هل تنتهي الثورة السورية بانتهاء أزمتها ؟ !

 

عبد الوهاب احمد / خاص

بدايةً ،لا بدّ من التذكير إن ما حصل في سوريا في البداية كانت ثورة حقيقية ضد نظام دكتاتوري حيث كانت لصرختها الأولى في دمشق ودرعا صدىً عمّ كافة المناطق السورية حتى وصلت إلى أقصى شمالها

وتحت شعار “الحرية والكرامة ” كانت لتلك الصرخات رونقها وطابعها السلمي الخاص في العديد من أحياء وأزقة المدن والبلدات السورية دون أن يكون  للعنف مكاناً في مخيلة المتظاهرين واستمرت حناجر المحتجين  بالهتاف والأناشيد المنادية بالحرية والمساواة واسقاط الدكتاتور حتى اقتلعت تلك الحناجر وصمتت معها انشودة الخلاص من  الاستبداد  ورفع المظالم رفعت السبابات وأطلق العنان للزناد لتغتصب الرصاصة لحن الحياة الحرة وتأخذ معها الجميع الى جحيم الحرب ونفق العسكرة والعنف وحمل السلاح ، قابل هذا العنف عنفٌ مضاد ، وعمليات ثأر وانتقام وتصفيات جسدية دون تمييز وبشكل عشوائي طال المدنيين من كلا الطرفين . مع زيادة حدة الصدام ومعارك الكر والفر بين قوات النظام وبين من حمل السلاح  ممن وقفوا  مع الثورة بدأت يد الاستخبارات الإقليمية والدولية بالتغلغل داخل صفوف المعارضة  ، فقدمت كل مستلزمات إدامة الصراع الدموي  بين المتقاتلين من سلاح ومال وتحريض إعلامي عبر توفير جميع وسائل الاتصالات مع قنوات خصصت ساعات على مدار اليوم لنقل كل ما يدور على الأرض السورية ، وبموازاة هذه السطوة  العسكرية لصالح أجندات دول إقليمية ودولية وحتى جهات حزبوية فئوية وطائفية داخلية ، ومصادرة  سلمية التظاهر  ومطالب السوريين التواقين إلى الحرية تم تكريس مفهوم  “الصراع من أجل البقاء” في نفوس مؤيدي طرفي الصراع من خلال  محاربة ما يسمى ” الإرهاب ”  فأصبح  الكل منشغلا بمحاربة هذا الإرهاب المفتعل

النظام وداعميه وصفوا كل من خرج ضده بالإرهابيين يستوجب قتلهم أو ترحيلهم أو ونفيهم  إما خارج الحدود أو إلى مناطق وبيئات احتضنوا حاملي السلاح في المقابل برزت تنظيمات ومجموعات مسلحة سورية وغير سورية راديكالية حملت هوية طائفية مذهبية قدمت نفسها  كمعارضة ومعبرة عن ذاك السوري الذي خرج مطالبا بالحرية والعدالة والديمقراطية والمساواة  وشرعنت لذاتها كل الموبقات طالما حملت السلاح في وجه النظام دفاعاً عن المتظاهرين

لم يكن السوريون الذين وجدوا أنفسهم في المناطق التي سيطرت عليها هذه المجموعات بمنأى عن تجاوزات وقوانين وفرمانات هذه المجاميع ، لا بل كانوا الأكثر ضرراً وفتكا بهم حتى بالمقارنة مع أقرانهم  الذين وجدوا انفسهم محاصرين من قبل النظام .

تحت هذه العناوين استمرت مأساة السوريين وازدادت سوءً وهم يودعون العام بعد الآخر دون إيجاد أي حل لإنهاء هذا الصراع الدموي  والذي حول ثورتهم إلى أزمة تكاد تكون هي الأسوأ بعد الحرب العالمية الثانية ، فأصبح الجميع ينادي بوقف القتل والدمار ،وغدت الحرية لعنة ، والديمقراطية ترفاً وبذخاً لا يليق بهم ,عقدت مؤتمرات واجتماعات وتوافقات داخلية وإقليمية ودولية ولم تكن لصرخة الحرية والكرامة فيها نصيب ، بدأ الكل مهتما بوقف القتال ، وخفض التصعيد ، وإرضاء ملوك الحرب  .

هكذا أرادها النظام ومن حاولوا تحريف مسار الثورة السلمية بفوهات بنادقهم ، وهكذا طلبها الفاعلون الإقليميون والدوليون

السوريون لم يثوروا  ليتقاسموا السلطة وتشيّد القبور تكريماً لتضحياتهم , لم يهتفوا لتبنى قصور للقادة والمجرمين على جماجم أبنائهم وبناتهم

لا أعتقد ان الثورة التي طالبت بالحرية والعدالة والمساواة تنتهي حتى تعود الحقوق لأصحابها ، و لطالما هناك سياسات عنصرية واستثنائية تطبق بحق الشعب السوري بكل اطيافه ومكوناته ولن يهدأعموم السوريين المخلصين حتى الوصول إلى الهدف المنشود.

 

 

Comments (0)
Add Comment