سيكون لقانون قيصر أثره السلبي سياسياً واستراتيجياً على النظام، ومعيشياً على الشعب السوري، إلا أن المتضرر الأكبر من العقوبات التي تفرض على دول تحكمها أنظمة دكتاتورية استبدادية شمولية هي شعوب هذه الدول مع الأسف.
كانت المرحلة الأولى من الحوار بين المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديموقراطي متمركزة حول البحث في إيجاد الموقف السياسي المشترك، وبالفعل تكللت هذه المرحلة بالنجاح بجهود الداعمين الدوليين الرئيسيين مثل أمريكا وفرنسا، وكذلك الدور الإيجابي الذي لعبه ومازال الجنرال مظلوم كوباني في إزالة العقبات وتخطيها بالتنسيق مع قيادة إقليم كردستان.
نؤكد أنه مازالت الأجواء إيجابية وتشكل أرضية جيدة للبدء في المرحلة الثانية من الحوار الكردي الكردي وأعتقد انها ستبدأ قريباً وفق جدول العمل المخطط له، ونتمنى أن تتكلل هذه المرحلة بالنجاح أيضاً من خلال الاتفاق على المسائل الإدارية والعسكرية والاقتصادية وفق ما تقتضيه مصلحة شعبنا في هذا الظرف العصيب الذي يمر به.
البيان الذي صدر عن مجموعة من النشطاء والسياسيين ممن يدعون بأنهم معارضة سورية ضدَّ وحدة الصف الكردي، لا يصب في خدمة وحدة المعارضة، وكذلك مصلحة الشعب السوري ووحدته، وهو يغذي الثقافة العنصرية والحقد ضد الشعب الكردي، ويزيد من الخلاف، ويخلق الفجوات من خلال تزكية نار الفتنة.
جاء ذلك في حوارٍ أجراه «آدار برس» مع عضو المنسقية العامة لحركة الإصلاح الكردي في سوريا، الدكتور عبد الوهاب أحمد.. هذا نصه:
قال المبعوث الأمريكي إلى سوريا “جيمس جيفري” مؤخراً إن بلاده قدّمت عرضاً لرئيس النظام السوري بشار الأسد للخروج من أزمة الانهيار المتسارع الذي تشهده الليرة والاقتصاد السوري، وذلك قبل أيام من تطبيق قانون قيصر، موضحاً أن واشنطن “تريد أن ترى عملية سياسية ومن الممكن ألا تقود إلى تغيير للنظام، فهي تطالب بتغيير سلوكه وعدم تأمينه مأوى للمنظمات الإرهابية، وعدم تأمينه قاعدة لإيران لبسط هيمنتها على المنطقة”… كيف تقرؤون هذه التصريحات؟
بعد مجيئه، حاول الرئيس ترامب إتباع سياسة جديدة في سوريا أوحى من خلالها لجميع المراقبين والعالم أنها ستكون مغايرة عن سياسة سلفه الرئيس أوباما وإدارته، ولكن سرعان ما أخذت هذه السياسة منحىً آخر بعد أن أتخذ الرئيس ترامب سلسلة من القرارات الخاصة كادت أن تنسف المحددات أو الأولويات التي خطط لها المبعوث (بريت ماكغورك) في زمن إدارة الرئيس أوباما والتي كانت تتركز على محاربة تنظيم داعش والقضاء عليه، ومواجهة التمدد الإيراني في سوريا وإنهاء وجوده، وإعادة الأمن والاستقرار والبدء بالعملية السياسية وفق مسار جنيف.
وبعد تكليف المبعوث جيمس جيفري بإدارة الملف السوري يبدو أنه عادَ للتأكيد على الأولويات السابقة مجدداً والتي لم يبق منها إلا مسألتين حالياً وهما: الإصرار على إنهاء الوجود الإيراني في سوريا، والبدء بعملية سياسية جادة دون مراوغات وفق مسار جنيف وتطبيق القرار ٢٢٥٤ .
وأعتقد أن العرض الذي تحدث عنه المبعوث جيفري مؤخراً يرتكز على هاتين النقطتين، أي دفع الأسد للبدء بالعملية السياسية بشكل جدّي وبعيداً عن الأجندات الروسية والإيرانية يكون بخيار من الأسد ذاته، وخاصة أنه ربط بين تطبيق قانون قيصر بإجراءاته العقابية المشددة في حالة عدم الاستجابة لهذا العرض وربما سيكون العرض الأخير، وبين إمكانية تأجيل تنفيذ هذا القانون أو إلغائه لطالما الأمر متروك لتقديرات الإدارة الأمريكية في النهاية إذا قبل الأسد بالعرض الأمريكي، وفي نفس الوقت هي رسالة سياسية إلى روسيا وإيران، مفادها أنه لن ننتظر كثيراً حتى تقررون انتم متى يبدأ الأسد بالتفاوض، وهذا ما يجعل الاسد بين خيارين أحلاهما مر.
