أ.فيروشاه عبدالرحمن
اعتبر الكثيرون أن وجود الحزب السياسي هو اساس ومعيار للديمقراطية من خلاله يمكن الحكم على طبيعة النظام السياسي فيما اذا كان ديمقراطيا او استبداديا بل يعتبر السبيل إلى ممارسة الحرية والضامن للتعددية بكل اشكالها وعدّها كثيرون أساس الديمقراطية وضمانة الحرية ،أما بالنسبة للأحزاب الكردية قد نلاحظ صورتين متباينتين اتجاهها ،الاولى الصورةالإيجابية والتي ترى بأنّ الاحزاب السياسية الكردية منذ خمسينيات القرن الماضي لعبت دوراً محورياً في تثبيت حقوق الشعب الكردي في الفكر السياسي الفردي والجمعي لدى الانسان الكردي في سوريا
وأما الصورة الثانية فهي تلك الصورة السلبية والتي ارتبطت غالبيتها بالانقسام والتشرذم في جسم الحركة الكردية و أحزابها التي تشظت كثيراً وضعفت، اضافة الى العقلية السياسية التي كانت تدير هذه الاحزاب، و أصبحت قوالب جامدة تقاوم التغيير والتي اتسمت غالبيتها كما يقولون بالفردية والتسلط والاستبداد ولا يترددون بالقول ،بأن ضياع الحقوق في وجود نظام استبدادي يمنع حتى وجود الاحزاب في قوانينه هي نتيجة من عمل هذه الاحزاب
و توجيه الاتهام إلى مؤسسة تعتبر من أهم مؤسسات المجتمع المتمدن المعاصر ، المؤسسة التي بدونها ينعدم النضج السياسي ، والحراك السياسي ، والرقابة المجتمعية ، والتداول السلمي للسلطة ، فلماذا أصبحت هذه المؤسسة متهمة من قبل مادتها البشريةبالنمطية التي تشكل عماد وجودها ؟لذلك فقد وصف علماء الاجتماع، المجتمعات النمطية، بأنها ثابتة ساكنة بطبيعة الحال، وهي بالطبع تتكون من أفراد وجماعات لا تتحلى بملَكة التغيير، ولا تذهب إلى التجديد ولا يوجد لديها أي اندفاع في هذا المنحى، بل ولا ترغب في تحديث حياتها، لذلك يبقى مثل هذا المجتمع يراوح في مكانه من حيث الوعي والفكر وطبيعة السلوك، حتى لو توافرت له جميع العوامل والعناصر التي تؤهله للتحديث والانتقال من الثبات والنمطية إلى التغيير والتحديث
إذاً فعجز تلك الاحزاب لطموحات الناس وخاصة الشباب ،وانحسار الحيوية ,والتجديد الفكري والسياسي والبرنامجي والعملي،و عدم قدرتها على قيادة التغيير المنشود بالإصلاح لماكانوايطمحون اليه، وتحولت تباعاً إلى آليات تفكير مسبقة، وإلى أساليب عمل أشبه بالقوالب الجاهزة، وقد كان من شأن ذلك أن يجعل النمطية أسلوب حياة للأحزاب وللأفراد،والتي أدت الى فشل الحياة الحزبية منذ بدايات التأسيس بسبب الصراعات بين الاحزاب من جهة وداخل هذه الاحزاب التي اتسمت بنمط سارت عليه أكثر من خمسة عقود من الزمن والذي لم يغير في أسماء بعض أشخاصه على رأس الهرم الحزبي كما في أحزاب السلطة الحاكمة التي اضطهدت منتسبي هذه الاحزاب فأدى هذا النمط من العقل السياسي الكردي فيما بعد الى الابتعاد عن الالتحاق ضمن صفوف الاحزاب والعزوف عنها ،خاصة الجيل الشاب الذي فقد الأمل بالإصلاح والتغيير لعدم وجود أية شفافية بانعدام وضوح الرؤية .ويمكن تجاوز هذا النمط من العقلية بمنع تجذر الصور النمطية في الوعي الجمعي و القدرة على ممارسة الفكر الناقد.