موسكو تُقنع أنقرة بـ «تطبيع» علاقاتها مع دمشق

فشل هجوم جديد شنته فصائل سورية معارضة في إبعاد القوات النظامية عن طريق الكاستيلو وبالتالي فك الحصار عن أحياء حلب الشرقية التي تشهد نقصاً كبيراً في المواد الغذائية تسببت في طوابير من المواطنين الذين انتظروا لساعات طويلة أمام الأفران من أجل الحصول على أرغفة قليلة من الخبز. وترافق فشل الهجوم الجديد الذي قامت به «جبهة النصرة» وفصائل مسلحة أخرى، مع موقف لافت لـ «حركة أحرار الشام الإسلامية» التي نأت بنفسها عن المعركة ووصفتها بأنها بمثابة «انتحار عسكري».

 

وجاء تراجع فصائل المعارضة على جبهة الملاح قرب طريق الكاستيلو بعد غارات عنيفة تردد أنها طائرات روسية شنتها على مواقعها، ما اضطرها إلى الانسحاب من المواقع التي تقدمت إليها.

 

واستمرت الاشتباكات أمس في مدينة منبج في ريف حلب الشمالي الشرقي، وسط معلومات عن تقدم جديد لـ «قوات سورية الديموقراطية» التي سيطرت على دوار السبع بحرات على رغم تفجير تنظيم «داعش» ما لا يقل عن ثلاث عربات مفخخة في القوات المهاجمة المدعومة بغطاء جوي من التحالف الدولي وبمستشارين عسكريين أميركيين. وبالتزامن مع معارك حلب، أفيد بأن عشرات الأشخاص قُتلوا في غارات عنيفة شنتها طائرات لم يُعرف إذا كانت سورية أم روسية على اريحا (إدلب) والرستن وتلبيسة (حمص).

 

وعشية بدء وزير الخارجية الأميركي جون كيري محادثاته في موسكو اليوم والمتوقع أن تركّز على الملف السوري، صدر موقف جديد لافت من أنقرة عن احتمال «تطبيع» العلاقات مع دمشق. ومنذ الإعلان عن «الاعتذار» الرسمي التركي لروسيا عن اسقاط الطائرة الروسية على الحدود السورية وفتح صفحة جديدة في العلاقات معها ومع إسرائيل، لم تتوقف تصريحات المسؤولين الأتراك عن أن الخطوة المقبلة ستكون المصالحة مع سورية ومصر، لكن من دون إعطاء أي تفاصيل أو السماح بطرح أسئلة في مؤتمرات صحافية عن كيفية حدوث ذلك أو متى.

 

ويقود رئيس الوزراء بن علي يلدرم هذه الحملة، ويكاد لا يخلو خطاب رسمي له من الحديث عن إصلاح العلاقات مع سورية ومصر، إلى درجة أنه استخدم مصطلح «تطبيع» العلاقات مع سورية في حديثه أمام كوادر حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم في أنقرة أمس الأربعاء.

 

ويقرن يلدرم حديثه عن المصالحة بوجود «ضرورة» لها، ويربطها باستقرار المنطقة وانتهاء الحرب في سورية، تاركاً للمعارضة والإعلام في تركيا حرية اطلاق الخيال في الحديث عن آلية المصالحات المنتظرة وعمقها، بين من يقول إنه لن يفاجأ إن سمع خبر سفر الرئيس رجب طيب أردوغان إلى دمشق للقاء الرئيس بشار الأسد، ومن يقول إن هذا كله كلام للاستهلاك الإعلامي والديبلوماسي وإن المصالحة مع سورية يُقصد بها عودة العلاقات مع دمشق ولكن بعد رحيل الأسد وليس أثناء حكمه.

 

وجاء حديث بن علي عن «تطبيع» العلاقات مع سورية بعد يومين من حديث الرئيس أردوغان عن سعيه إلى إعادة العلاقات التي انقطعت مع بعض الأطراف بسبب أزمة سورية والإرهاب، ويشي ذلك بأن هناك تواصلاً من نوع ما بين أنقرة ودمشق، ربما عن طريق وسيط روسي يضبط إيقاع هذا التواصل. وهناك من يرجّح في أنقرة أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يماطل في إعطاء تاريخ محدد للقائه بأردوغان إلى حين التأكد من أن تركيا ستضغط على وفد المعارضة السورية لتذهب إلى جنيف ضمن وفد موسع وتقبل هناك ما رفضته في الجولة السابقة من بقاء الأسد في الفترة الانتقالية وتشكيل حكومة «وحدة وطنية»، إضافة إلى رغبة موسكو في التأكد من تعهد تركيا إغلاق حدودها أمام المسلحين والتوقف عن دعم المعارضة المسلحة في شمال سورية. ومن الملاحظ أن أنقرة التي كانت تحذّر دائماً من كارثة انسانية وموجة نزوح مليونية في حال حوصرت حلب، لا يُسمع أي تعليق منها حالياً على سقوط آخر خطوط الإمداد عن المعارضة المقاتلة في حلب والتي باتت محاصرة حالياً.

 

وفي هذا الاطار، يكرر بن علي تصريحاته عن سورية في شكل مستمر وكله أمل بأن تسمع موسكو ذلك من أجل تسريع عجلة المصالحة الروسية – التركية، كما يُعتقد. لكن يستبعد محللون أتراك أن يكون هناك هدف تركي فعلي بإعادة العلاقات مع الرئيس بشار الأسد، ويعتبرون أن أنقرة تستعد منذ الآن لعلاقات جيدة مع «حكومة وحدة وطنية» في دمشق تتقاسمها المعارضة وحكومة الأسد في حال نجاح الجولة المقبلة من مفاوضات جنيف. وعليه فإن التصريحات التركية تهدف، على ما يبدو، إلى التأكيد لموسكو أن أنقرة توافق على خريطة حل توافقي جديدة مع موسكو في سورية «تترك مصير الأسد للسوريين» وليس للمعارضة المسلحة

 

الحياة

Comments (0)
Add Comment