كيف تقيم واقع القضية الكردية في سوريا ميدانيا وسياسيا؟
الكرد ككل مكونات الشعب السوري استبشروا خيرا بالثورة السورية لإنهاء مظالمهم ونيل الحرية التي حرمهم منها نظام البعث، ولكن النظام حول جميع المناطق المنتفضة إلى ساحات حرب دفع الشعب السوري ثمنها غالياً قتلا وتهجيرا واعتقالا وتدمير في البنى التحتية للبلاد. ولم تكن المناطق الكردية استثناءا ، فالكل يعلم ما حدث في كوباني من دمار وقتل وتهجير وكذلك في عفرين ، حيث عانت المناطق الكردية التي كانت تعيش نوعا من الاستقرار النسبي ، إضعاف ما عاناه سكان المدن السورية الاخرى . فاي مدينة في سوريا لم يتم تهجير كامل لسكانها كما حدث في كوباني وعفرين، الكل يعلم ان المناطق الكردية حافظت على الحراك السلمي ورغم ذلك لم تسلم من الحرب والتهجير والقتل على الهوية . وهذا الوضع الغير مستقر في المناطق الكردية كان له أسباب موضوعية بسبب الحرب الدائرة في سورية عامة ، ولا نستطيع ان نغض الطرف عن الأسباب الذاتية التي كان لها دور في ما آلت اليه أوضاع الشعب الكردي في سوريا ، فوجود الحركة السياسية الكردية في مناطقها كانت ميزة جيدة للحفاظ على الاستقرار ، وبالفعل عندما تم تأسيس المجلس الوطني الكردي التفّت الجماهير حوله ورأت فيه الاداة الفعالة لتحقيق مطالبها ولكن هذه الآمال بدأت تخيب عندما انسحب ال ب ي د قبل المؤتمر التأسيسي للمجلس وشكل مجلس غرب كردستان وكانت هذه بداية تحول المناطق الكردية الى ساحة صراع حزبي أحدث شرخا في المجتمع الكردي ، ولم تفلح كل المحاولات في توحيد طاقات المجلسين وافشلت ال ب ي د كل الاتفاقات التي وقعتها مع المجلس التي كانت تحت اشراف رئاسة إقليم كردستان السيد مسعود البرزاني . ادى هذا الوضع الى خيبة امل عند الشعب الكردي وأصبح هذا التشرذم سببا أساسيا في ما آلت اليه المناطق الكردية اليوم من خراب وتهجير بعد ان استفرد ال ب ي د في المناطق الكردية بسياسة عنجهية وفرض التجنيد الاجباري على جميع السكان بمن فيهم المعارضين لسياساتهم الخاطئة ، ناهيك عن مشاعر العداء التي زرعها ال ب ي د بين الكرد وبقية مكونات الشعب السوري بسبب حروبه في المناطق غير الكردية . هذه الاوضاع كلها خلقت عدم استقرار إقليمي ودولي بين الدول المتخاصمة على مصالحها في سوريا وباتت هذه الدول تبحث عن الحل للوضع السوري وفق مصالحها بعد ان كانت تدير الازمة ادارة وليس كباحث عن حل ينهي معاناة الشعب السوري ، وبعد التهجير الذي طال اكثر من نصف الشعب السوري سواءا داخليا او خارجيا ، بات ايجاد حل للازمة السورية حاجة اقليمية ودولية ، والوضع في المناطق الكردية ايضا يدخل ضمن هذه الحسابات . ونحن كمجلس وطني كردي نسعى جاهدين الى تأمين حقوق شعبنا وإيجاد الاستقرار المنتظر في مناطقنا التي حولها ال ب ي د الى ساحة صراع ، حتى يعود شعبنا الى وطنه ويساهم مع بقية مكونات الشعب السوري في بناء وطن يؤمن الحرية والكرامة والاستقرار لجميع ابناءه دون تمييز.
