سوريا قلب العالم الجريح

ميديا محمود

حقاً كنا قد ضقنا ذرعاً بردود أفعالهم الواهية، لكن حينما توقفوا عن التعبير عن نفاد صبرهم وقلقهم تلبسنا كل القلق ونفاد الصبر، فلقد دخلت الثورة السورية عامها الثامن وفاق عدد القتلى الأربعمئة ألف قتيل كما وصل عدد النازحين لستة ملايين، وطالبي اللجوء ناهزوا الخمسة مليون، وأرواح الأبرياء ما زالت تتساقط كأوراق شجر خريفية, الخيوط تزداد تشابكاً، وبينما اكتفى الآخرون لسنوات بالتعبير عن قلقهم، مسك قيصر موسكو بمفاصل كل عقدها، هو الحالم ببناء أمجاد أوراسيا على جماجم الأطفال السوريين. القابض بيديه المحكمتين على الأرواح، في الغوطة، عفرين، وفي إدلب ..على طول الخارطة السورية.

فيبدو أن سوريا هي البطين أو الشريان الأبهر لأوراسيا قلب العالم البري “Heart land”، مفتاح السيطرة على العالم  وفق نظرية جون ماكندر الجيوسياسية التي تنبأت بانتقال السيطرة على الكرة الأرضية من القوى البحرية (إنجلترا وفرنسا) إلى القوى البرية ألمانيا والاتحاد السوفيتي (حينها)، وشكلت هذه النظرية لاحقا جزءاً هاماً من الإطار الفلسفي لجنون هتلر التوسعي معتبرا أن ألمانيا بنموها السكاني وترسانتها العسكرية المتطورة ستسيطر على شرق أوربا من ثم العالم.

بينما الشعب السوري بكل مكوناته وتياراته وتوجهاته يرحب بتعزيز الدور الأمريكي في سوريا، نجد أن جبل إستراتيجية ترامب السورية تمخض ليولد فأراً صغيراً متخبطاً أعمى البصيرة، استراتيجيه تتسم بالطوباوية والضبابية ولم تخرج عن إطار الإنشاء، فتتحدث عن رحيل الأسد بطرق دبلوماسية، وطوفان بحر الدم يغرق أية فرصة لحل سياسي، أما صناديق الانتخابات، المعيدة للأذهان الانتخابات البلدية التي أجرتها الإدارة الذاتية المحمية من قوات حليفة للولايات المتحدة الأمريكية، فهي بدون أدنى شك صناديق تفتقر للمصداقية سلفاً في ضوء الحقائق على الأرض.

في النهاية، الحقيقة شديدة الوضوح كقرص الشمس في صيف شرق أوسطي، والحلّ لا لبس فيه. فلما كل هذا الالتواء والالتفاف الذي لا يليق بالقوى العظمى. المركب سيصل إلى بر الأمان والحرية رغم كل المكابح، لكن الدرب إلى هذا المستقر لن يخط وتتبلور ملامحه النهائية إلا بأياد سورية، حينما يتفق غالبية السوريين على صيغة لدولة الغد الديمقراطية تحفظ لكل المكونات حقوقهم المشروعة.

Comments (0)
Add Comment