة اشهر في محاكاة لموسم الجفاف ويباس العشب والنبات وبالتالي الموت العضوي لها في انتظار أن يبدأ آبسو الإله الأب وموسم خصبه وبالتالي هطول مطره بغزارة لتتلقفها الإلهة الأم تامات / الأرض / فتنمي وتحيي النبات والكلأ في احشائها ومع بزوغ فجر الربيع تبدأ طقاطيق الفرح والسرور وبالترافق مع حلقات الرقص الخاصة ايذانا على الصعيد الطقسي بعودة الحياة الى البيئة من جهة وميثولوجيا عودة دوموزي الى العالم في انهاء لدورة الموت وقد لخص الكورد عبر تاريخهم الطويل او جسدوا هذا الوعي بايحاءات طقسية ورمزية وزاوجوها بأداءات فولكلورية رائعة تحاكي لابل تلخص كل آفاق الوعي سواءا بالموسيقى المجردة كما في انشودة العبادة الحورية او معزوفة بابل / نينوى ومن دون الإرتهان مطلقا الى التاريخوية الصرفة يمكننا العودة الى ممارسات وطقوس حفلات الزفاف ومجرياتها / لي موجز منشور قبل سنين بعنوان العرس في بوطان / والتي تجسد حفلات الإينوماليش ومجرياتها / احتفالات رأس السنة البابلية / حينما يتجرد فيها الملك طواعية من السلطة ويحاكم من قبل العامة او الكاهن الأكبر وحالة تقاطعها والعرس البوطاني في اليوم التالي لقدوم العروس – بربيدي – أي روچا سر سبه هي يي – / حيث يخرج العريس مع – برا زاڤا – وصفوة الأصدقاء الى الطبيعة وهنا يحاكى الحدث / الدراما نمطين او توجهين فيما اذا كان العريس قد اكمل طقس زواجه ام فشل فيها حيث تعقد جلسات محاكمة بتعيين قضاة وشرطة باسماء وصفات خاصة الى غياب الشمس / . وهنا وبعجالة سريعة فأن كل المظاهر والأمثلة والقصص الشعبية الغارقة في القدم تتجسد فيها هذه السياقية التاريخي ولتحدد النمط المتسلسل وبدورانية شبه متسلسلة حول اسطورة الخلق وبالتالي السعي لتأمين مستلزمات ديمومتها واستمرارها فتتجلى احداثيات العرس كلها لتنطق وتعبر عن ذلك منذ بداية اختيار الفتاة الى الخطوبة واستعدادات الزواج وتجهيزاته ولتتمحور عملية غسيل الصوف / ڤه جراندنا هريي / و / كري دانا دوشه ك و لڤينا / الى ما يشبه أقلمة الأرض وحراثتها وبالتالي وبرؤوس النسلة حياكتها بما يشبه نثر البذور وبالترافق مع اهازيج خاصة قبيل الزفاف مرورا الى طقوسها المتعددة الى يوم جلب العروس وخروج العريس مع خلانه الى مكان عال سطح الدار مثلا ورميه بجرة فخارية فيها بعض من الحبوب والحلويات واضيف اليها نقود فيما بعد ، ومن جديد ودون الدخول في تفاصيل اكثر ، فأن الأغاني والأهازيج تشي ايضا بتطابقيتها مع ما ذكر ، فحين إخراج العروس / الفتاة من بيت اهلها وسط بكاء مرير والم فراق حاد تصدح الحناجر اناشيد جد حزينة / راكن بينن بوكي دلالي / .. ولربما بعد انعطاف اول شارع وبالقرب من دار العريس تتحول الزفة الى مهرجان غنائي ربيعي و .. كرمز تبادلي وتحول من حالة او نمط حياة سابقة الى حياة جديدة وتشكل أسري جديد ، وهكذا دواليك .ولعله من المفيد جدا هنا ذكر بعض من انماط الغناء الخاصة بالمجتمع الرعوي / بيريته .. بيريڤاني / و الزراعي / أغاني الحصاد باله هي ، جاندني / وتعد أغنية / شاه ميراني مال ويراني باله كرتو بصض زيراني / والتي تعود الى مرحلة سيادة المرأة للعائلة والمجتمع / وتواتر كما تداخل / لاوك / بحرفه المتعددة / ممي شڤان . ممي كاڤان ، گوري ، گجل / و / قول ي جوتيار وشڤانا / وألاف القصص والأمثال التي حاكت البيئة الرافدية في انعكاس حقيقي لنمطية الإنتاج وبالتالي طغيان الصناعة او الحرفة / زمبيل فروش / كاوا / ي هسن كر / .. وخلاصة القول يحضرني هنا مقولة للفيلسوف الصيني كونفوشيوس حيث يقول ما معناه / إذا أردت ان تعرف عراقة شعب من الشعوب فانظر في موسيقاه / ، والعراقة هنا أعني بها الإنتماء الى البيئة وبالتالي الواقع واعني بها بلاد ما بين النهرين ، ولعله اصبح من السهل جدا الإلتجاء الى واقعية ملموسة جدا ومشفوعة بخرائط جغرافية ووثائق تعود بعائديتها الى فترات ما قبل السلطنة العثمانية واثنائها فتفسر خصائصية المنطقة وانتمائية ناسها ، هذه المنطقة التي نسميها بالجزء الملحق من كوردستان بسوريا ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى لا يجوز بالمطلق – برأيي – النظر الى وطن قطعت اوصاله بمشرط جراح غير ماهر مثل سايكس / بيكو و .. ببساطة شديدة نسقط عنها الخصائصية القومية كأرض تاريخي لمجموعة بشرية وجدت تاريخيا في تلك المنطقة والتي وعلى سبيل المثال فأن قسما كبيرا من سهوبها سميت ب / دشتا هسنا / التي غطت سهولها حوض دجلة ومساحة كبيرة من اجزاء كوردستانية ثلاث ، أضف الى ذلك العشرات من القرى والتي لازالت قبور الأجداد بارزة وواضحة فيها ….