كيف يكون الحل التوافقي للقضية الكردية عبر رؤية وطنية مستقلة؟
يمر وطننا سوريا بحالة عدم استقرار لا مثيل له في العالم بالنسبة للتهجير والإعاقات الجسدية والنفسية التي باتت لا تعد ولا تحصى ، وهذا الوضع الاستثنائي تقف جميع الحلول الديمقراطية عاجزة امامها والحل الوحيد في سوريا بات محصورا في التوافق بين الشعب السوري بكافة أطيافه تحت رعاية واشراف وضمانات المجتمع الدولي ، من اجل الوصول إلى دستور منصف لجميع المكونات وهيئة حكم انتقالية بكامل الصلاحيات التنفيذية ، تدير البلاد في هذه المرحلة لتهيئة الاجواء لانتخابات نزيهة توصل البلد الى استقرار ينهي معاناة ابناءه
. ما هي رؤيتك لمسألة الدستور والفيدرالية في سوريا المستقبل ؟
اي تجمع بشري في العالم يجب أن يكون فيه عقد اجتماعي يضمن تنظيم العلاقات بين أطيافه ، وسوريا تحكم من نظام يضع الدستور وفق مزاجه وحتى هذا الدستور هو مجرد واجهة وتخضع إحكامه لمصالح الحكام وليس هناك قضاء مستقل يلجأ اليه المتخاصمون في القضايا والنزاعات ، وكان هذا سببا رئيسيا لثورة الشعب السوري. سوريا اليوم بحاجة الى دستور يشارك جميع المكونات في صياغته ويضمن حقوق الجميع ، والشعب الكردي كمكون أساسي من مكونات الشعب السوري يجب ان يكون حاضرا في كتابة الدستور، وكما تعلمون المجلس الوطني الكردي أصبح الآن مكونا مستقلا من مكونات هيئة التفاوض السبعة وسنسعى جاهدين الى تثبيت حقوق شعبنا الكردي في دستور سوريا المستقبل على ان تكون سوريا فدرالية اتحادية لنجنب شعبنا الويلات التي ألمّت به جراء الحكم المركزي الفردي الدكتاتوري وسنعمل على إيجاد الضمانات والميكانيزمات التنفيذية لبنود حقوق الشعب الكردي ، فحماية وآليات تنفيذ بنود الدستور هو من اهم شروط صياغة اي دستور في العالم.
ما هو دور القوى الخارجية في إثارة الأزمات الداخلية في سوريا منذ اندلاع الثورة؟
كما قلنا في البداية خرج الشعب السوري لنيل الحقوق المغتصبة منه من قبل النظام ولكن النظام كان عاجزا عن التعامل السلمي مع هذا الحراك الجماهيري الاعزل الذي اعترف النظام نفسه في خطاباته باحقية مطالبه ولجأ الى عسكرة الثورة بعد ان رفض الاستجابة لمطالب الجماهير او حتى ان يضبط هذا الحراك بقوات الشرطة كما يحدث في كل دول العالم ، فالنظام ومن اجل ان يحافظ على كرسيه ومنظومته التي حولت سوريا الى مزرعة خاصة لها ،
كيف تغير مسار الثورة …وهل توافق على تسمية التغير للثورة بالمعنى السلبي ؟
بدأ بقتل المتظاهرين بدم بارد وزرع التنظيمات الإرهابية في المجتمع السوري ونماها حتى حول كامل الأرض السورية إلى ميدان صراع استجذب شذاذ الآفاق من الإرهابيين في العالم وحول الصراع إلى صراع مذهبي تشارك فيه كل الدول التي لها مصالح في سوريا وكلّ يدعم طرفا يجده محققا لمصالحه ، والآن بعد ان تم تقريبا تنظيف سوريا من تنظيم داعش الإرهابي أصبحت سوريا مقسمة إلى مناطق نفوذ فمنطقة الشمال الغربي (غرب نهر الفرات) أصبحت بيد فصائل المعارضة السورية وتركيا ، وشرق الفرات منطقة نفوذ أمريكية ومنطقة الساحل والمناطق الأخرى أصبحت بيد روسيا وإيران ومنطقة الجنوب الغربي التي كانت تتمتع بنوع من الاستقلال ..
الفجر