طائرات المستقبل.. هيكل هجين للجناح يؤمن سرعات فائقة

الطائرات التي تحلق أسرع من سرعة الصوت تستخدم هيكلا هجينا للجناح متطرف التصميم الذي قد يشكل مستقبل السفر في الأعوام المقبلة، استنادا إلى المبادئ التي قامت بتطويرها وكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا). وكانت هذه الوكالة تعمل بالتعاون مع الشركات المصنعة لتصميم الجيل المقبل من الطائرات، التي تجعل من السفر الجوي حول العالم أمرا أكثر سرعة، وأكثر كفاءة على صعيد استهلاك الوقود، وهي تكشف في أرشيفها كيف سيكون شكل الطائرات مختلفا خلال السنوات العشر المقبلة، بتصاميمها المتطرفة التي تتميز بهياكل إبرية الشكل، وأجسام رشيقة، وأجنحة مثلثة الشكل (دلتا).

* هيكل هجين
أحد هذه التصاميم الأكثر شعبية هو ما يسمى «الهيكل الجناحي الهجين» hybrid wing body الذي يوصف أحيانا بـ«الهيكل الجناحي»، استنادا إلى تقرير في موقع «غزمودو». وفي هذا التصميم يمتزج الجناحان مع الهيكل بصورة متكاملة، مما يجعله انسيابيا تماما، وبالتالي يخفض استهلاك الوقود بنسبة كبيرة، فضلا عن الضجيج وانبعاثات الغازات المضرة.
وفي عام 2012 قامت «ناسا» بنجاح باختبار الطائرة «إكس – 48 سي» ذات الهيكل الجناحي الهجين، التي تميزت بحجم كبير لاستيعاب الركاب والحمولات. وتذكرنا الطائرة هذه المثلثة الشكل، بطائرات التجسس المصممة لاختراق الأجواء بصورة أكثر كفاءة. وكان امتداد جناحيها 21 قدما (6.54 متر)، أي بنسبة 8.5 في المائة من طراز طائرة للشحن الثقيل، التي ستحلق بسرعة تقل عن سرعة الصوت، والتي قد يجري تطويرها خلال الـ15 إلى الـ20 سنة المقبلة للأغراض العسكرية.
وهذا التصميم يختلف جذريا عن مبدأ تصميم الطائرات في المستقبل، مثل «سلسلة دبل ببل دي 8» الذي خرج به فريق أبحاث من «معهد ماساشوسيتس للتقنية» (إم إي تي). فهو بتصميمه على أنبوب معدل، وجناح مع جسم عريض جدا، لتأمين قوة رفع إضافية، فإن جناحه المائل قليلا، من شأنه تخفيض الوزن ونسبة مقاومة الرياح، أما المحركات المبيتة بالهيكل، فتقبع خلف الأجنحة. والفكرة من وراء كل ذلك هو أخذ بعض قوة الرفع من الجناحين، ومحاولة نقلها إلى جسم الطائرة، كما يقول مايكل روجرز الباحث في مركز «إيمس» للأبحاث التابع لـ«ناسا».
الأمر الآخر، الذي جرى تعديله لزيادة فعالية انسياب الهواء وتدفقه على صفائح جسم الطائرة، هو تخفيض ميل الجناحين إلى الخلف، إذ من السهل الحفاظ على هذا التدفق، إذا ما كان الجناحان على شكل قائم نوعا ما، مع جانب جسم الطائرة، بدلا من أن يكونا مائلين إلى الخلف، ككثير من طائرات اليوم التجارية الحديثة.
يبقى القول إن سرعة الطائرات الأسرع من الصوت قد تتفوق عليها طائرات أسرع منها بكثير، فسرعة ماك 2.5، أي أسرع من الصوت بمرتين ونصف، هي حدود المحركات التوربينية الغازية. وأسرع من ذلك، تصبح درجة حرارة الهواء وضغطه اللذان يدخلان إلى المحركات عاليين جدا، بالنسبة إلى محركات من هذا النوع. ويتطلب التحليق بسرعات أسرع من الصوت بخمس مرات مثلا، محركا من نوع مختلف تماما، مثل المحرك الاحتراقي «رامجيت» الذي لا يملك أجزاء أو قطعا متحركة. فبدلا من الضاغط، أو المكبس الدوار، والتوربين في المحرك النفاث، ينضغط الهواء ويتمدد عن طريق نظم معقدة من موجات الهواء الصدمية تحت مقدمة الطائرة، وداخل مدخل الهواء، وتحت أسفل جسمها في الخلف.

* سرعات فائقة
أما المحركات من نوع «سكرامجيت»، فما زالت قيد التطوير لعقود، لكن الحل أتى في مايو (أيار) 2013 عندما حلقت طائرة مختبر الأبحاث «بوينغ إكس – 51 إيه وايف رايدر» التابعة لسلاح الجو الأميركي لمدة 4 دقائق فوق المحيط الهادئ بقوة مثل هذا المحرك، محققة سرعة ماك 5.1 قبل نفاد وقودها.
والخطوة التالية تشييد صواريخ جوالة (كروز) عالية السرعة قادرة على ضرب أهداف بعيدة خلال دقائق، وليس ساعات. وكانت معامل «شانك وركس» التابعة لشركة «لوكهيد مارتن» التي صنعت طائرة التجسس «إس آر – 71 بلاكبيرد»، التي تبلغ سرعتها 3.5 ماك قد كشفت النقاب عن تطويرها خليفة لهذه الطائرة، تحت اسم «إس آر – 72»، التي صممت لأغراض الاستكشاف والاستطلاع وقصف الأهداف. وهي تجمع بين محركات «تربوجيت» النفاثة العادية، و«رامجيت / سكرامجيت» لتمكينها الإقلاع من المدارج كالطائرات العادية، والتسارع بعد ذلك إلى سرعة تطوافية تبلغ ماك 6، قبل العودة ثانية إلى الهبوط تقليديا كما أقلعت.
وهي قادرة على تأمين تمويل من وزارة الدفاع الأميركية، مما جعل شركة «لوكهيد مارتن» التي تطورها تعتقد أن نموذجا أوليا منها سيحلق في عام 2023، لتدخل بعد ذلك الخدمة الفعلية في عام 2030، ممهدة الطريق ربما لتطبيقات تجارية مستخدمة تقنيات «سكرامجيت».
ويعمل مهندسو الطيران أيضا على تحديد مواصفات جديدة لتخفيض دوي اختراق سرعة الصوت، فهم منهمكون حاليا على جمع البيانات والمعلومات لتشييد طائرات لا تحدث ضجيجا تساعد على تغيير الحظر الحالي المفروض على تحليقات الطائرات الأسرع من الصوت فوق اليابسة، إذ إن «تخفيض دوي هذه الطائرات التي سببها موجات الهواء الصدمية، هي العقبة الكئود التي ينبغي تذليلها لإعادة الرحلات الجوية التجارية الأسرع من الصوت»، كما يقول بيتر كوين رئيس «مشروع السرعات العالية» في «ناسا» الذي مقره واشنطن. ومن العقبات الأخرى أيضا انبعاثات الغازات من الطائرات أثناء التحليقات العالية، وكفاءة الوقود، وضجيج الطائرات حول المطارات المكتظة. ويضيف روبن ديل روزاريو: «نحن لا نزال بعيدين عن أقصى ما نستطيع الحصول عليه من هذه الصناعة، فما زال أمامنا الكثير لكي نقوم به في هذا الصدد».
الشرق الاوسط

Comments (0)
Add Comment