فيروشاه عبد الرحمن
الصراع الكردي -التركي طويل و هو يعود تاريخيا بما جرى بين مصطفى كمال أتاتورك والهيئة الوزارية الكردية التي تشكلت عقب الحرب العالمية الأولى تلك الهيئة التي قدمت مقترحات لحل القضية الكردية وقتها، لعل من أهمها: منح كردستان الاستقلال الذاتي، واتخاذ التدابير الفعالة لتنفيذ هذا الاستقلال من خلال اتفاقية سيفر عام 1920 ولكن للالتفاف على هذه الاتفاقية استطاع أتاتورك من خلال إقناع الكرد ومخاطبتهم باسم الدين و الوحدة الوطنية وكذلك نجاحه بإقناع الخارج في مؤتمر لوزان عام 1923 بإقرار الحقوق الثقافية بدلا عن الاستقلال وعندما شعر الكرد بخيبة الأمل تكلل ردة فعلهم بثورات بدأت بثورة الشيخ سعيد بيران عام 1925و ثورة آكري من 1926 -1930 بقيادة احسان نوري باشا وثورة ديرسم التي قادها سيد رضا وقد جوبهت كل هذه الثورات بالقوة العسكرية والعنف لإخفاقها وارتكبت المجازر البشعة بحق الشعب الكردي والمكونات الاخرى .
وتركيا الاتاتوركية العلمانية والإسلامية الحديثة لم تعرف الكثير من الاستقرار فكان تاريخها سلسة من الانقلابات العسكرية من عام 1960 ولغاية عام 1997حيث شهدت أربعة انقلابات وحتى بعض القادة الأتراك الذين جنحوا لإيجاد حل للقضية الكردية لمنع سفك الدماء تعرضوا للاغتيال ك تورغوت اوزال وبقيت السياسات الخاصة بحق الشعب الكوردي منهجا مدروسا لحرمان الشعب الكوردي من حقوقه القومية المشروعة واتبعت سياسة الارض المحروقة في مناطق كردستان حيث تم تخريب الاف القرى وتهجير سكانها
ومنذ استلام حزب العدالة والتنمية السلطة عام 2002واعلان زعيمه اردوغان بحل القضية الكوردية ديمقراطيا وانعاش الآمال باستتباب الامن والسلام في كردستان تركيا الا ان شيئا من ذلك لم يحدث بل سلك الخيار العسكري والقمع في مواجهة دعوات الاعتراف بالحقوق القومية للكورد و سالت الكثير من الدماء لعدم استجابة اردوغان لمطالب الشعب الكردي والاعتراف الدستوري بهم بل ذهب الى ابعد من ذلك حيث شارك في سياسات استعداء الكورد بالتنسيق مع حكومات العراق وسوريا وايران بعدم منح الأكراد حقوقهم فكان معارضا ومتحالفا معهم ضد اجراء الاستفتاء في كردستان العراق الذي أجراه حكومة اقليم كردستان و كذلك ما يجهر به ضد الشعب الكردي في سوريا وإيران فلا يمكن اختزال معاداة تركيا للشعب الكردي و قضيته بمعاداته لحزب أو ثورة لأن تاريخها هو تاريخ ممارسة إنكار التنوع القومي و الديني و الثقافي وصهر كل مكونات الشعب التركي من كرد و عرب و علويين و ارمن و غيرهم و إقصاءهم .
وهذا التاريخ من الصراع التركي مع الشعب الكردي يؤكد بأنه من العبث إنكار حقوق هذا الشعب في تركيا ومن العبث التفكير بأن قوة السلاح يمكن أن يمنعهم من المطالبة بحقوقهم فالثورات التي أخمدت لم تتوقف بل ولدت ثورات اخرى فلا بد أن يفكر القادة و الساسة الأتراك بإيجاد حل للقضية الكردية في تركيا من خلال الاعتراف الدستوري بهم كشعب وليس بقوة السلاح .