تصل وفود الحكومة السورية وقوى المعارضة، بمن فيها «الهيئة العليا للمفاوضات» ومجموعتا موسكو والقاهرة إلى جنيف اليوم على أمل أن يجمع المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا المشاركين غداً حول طاولة مستديرة لإطلاق مفاوضات تستمر أسبوعين للبحث في «الانتقال السياسي».
في الوقت ذاته توغلت فصائل «درع الفرات» المدعومة تركياً في مدينة الباب وسط معارك ضارية ضد تنظيم «داعش» الذي خسر أيضاً قريتين سيطر عليهما الجيش النظامي السوري في ريف حلب الشرقي.
ووصل أمس مئات من مسلحي المعارضة وأفراد عائلاتهم إلى قلعة المضيق بوسط البلاد في طريقهم إلى إدلب، بناء على اتفاق مع الحكومة السورية يقضي بإجلاء المعارضة من بلدة سرغايا على الحدود اللبنانية – السورية. ونقلت وكالة «رويترز» مساء أمس عن مصدر عسكري كردي قوله إن تحالف «قوات سورية الديموقراطية» الذي يهيمن عليه الأكرد دخل محافظة دير الزور للمرة الأولى ضمن عملية تدعمها الولايات المتحدة ضد «داعش».
وتأكدت أمس مشاركة مجموعتي موسكو برئاسة رئيس «جبهة التحرير والتغيير» قدري جميل والقاهرة برئاسة جهاد مقدسي إلى جانب وفد «الهيئة العليا» برئاسة نصر الحريري، للتفاوض مع وفد الحكومة برئاسة بشار الجعفري وغياب ممثلي «الاتحاد الديموقراطي الكردي» برئاسة صالح مسلم بسبب وجود «فيتو» تركي. وأكد مايكل كونتت، مدير مكتب دي ميستورا، للصحافيين في جنيف أن قرار مجلس الأمن الرقم 2254 الذي ينص على عقد «مفاوضات بشأن عملية انتقال سياسي» يبقى الأساس للجولة الجديدة. وأوضح أن مفاوضات جنيف ستتركز حول ثلاثة مواضيع أساسية هي «إنشاء حكم يتمتع بالصدقية ولا يقوم على الطائفية» وتحديد جدول زمني لصوغ دستور جديد فضلاً عن إجراء انتخابات.
وشكّل الانتقال السياسي نقطة خلافية بين الحكومة والمعارضة خلال جولات المفاوضات الماضية، إذ تطالب المعارضة بهيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات تضم ممثلين للحكومة والمعارضة، مشترطة رحيل الرئيس بشار الأسد، في حين ترى الحكومة السورية أن مستقبل الأسد ليس موضع نقاش وتقرره فقط صناديق الاقتراع.
وأكد رئيس الدائرة الإعلامية في «الائتلاف الوطني السوري» أحمد رمضان، أن «المحور الرئيسي لجولة جنيف هو الانتقال السياسي وذلك من خلال ثلاثة محاور تخص الحكم (الحوكمة) والآليات الدستورية وطبيعة النظام السياسي عبر آلية الانتخابات»، موضحاً أن «وفد المعارضة سيركز على اقتراح تشكيل هيئة حكم انتقالي»، وأنه يحمل معه «خطة متكاملة في هذا الاتجاه سيتم طرحها وهي تتضمن الآليات التنفيذية التي تستند إلى القرارات الدولية».
ونقلت «فرانس برس» عن الباحث في مؤسسة «سنتشري» للأبحاث أرون لوند، أن المعارضة السورية تعود إلى جنيف هذه المرة بموقف أضعف، بعد خسارتها شرق مدينة حلب ووصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض ودخول تركيا في محادثات مع روسيا. أما مدير الأبحاث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس كريم بيطار، فقال إن المعارضة «خسرت هامش المناورة لديها».
ميدانياً، شهد ريف حلب الشرقي مواجهات محتدمة على جبهتين أمس، ففيما واصلت فصائل «درع الفرات»، مدعومة بجنود أتراك، تقدمها داخل مدينة الباب، وسط تقارير عن حرب شوارع بين المهاجمين وعناصر تنظيم «داعش»، أفادت معلومات بأن الجيش النظامي طرد «داعش» من بلدة رسم الحرمل الإمام وقرية تبارة ماضي، ما يجعله على قاب قوسين من الوصول إلى مدينة دير حافر التي تُعد مع الباب آخر معاقل للتنظيم المتشدد في محافظة حلب.
وفي محافظة حمص، تحدث «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن «استمرار تصعيد القصف على حي الوعر المحاصر لليوم الـ15 على التوالي، مع منع إدخال المواد الغذائية والمساعدات إليه». وأكد قيام مسلحين موالين للحكومة «بالاعتداء على الشاحنات التي تحمل المساعدات وإفراغ حمولتها». وفي إطار آخر، ذكر «المرصد» أن «الحافلات التي تقل المهجَّرين من منطقة سرغايا قرب الحدود السورية– اللبنانية، في ريف دمشق، وصلت إلى تخوم محافظة إدلب»، مضيفاً أن القافلة «تحمل عشرات المقاتلين وعوائلهم ومن رغب بالخروج من منطقة سرغايا». وتابع: «تأتي عملية التهجير الجديدة ضمن سلسلة العمليات التي تتالت في مناطق بمحيط العاصمة دمشق وغوطتها الغربية وريفيها الغربي والشمالي الغربي ووادي بردى».
الحياة