انتهت زيارتا الرئيسين التركي رجب طيب اردوغان، والمصري عبد الفتاح السيسي للعاصمة السعودية الرياض من دون ان يلتقي الرجلان في غرفة واحدة بمبادرة من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وان تكن بعض المصادر الديبلوماسية العربية أشارت الى محادثات غير مباشرة حصلت من خلال مسؤولين سعوديين تولوا بأمر من الملك سلمان نقل اوراق عمل بين الجانبين تتناول جوانب من الخلاف المستشري بين تركيا ومصر، من دون أي تقدم في العمق، مما أدى الى انتفاء الحاجة الى حصول لقاء يطلق مرحلة من المصالحات بين القيادتين. لكن المصادر اياها اكدت ان القيادة السعودية اخذت على عاتقها مهمة مواصلة العمل بقوة على خط المصالحة بين القاهرة وانقرة، استنادا الى أوراق عمل سيتم تبادلها في مرحلة اولى بواسطة السعوديين، على ان يعود خط التواصل المباشر في حال احراز تقدم اولي.
على مستوى آخر، وبالرغم من عدم احراز تقدم على صعيد العلاقات المصرية – التركية، يمكن القول ان العلاقات السعودية – التركية شهدت “نقلة” جديدة بعد زيارة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان للرياض، وخصوصا ان الطرفين سبق ان تبادلا اشارات حسن نيات في العديد من المجالات. ولعل ابرز الاشارات التي جرى تبادلها تناولت الملف السوري الذي يشكل فيه إسقاط نظام بشار الأسد، ومواجهة المد الايراني هدفا مشتركا، وان تباينت المواقف في تفاصيل المعركة. ومعلوم ان كلاّ من الرياض وانقرة تمتلكان قدرة على التأثير في كل من جبهتي الجنوب (السعودية) والشمال (تركيا). وتدرك القيادتان ان تعاونهما في سوريا في اطار استراتيجية واحدة يغير في موازين القوى هناك، كما يمكن ان يؤثر على الموقف الاميركي الذي اسهم حتى الآن في إطالة عمر نظام بشار الأسد، مما ساعد على توسع الدور الايراني، وإطالة عمر الازمة بكل ما تحمله من نتائج دراماتيكية. وجاء اعلان وكالة “اناضول” التركية الرسمية عن اتفاق كل من الملك سلمان والرئيس اردوغان على “ضرورة زيادة الدعم المقدم للمعارضة السورية، بما يفضي الى نتيجة ملموسة” ليضيء على تقاطع المواقف السعودية – التركية عند هدف اسقاط نظام بشار الاسد، ومحاصرة المد الايراني في سوريا. وهذا ما يطلق عليه كثيرون “معركة تحرير سوريا”.
لا شك في ان احتمالات توصل ايران الى اتفاق مع مجموعة الخمس زائد واحد حول برنامجها النووي، يمهد لرفع العقوبات عنها، ويريحها لمواصلة مشروعها التوسعي في المنطقة، مستغلة رفع الضغوط الكبيرة التي كانت تثقل اقتصادها الذي بلغ مرحلة حرجة. لذلك من مصلحة الرياض وانقره ولاحقا القاهرة وعمان، قيام جبهة واسعة لمواجهة الخطر الكبير الآتي من طهران، وقد تغلغل في اكثر من مكان. والهدف الأول يكون باسقاط نظام بشار الاسد في أسرع وقت اياً تكن النتائج.
علي حمادة