افتتاحية نشرة “نداء الاصلاح”العدد 32
اعلن عن المجلس الوطني الكردي في اعقاب المؤتمر الوطني الكردي الذي انعقد بتاريخ ٢٦/١٠/٢٠١١ بعد انطلاقة الثورة السورية السلمية في آذار ٢٠١١ ، وخروج عشرات الالاف من أبناء الشعب الكردي بمظاهرات ضخمة في مناطق تواجده ، تضامنا مع باقي أبناء الشعب السوري ، مطالباً بالتغيير الديمقراطي الجذري ومحاربة الفساد وإلغاء السياسات الشوفينية الممنهجة التي استهدفت الكرد في وجوده والمطالبة بالاعتراف بحقوقه القومية في سوريا …
في سياق هذه التطورات التي حدثت في مختلف انحاء البلاد كان لا بدّ على القوى السياسية جميعاً اجراء مراجعات لبرامجها وسبل التفاعل مع المرحلة ومنها اللقاء التشاوري بمدينة قامشلو بتاريخ ١٥/٩/ ٢٠١١ الذي دعا إليه ( حركة الإصلاح – تيار المستقبل – البارتي “جناح المرحوم آلوجي” ) وشاركت فيه تنسيقيات الحراك الشبابي وفعاليات ثقافية واجتماعية وقيادات كردية ، وصدر عنه توافقات أكدت بأن الكرد كانوا عاملا إيجابياً في بناء الدولة السورية ، ولابد ” من دعم الثورة الشعبية السلمية في البلاد والتي تتجه نحو بناء دولة ديمقراطية على أسس تعددية يتمتع فيها أبناء سوريا بحقوقهم كاملة دونما تمييز بسبب العرق أو الجنس أو الدين ” ، لاسيما وأن الكرد جزء لا يتجزأ من الحراك الوطني العام، وأن قضيتهم هي قضية وطنية ديمقراطية بامتياز، وأن الحركة الكردية في سوريا ، هي جزء من الحركة الوطنية الديمقراطية العامة في البلاد ، ولهذه الغاية فانه يستوجب استكمال وحدة الموقف الكردي على أسس ديمقراطية، والاسراع في ذلك دون إقصاء أية قوى من الفعاليات الكردية في سوريا (أحزاب، مثقفون، إعلاميون، حقوقيون، الحراك الشبابي والعنصر النسائي والمناضلين القدامى من شعبنا ) لضمان تأمين حقوق الكرد في سوريا المستقبل ، ولابد لهذه الأحزاب من إصلاح أحوالها الداخلية، وبرامجها السياسية وبما يواكب المرحلة الراهنة ومستقبل سوريا، وتطلعات الأجيال الجديدة من أبناء الشعب الكردي في سوريا، كي يتبوأ موقعه الطبيعي في الحياة السياسية في البلاد، من خلال أحزابه السياسية و إعطاء دور رئيسي للفعاليات الثقافية والسياسية والاجتماعية … وضمن هذه الظروف دعت الأحزاب التي كانت مؤتلفة في إطار ما سمي بأحزاب الحركة الوطنية الكردية لعقد المؤتمر الوطني الكردي الأول بتاريخ ٢٦/١٠/٢٠١١ و صدر عنه قرارات سياسية وتنظيمية للعمل الكردي المشترك الى جانب انتخابه للمجلس الوطني الكردي لقيادة عمل المرحلة القادمة ،الذي لاقى تأييداً واسعا من الجماهير الكردية ومن مختلف القوى الوطنية المعارضة ، وساهم في التأسيس للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة ، وانضم اليه بموجب اتفاقية نصت على الاعتراف والاقرار الدستوري بوجود الشعب الكردي وحقوقه القومية المشروعة وإلغاء السياسات التميزية المتبعة بحقه في سوريا المستقبل ….. ومن خلاله اشترك في كافة المؤتمرات التي عقدت في جنيف حول الحل السياسي في سوريا وصولا للاعتراف به مكوناً مستقلا في هيئة المفاوضات السورية .
