هل حواس سعدون شخص مناسب في اللجنة الدستورية؟

صدرت عن هيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة، قائمة بأسماء مرشحي المعارضة السورية  للجنة الدستورية. على إثره تعرّض المجلس الوطني الكُردي في سوريا لعدد من الانتقادات، بسبب ورود اسم السيد حواس سعدون في القائمة المذكورة وترشيحه من قبل المجلس الوطني الكُردي. واستندت أغلب الانتقادات الموجّهة للمجلس الوطني الكُردي على أنّ السيد حواس سعدون ليس بقانوني. ويعتقد المنتقدون بأنّ صياغة الدستور يجب أن تتمَّ من قِبل قانونيين. لكنّ هذا الأساس الذي بُني عليه الانتقاد، أساس هشّ وخاطئ، لأنّ حوالي تسعين بالمئة من مبادئ الدستور ونقاط النقاش والتفاوض هي سياسية.

 

على سبيل المثال، رئاسة الدولة، هل سيكون دور الرئيس تمثيليّاً، أم سيحصل على سلطات واسعة؟ هل سيتم انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب، أم سيتم ترشيحه أو انتخابه من قبل البرلمان؟ ما هي صلاحيات البرلمان؟ هل سيكون البرلمان مكوناً من مجلس مركزي واحد؟ أم سيكون هناك مجلسان برلمانيان، برلمان محلي أو إقليمي، وبرلمان وطني؟ كيف سيتم انتخاب أو تعيين أعضاء المحكمة الدستورية؟ هل سيكون ذلك من صلاحيات الرئيس؟ أم سيكون من صلاحيات البرلمان؟ …إلخ

 

بناءً عل ما سبق ذكره، أعتقد بأنّ أعضاء اللجنة الدستورية لا يجب أن يكونوا من السياسيين فقط. بل يجب أن يكونوا على إطّلاع ومعرفةٍ ودرايةٍ بالمبادئ والقيم الدستورية، كما يجب أن يكونوا قادرين على تمييز شكل وهيكلية وبنية الدولة، وشكل نظام الحكم. أنا كنت من أوائل المنتقدين للمجلس الوطني الكُردي لاختياره سابقاً لعدد من أعضائه، لتمثيل المجلس الوطني في هيئات المعارضة السورية. مع الأسف، لم يكن ممثلو المجلس الوطني كفؤين وفاعلين. وأنا أعتقد بأنّ هذه هي المرة الأولى التي اتّخذ فيها المجلس الوطني الكُردي قراراً صائباً باختياره الشخص المناسب في المكان المناسب. السيد حواس سعدون حضر عدداً كبير من الفعاليات والمؤتمرات التي تناولت الدستور، وشارك في العديد من ورشات العمل التي تهدف إلى صياغة الدستور ونص مبادئه. استطاع حواس وزملائه الكُرد من خلال عضويتهم الفعالة، ونشاطهم في الهيئة العليا للمفاوضات، تحقيق إنجازاتً هامّة وضرورية للكُرد، في فترة زمنية قياسية. فقد تمكنّوا من الدفع وتغيير  وثيقة لندن للمعارضة السورية، والتي كانت بشكلها ومضمونها عروبية وإسلامية، وتمّ اعتماد وثيقة الرياض ٢، والتي تضمنّت عدداً من مطالب الكُرد المهمة، وأذكر هنا جزءاً من نص الوثيقة

 

“سوريا دولة متعدّدة القوميات والثقافات، يقر دستورها بالحقوق القومية لكافة المكونات من عرب وكُرد وتركمان وسريان آشوريين وغيرهم، بثقافاتهم ولغاتهم على أنها لغات وثقافات وطنية تمثّل خلاصة تاريخ سوريّا وحضارتها، واعتبار القضية الكُردية هي جزءٌ من القضية الوطنية السورية وضرورة إلغاء جميع السياسيات التميزية والاستثنائية التي مورست بحقهم وإعادة الجنسية للمجردين والمكتومين من أبنائهم.

