صواريخ ورسائل!

صالح القلاب – الجريدة

غير معروف ما إذا كانت الصواريخ “الباليستية” الستة، التي قالت إيران إنها أطلقتها من حدودها الغربية، والله الأعلم، على مواقع “داعش” في دير الزور السورية أصابت أهدافها أم لا، وأن كل ما في الأمر أن حراس الثورة أرادوا استعراض عضلاتهم، وأن المقصود، كما قالوا، هو الرد على عمليتي البرلمان الإيراني وضريح الإمام الخميني، في حين أن أغلب الظن أن هدف هذه التظاهرة الصاروخية، في ظل كل هذا الذي يجري في المنطقة، هو القول: نحن هنا… وعلى كل مراهن علينا أن يدرك أننا عند حسن ظنه… وأكثر.

 

لقد قال بيان حراس الثورة، الذي يبدو أنه كان جاهزاً منذ فترة طويلة قبل هذا “العرس الصاروخي”، إن هذه العملية استهدفت مركز قيادة تنظيم “داعش” في دير الزور “ثأراً” لمن سقطوا خلال اعتداءي طهران، لكن حتى الروس لم يؤكدوا أن هذه الصواريخ “الباليستية” أصابت أهدافها بالفعل، أم أن كل ما في الأمر، وسواء أصابت أم لم تصب، أنها حققت المقصود، والمقصود هو إشعار كل من يراهن على إيران بأن رهانه في مكانه، وأن هذه الضربة هي عبارة عن التلويح بالقبضة الإيرانية، ورسالة لمن عليه أن يفهم هذه الرسالة.

 

المفترض أنه معروف، وخاصة بالنسبة للذين خط الشيب شعر رؤوسهم وشواربهم وذقونهم أيضاً، أن مسافر الصحراء ليلاً عندما يستبد به الخوف يلجأ إلى “الحداء” بصوت مرتفع، ليغطي على ضربات قلبه، ويطرد عن نفسه هواجس الخوف والرعب، وذلك مع أن المفترض أن يكتم هذا أنفاسه وأنفاس “ذلوله”، حتى لا يستدرج إليه شذاذ الآفاق والصعاليك وقطاع الطرق وهوام الأرض والذئاب والضباع الجائعة.

 

وبالطبع فإنه يجب إعطاء هذه الصواريخ طابع القدسية، فالذي قيل إن مداه 700 كيلومتر أعطي اسم “ذو الفقار”، و”ذو الفقار” هو اسم سيف الإمام علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، أما الذي مداه 800 كيلومتر فقد أعطي اسم “قيام”، وحقيقة إنني عجزت عن أن أجد أو أعرف لماذا سمي هذا النوع من الصواريخ بهذا الاسم، وأغلب الظن أن المقصود هو القيام للصلاة في الليل! وعلى اعتبار أن هذه العملية تمت في آناء الليل وليس في أطراف النهار.

 

في كل الأحوال إن المؤكد أن إحدى الرسائل التي أرادتها إيران من هذه العملية هي الرسالة الموجهة إلى الأميركيين، ونظراً لأن مجلس الشيوخ الأميركي كان قد أقر قانوناً زجرياً تحت عنوان “مواجهة أنشطة إيران المهددة للاستقرار”، تضمن أيضاً تصنيفاً لتنظيم حراس الثورة الإيرانية بأنه منظمة إرهابية… وهكذا وإلى اللقاء بعد وجبة صواريخ “ذو الفقار” و”قيام” جديدة!

 

Comments (0)
Add Comment