كاظم خليفة
تعرض الإنسان وعبر كل مراحل التاريخ للظلم والاضطهاد نتيجة للحروب التي جلبت للبشرية الدمار وعلى كل مناح الحياة حتى كاد الإنسان أن يفقد الامل باحترام القيم الإنسانية التي دعت إليها الديانات السماوية مرورا بالحضارة اليونانية والرومانية وحتى بداية القرن السابع عشر حيث الثورة الصناعية في أوربا وبروز الطبقة الوسطى التي تبنت الديمقراطية وحقوق الإنسان وهي حقوق متجذرة في النوع البشري على اختلاف اعراقهم ومعتقداتهم و لغاتهم ….ومن حق الجميع التمتع بهذه الحقوق دون تفرقة وبشكل مترابط لا يقبل التجزئة ويتم التعبير عنها عن طريق القوانين الدولية والمعاهدات والمبادئ العالمية. ففي ديسمبر من عام 1948 أطلقت الأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من خلال مجموعة من المبادئ التي تؤكد في مجملها على تساوي الأفراد في الكرامة و الحقوق وحرية الاعتقاد والفكر وان كافة الحقوق سواء كانت مدنية أو سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو حق تقرير المصير غير قابلة للتجزئة وان أي حرمان من أحد الحقوق يؤثر بشكل سلبي على الحقوق الأخرى وما منظمات حقوق الإنسان المتواجدة في أغلب بلدان العالم إلا لرصد الانتهاكات بحقوق الإنسان لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة للحد من الانتهاكات بحق البشر ومحاسبة مرتكبيها وإعادة الحقوق لأصحابها .إلا أن صراعات المصالح بين الدول الكبرى قد دفعتها للتعامل مع هذه المبادئ بمعايير مختلفة لتستغل الأنظمة الاستبدادية هذا الوضع الدولي وترتكب أفظع الجرائم والانتهاكات بحق الشعوب والأفراد ولعل ما يتعرض له الشعب الكردي في الأجزاء الأربعة من كردستان خير دليل على فشل الأمم المتحدة في حماية حقوق الإنسان والمبادئ التي تبنتها فالكردي كفرد حرم من أبسط الحقوق الإنسانية كحق التحدث بلغته والتعبير عن فكره وثقافته .
كما حرم من حق المواطنة وتعرض للظلم والاضطهاد بكل أشكاله. والكرد كشعب تتوفر فيه كل مقومات الأمة وهو يعيش على أرضه التاريخية وقد تعرض لمحاولات الإبادة الجماعية بأبشع الوسائل كاستخدام الأسلحة الكيماوية وحملات الانفال وتدمير مدنه وقراه والمحاولات المستمرة لتغيير ديموغرافيته واستهداف وجوده .وإن كان من حق الشعوب تقرير مصيرها بحسب مبادئ الأمم المتحدة فكيف نفسر موقف هذه الدول الأعضاء في عدم تأييد مجرد استفتاء الشعب الكردي في كردستان العراق على حقه في تقرير مصيره.
إن مثل هذه المواقف تجعل من الإنسان ان يفقد الثقة بالعهود والمواثيق الدولية والتي تم تثبيتها في لائحة إعلان الأمم المتحدة حول حقوق الإنسان وان ذلك سيكون من أهم العوامل التي تساعد على خلق بيئة ينمو فيها التطرف والتعصب وحتى الإرهاب وهي من الأمراض الخبيثة التي بدأت تسري في جسد منطقة الشرق الأوسط خاصة . واننا لا يمكن ان ننكر بإن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هو من أهم الإنجازات التي تحققت لصالح البشرية حتى تسود العدالة والمساواة والسلام على هذه الأرض وتحفظ كرامة الإنسان وحريته. لذلك نعتقد أن من الأجدى أن تعيد هيئة الأمم المتحدة النظر في طريقة اتخاذ القرارات وخاصة فيما يتعلق بحقوق الإنسان وان تسعى لعدم تجزئة الحقوق و ان لا تتعامل مع الأفراد والشعوب بمكايل مختلفة . فالشعوب التي لازالت تعاني من الظلم والاضطهاد تتطلع إلى المجتمع الدولي وهيئة الأمم المتحدة وقد مضت سبعة عقود على إعلانها لمبادئ حقوق الإنسان إلى أن تبذل كل الإمكانيات من أجل رفع الغبن والاضطهاد الذي لازال يلاحق الكثير من الشعوب بصورة عامة والشعب الكردي على وجه الخصوص هذا الشعب الذي دأب على التمسك بالقيم والمبادئ الإنسانية وتمييز بعشق الحرية والحياة الكريمة.