تستمر الليرة السورية في الانهيار مع اقتراب تطبيق قانون قيصر الذي ينص على فرض عقوبات على النظام السوري والشركات الأجنبية التي تتعامل معه.. برأيكم.. لمصلحة من سوف تصب هذه العقوبات؟
سيكون لقانون قيصر أثره السلبي سياسياً واستراتيجياً على النظام، ومعيشياً على الشعب السوري، إلا أن المتضرر الأكبر من العقوبات التي تفرض على دول تحكمها أنظمة دكتاتورية استبدادية شمولية هي شعوب هذه الدول مع الأسف، وتجربة العراق بعد حرب الخليج الثانية ماثلة أمامنا، والشعب السوري فيما لو لم تراعي هذه العقوبات وضعه ومستوى الفقر والبطالة التي وصل إليها بسبب الحرب المشتعلة منذ تسع سنوات، سيصبح مرة أخرى ضحية الاستبداد وإجرام نظامه، لا سيما وأننا بدأنا نلاحظ مفاعيل هذا القانون على الوضع المعيشي وانخفاض قيمة الليرة السورية قبل موعد تطبيقه بأيام، بمعنى آخر سيتأثر الاقتصاد المعيشي للمواطنين بالدرجة الأولى، وسيزداد الأمر أكثر سوءاً.
حظيت المرحلة الأولى من الحوار الكردي- الكردي بالنجاح كما أعلنت جهات رسمية كردية.. هل ترون أجواء الحوار إيجابية بما يشكل أرضية جيدة للبدء بالمرحلة الثانية؟
يؤمن المجلس الوطني الكردي كخيار استراتيجي منذ تأسيسه بضرورة أن يكون للكرد في سوريا موقف ورؤية سياسية موحدة تجاه جملة من المسائل المصيرية تخدم القضية الكردية وتراعي خصوصية الشعب الكردي الوطنية والقومية في سوريا، وذلك بما لا يتعارض مع أهداف الثورة السورية الحقيقية والعملية السياسية وفق مسار جنيف وقرار مجلس الأمن ٢٢٥٤، وتصبح هذه الرؤية هي اللبنة الأساسية الأولى لبناء إدارة مشتركة حقيقية تساهم فيها جميع الأحزاب والقوى السياسية والمجتمعية الفاعلة في كردستان سوريا.
لذلك كانت المرحلة الأولى من الحوار بين المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديموقراطي متمركزة حول البحث في إيجاد هذا الموقف السياسي المشترك، وبالفعل تكللت هذه المرحلة بالنجاح بجهود الداعمين الدوليين الرئيسيين مثل أمريكا وفرنسا، وكذلك الدور الإيجابي الذي لعبه ومازال الجنرال مظلوم كوباني في إزالة العقبات وتخطيها بالتنسيق مع قيادة إقليم كردستان، نعم نؤكد أنه مازالت الأجواء إيجابية وتشكل أرضية جيدة للبدء في المرحلة الثانية وأعتقد انها ستبدأ قريباً وفق جدول العمل المخطط له ، ونتمنى أن تتكلل هذه المرحلة بالنجاح أيضاً من خلال الاتفاق على المسائل الإدارية والعسكرية والاقتصادية وفق ما تقتضيه مصلحة شعبنا في هذا الظرف العصيب الذي يمر به، ويخفف العبء عن كاهله، ويمهد لعودة آمنة للمهجرين واللاجئين الكرد في دول الجوار، ويشكل ثقلاً سياسياً موحداً في العملية السياسية للدفاع عن حقوق الشعب الكردي وقضيته العادلة.
ما موقفكم من البيان الذي صدر عن مجموعة من النشطاء والسياسيين ممن يدعون بأنهم معارضة سورية ورفضهم للتقارب الكردي؟
البيان الذي صدر مؤخراً باسم بعض الشخصيات من المعارضة السورية تحت مسمى “مواجهة الحوار الكردي- الكردي” يتجاهل حقيقة أن الشعب الكردي في سوريا لا يختزل وجوده ضمن كيانات سياسية بل هو شعب يحمل كل مقومات العيش على أرضه التاريخية والذي كفلته العهود والمواثيق الدولية، كما أنه ينشد الشراكة الحقيقية في بلده سوريا ولا يطلب من أحد أن يتصدق عليه بالوطنية ودفعه للتمسك بهويته السورية، على عكس هؤلاء الموقعين المنحدرين من أيديولوجيات وخنادق طائفية وعرقية الذي لم يبق من مفهوم الوطنية في قاموسمهم إلا اسمها، وهم آخر من يجب التحدث عن هذه ” الثوابت” كما ورد في بيانهم.
هذا البيان لا يصب في خدمة وحدة المعارضة، وكذلك مصلحة الشعب السوري ووحدته، وهو يغذي الثقافة العنصرية والحقد ضد الشعب الكردي، ويزيد من الخلاف، ويخلق الفجوات من خلال تزكية نار الفتنة تحت غطاء ولباس جديد اسمه “المعارضة”.
حوار/ سهيلة صوفي