 

تكون سوريا دولة ذات نظام حكم ديموقراطي على مبدأ اللامركزية ، غنية بتنوعها القومي والديني والطائفي، تحترم المواثيق الدولية وحقوق الإنسان، وتعتمد مبدأ المواطنة المتساوية، ونظام حكم يمثل كافة أطياف الشعب السوري دون تمييز أو إقصاء على أساس طائفي أو عرقي، ويرتكز على مبادئ المواطنة، وحقوق الإنسان والشفافية والمساءلة والمحاسبة وسيادة القانون على الجميع.”

 

كما وتمكنوا من خلال مشاركتهم في مؤتمر الرياض إقرار المجلس الوطني الكُردي ككيان سياسي مستقل، في هيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة.

 

أودّ التطرّق إلى نموذج يعد ّمن أكثر الدساتير المتطورة في أوروبا. دستور أيسلندا والذي تم صياغته عام  ٢٠٠٨. فقد تمّ انتخاب لجنة دستورية لصياغة الدستور الأيسلندي، مكونة من ٢٥ عضواً، وكان الأعضاء من شرائح مختلفة من المجتمع، من متعلمّين وسياسيين وفنانين وغيرهم. وقام الأعضاء الخمسة والعشرون بصياغة الدستور بمساندة استشاريين قانونيين مختصّين في الدستور.

 

أعتقد بأن اللجنة الدستورية يجب أن تكون مشكّلة من ممثلين عن جميع الاتجاهات، وشرائح المجتمع، ومكوناته الأثنية والعرقية واللغوية والدينية والسياسية والثقافية وغيرها.  ويجب أن يكون للقانونيين المختصين بالدستور دور في دعم اللجنة الدستورية وتقديم المشورة، ليتمكن أعضاء اللجنة الدستورية من صياغة المبادئ الدستورية بشكل قانوني. وأقترح بأن تقوم اللجنة الدستورية بالاستفادة من خبراء قانون دوليين من المختصين بصياغة الدستور.

 

أتّفق هنا مع المنتقدين الذين أبدوا تحفظاتهم حيال التمثيل الكُردي الضئيل في اللجنة الدستورية. وهنا أطالب أعضاء اللجنة الدستورية من الكُرد بالعمل جاهداً على بناء تحالفات متينة مع ممثلي المكونات السورية المختلفة، كالدروز، والسريان الآشوريين، والعلمانيين، والتركمان والتيارات العربية الديمقراطية. ليركّزوا طاقاتهم في صياغة دستور متطور وحضاري، ويتمكنوا من بناء دولة ديمقراطية اتحادية. وأنا أعتقد بأن حواس سعدون من الأشخاص الذين يملكون المهارات والخبرة، ومن ذوي القدرة على بناء تحالفات قوية ومتماسكة ومنتجة، وكلّي ثقة بأنه سيبذل قصارى جهده لتحقيق الأهداف وما سبق ذكره.

 

حواس سعدون من السياسيين الكُرد اليافعين عمراً والكفؤين سياسياً، كما أن المبادئ الدستورية مألوفة له، وهو على معرفة وإطّلاع جيد بها، وستكون عضوية حواس ثروة اللجنة الدستورية. أعلم تماماً بأن العمل المُوكَل إلى حواس، عمل شاق ومسؤولية كبرى، أتمنى له التوفيق والنجاح.

 

وأستغلّ هذه المناسبة بتوجيه نداء إلى المختصيّن القانونيين والدستوريين، وأطالبهم بالوقوف أمام مسؤولياتهم الوطنية، وتقديم الدعم والمشورة اللازمة لحواس ورفاقه الكُرد من أعضاء اللجنة الدستورية. فتقديم الدعم والمساندة لهم هو دعم للقضية الكُردية.

 

سيامند حاجو

رئيس تيار المستقبل الكُردي في سوريا

 

 

 

Comments (0)
Add Comment