لقد بات المجلس الوطني الكردي في سوريا وبعد انقضاء سبع سنوات من عمره يشكل عنوانا قوميا كرديا مميزا يعبر عن تطلعات شرائح واسعة من الشعب الكردي ولذلك فهو يحتاج الآن لمراجعة موضوعية ودقيقة لمسيرته السابقة، وبما ينسجم مع المرحلة الحالية وفق المعطيات والمستجدات الداخلية والدولية لأن سوريا اصبحت بشكل ما مسرحاً للصراعات الخارجية، ولم تعد المعارضة او النظام يمتلكان زمام المبادرة والتأثير على القرارات الدولية ذات الشأن التي ترتب الأولويات وفقا لمصالحها فقط مما يتطلب صياغة رؤية جديدة تأخذ في الاعتبار مكامن القوة والضعف في عملها بعيدا عن الايديولوجيات والنمطية الكلاسيكية ، والانخراط بهمة اكثر في مجالات العمل بالداخل والخارج وطرح المبادرات كقوة فاعلة وليست متلقية على الصعيد الوطني والكردي ، وفي هذا السياق ، فإن المجلس الوطني الكردي وبعد الاقرار به مكونا أساسيا في هيئة التفاوض السورية ، يستوجب عليه تحركا في مسار يبني على بيان رياض ٢ وربطه بمطاليب الشعب الكردي بكل ما اوتي من إمكانيات سياسية وديبلوماسية والسعي لتوسيع دائرة تمثيله باعتباره ليس مكونا سياسيا وحسب ، بل يعبر عن حالة قومية كردية لازالت مستهدفة من القوى المتطرفة الشوفينية والاسلاموية ، ويعتبر ثاني قومية في البلاد ويعيش على ارضه التاريخية ، كما يعبر عن حالة وطنية تنشد الديمقراطية عنوانا لسوريا الغد .
ولاشك ان ثمة تحديات عديدة تعترض مسيرة عمل المجلس وفي البداية منها الواقع الذي يفرضه حزب البيدا ومحاولاته للهيمنة عليه بالقوة إلى جانب فرض سيطرته على المجتمع ككل وهو ما انعكس على نشاطه الداخلي بشكل ملحوظ ، لكنه لم يلغ التأييد الجماهيري الواسع له “وان لم يكن هذا التأييد معلنا لأسباب عديدة ” وهذا يتطلب مسارا في العلاقة والتواصل مع الجماهير بشتى السبل الكفيلة للتباحث حول مختلف الأمور
اما على صعيد افاق العلاقة مع البيدا ، فإن المجلس لديه اتفاقيات ومحاضر عمل عديدة معه وكلها توكد على العمل المشترك في سياق الثورة السورية للإتيان بالنظام الديمقراطي وتامين حقوق الشعب الكردي وهي تشكل أرضية مناسبة وخلاقة لعمل مشترك بعد توفير المناخات المناسبة للحوار بضمانات كردستانية ودولية ويقع على عاتق المجلس توضيح هذه الرؤية بكل شفافية ووضوح للراي العام .
وتكاملا مع ذلك لابد من الاعتراف بأن المجلس لازال يفتقر لآلية عمل تنظيمية من شانها تطوير العلاقة بين اطرافه الى صيغ ارقى كالاتحادات والوحدات الاندماجية وفق أسس ديمقراطية مؤسساتية ، الأمر الذي يبقي احزابه في حالة التمركز حول الذات دون إيلاء الاهتمام للاستقطاب حول المنهج والخطاب وتفعيل دور الفعاليات المستقلة في عمله علاوة على الاطروحات التي تبغي تجاوز حالته التحالفية ونظامه الأساسي والتعامل معه من منطلقات تحزبية محضة مما يشكل عاملا سلبيا ستؤدي به الى نتائج غير معبرة عن طموحات الشعب الكردي .
لاشك ان مسيرة عمل المجلس عن السنن السبعة حافلة بالإيجابيات والسلبيات لكن المتفق عليه انه تمكن من تقديم رؤية كردية مشتركة في هذه المرحلة الحاسمة من عمر البلاد وسوف يساهم في كتابة الدستور السوري المنشود ووضع حد للمهاترات ولازال يشكل مدخلا للمزيد من التحولات النوعية ان اخلصت النوايا وفي المقدمة منها بناء الحزب الديمقراطي المؤسساتي الذي يعبر عن حقيقة الطموح الكردي مما يجعلنا نؤكد بان المجلس طموح لا ينضب نحو الافضل