آذار كورديا

كاظم خليفة

كاد شهر آذار أن يختزل تاريخ وطبيعة الحياة التي يعيشها الشعب الكوردي حيث يجمع بين دفتيه أغلب المآسي والأحزان والثورات  والأعياد التي عاشها الكورد قديماً وحديثاً ولعل العلاقة بين الكوردي وشهر آذار يعكس مدى تعلقه بالطبيعة التي تمتاز بها موطنه كردستان حيث الجبال والوديان والماء والشجر وتبلغ ذروة الجمال والازدهار في شهر آذار وتكون سببا أساسيا في الاندفاع نحو عشق الحياة الحرة الكريمة في مواجهة الظلم والطغيان الذي لازالت تمارسه الأنظمة الغاصبة لأرضه وحقه في تلك الحياة وما ملحمة نوروز التي اعتبرت عيدا قوميا للشعب الكوردي ورمزا للحرية والعدالة إلا نتيجة لصراع مستدام بين قوى الخير والشر وعنوانا لواقع لازال الكردي يعيشه ويدفع أغلى ما لديه لأجل انتصار الخير على الشر والسلام على الحرب والمحبة على الحقد و الكراهية وظل شهر آذار الأكثر احتواء لجنبات هذا الصراع حتى استحق أن يكون شهرا كورديا بامتياز .ففي السادسعشر من شهر آذار عام 1988 ارتكب النظام الفاشي في العراق أبشع جريمة عرفتها البشرية بحق مدينة حلبجة الشهيدة مستخدما الأسلحة الكيماوية بهدف ابادتها والتي راحت ضحيتها أكثر من خمسة آلاف شخص من الشيوخ والنساء والأطفال .وفي الحادي والثلاثين من آذار أقدم النظام الإيراني المجرم على إعدام الشهيد قاضي محمد ورفاقه الأبطال في ساحة جارجرا عام 1947 وفي السادس من آذار كانت اتفاقية الجزائر المشؤومة بين النظامين العراقي والإيراني عام 1975 بغية خنق الثورة الكوردية التي انطلقت لرفع الغبن والاضطهاد الذي تعرض له الشعب الكوردي .وبالرغم من كل المآسي والتي لم نذكر إلا القليل منها كشواهد تاريخية.  لم تنطفئ جذوة النضال في نفوس الشعب الكوردي التواق إلى الحرية ففي الخامس من آذار أيضاً من عام الف وتسعمئة وتسعين انتفض الشعب الكوردي في كردستان العراق ضد قوات المقبور صدام حسين واستطاعت ان تحرر معظم المدن والقصبات الكوردية من قذارة جيشه وسلطته القمعية.  وفي الثاني عشر من آذار سنة 2004 انتفض الشعب الكوردي في كردستان سوريا بوجه الظلم والاستبداد الذي يمارسه نظام البعث العنصري وأجهزته القمعية بحقهم فاهتز أركان هذا النظام وتحطمت هالة الخوف التي عانى منها الشعب السوري عموماً طيلة عقود من الزمن. ولعل ازدهار الربيع في شهر آذار وتحقيق العدالة الكونية بين الليل والنهار وانطلاقة مواسم الخير بمقابل الظلم الذي يلازم الشعب الكوردي على يد الأنظمة الغاصبة  واخوتهم في الإنسانية والدين وتجاهلهم لحق هذا الشعب في الحياة الحرة الكريمة وغيرها من الأسباب التي تدخل في ثنائية الصراع بين الحق والباطل وبين الخير والشر حيث لا تكتمل لوحة آذار والكورد إلا بهما فيستمر ظلم واستبداد الطغاة وتظل شعلة نوروز متوقدة يحملها أبناء الشمس الذين امتازت طبيعتهم بعدم الرضوخ أو القبول بحياة الذل والعبيد وهم مفعمون بالاعتقاد والأمل في أن تضيء شعلة نوروز كل أرجاء المعمورة وان ينتصر الخير والوئام على الشر والضغائن.

 

 

Comments (0)
Add Comment