عملت بعض المجموعات التي رفعت علم الثورة السورية على حرفها عن مسارها الطبيعي خلال الاعوام الماضية وكان لها تداعيات خطيرة على الوضع السوري العام ، وبلغ هذا التشوه في مدلولات وأهداف الثورة ذروته مع لجوئها إلى فرض ايديولوجيتها الاقصائية هنا وهناك ، وبرز ذلك جلياً في مناطق ( عفرين – سري كانيه – تل أبيض ) عندما دخلت مجموعات مسلحة مرافقة للجيش التركي ومنضوية في ائتلاف قوى الثورة والمعارضة لتلك المناطق في اعوام ٢٠١٨ – ٢٠١٩ ومارست بعضها ولاتزال وعلى مرأى ومسمع القوات التركية ابشع الانتهاكات بحق ابناء المنطقة الكردية ، وعملت على فرض سياسة التغيير الديمغرافي قسراً ، إضافة إلى قيامها بالقتل والاغتصاب والتعدي على أملاك المدنيين الكرد وفرض الضرائب والاتاوات ضاربة بذلك كل الأعراف والقوانين الدولية عرض الحائط ، وما حدث مؤخراً من مجزرة دموية مروعة بحق المدنيين الكرد من اهالي مدينة جنديرس عشية عيد نوروز – عيد الحرية والسلام لهذا العام ٢٠٢٣ على يد عناصر تنتمي ( لأحرار الشرقية ) ليس إلا تأكيداً إضافياً على أن هذه المجموعات لا تخضع لضوابط قانونية وأخلاقية ، و أنها بعيدة عن المبادئ والأهداف التي خرجت من أجلها كل السوريين في ثورة الحرية والكرامة ، وتؤكد مرة أخرى انها تستهدف التعايش السلمي وتستمر بنفس عقلية النظام في بث ثقافة العداوة والعنصرية بحق أبناء الشعب الكردي، والتي لابد من التصدي لها بروح وطنية عالية ، حفاظاً على الوحدة الوطنية والعيش المشترك ، وتفويت الفرصة على مدبري الفتن والمؤامرات ضد أحد أهم مرتكزات الهوية الوطنية السورية وتنوعها العرقي والديني والثقافي.
وبناءً على كل ذلك ، وتأكيداً على موقفنا السابق بخصوص ممارسات هذه المجموعات ومنهجية استهدافها للمناطق الكردية التي تسيطر عليها ، فأننا نؤكد على ما جاء في موقف المجلس الوطني الكردي ولاسيما في بيانه الاخير ونحمل مسؤولية ما يحدث في هذه المناطق من انتهاكات للحكومة التركية باعتبارها صاحبة السلطة الفعلية فيها ، و لائتلاف قوى الثورة والمعارضة باعتبارها الغطاء السياسي لهذه الفصائل ، وندعوهم والمجتمع الدولي وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية ودولة روسيا الاتحادية ،للوقوف أمام مسؤولياتها في إنهاء الوضع المأساوي والظلم الذي يتعرض له أبناء الشعب الكردي في المناطق ( عفرين – سري كانيه – تل أبيض ) على يد هذه المجموعات والفصائل المسلحة ، والتي تتلخص معالجتها آنيا حتى الوصول إلى تسوية سياسية شاملة للأزمة السورية وفق مسار جنيف والقرار ٢٢٥٤ ، بإدانة جريمة جنديرس الفظيعة وجميع الانتهاكات السابقة التي مورست بحق أبناء الشعب الكردي في هذه المناطق على أساس التمييز العنصري ، وتقديم مرتكبي جريمة جنديرس وباقي المتهمين في الانتهاكات السابقة للمحاسبة ومحاكمة محايدة وعادلة وبمراقبة منظمات حقوقية دولية لينالوا جزائهم العادل ، كما نطالب ائتلاف قوى الثورة والمعارضة بتحمل مسؤوليتها في تنفيذ بنود الاتفاق مع المجلس الوطني الكردي في عام ٢٠١٩ حول تأمين عودة آمنة وكريمة لأبناء هذه المناطق وبرعاية إقليمية ودولية ، وإخراج جميع الفصائل المسلحة من هذه المناطق ، وانتخاب مجالس مدنية من أهل المنطقة الإصلاء لإدارتها إدارياً وخدميا وامنياً ، وأن لا ينظر إلى جريمة جنديرس باعتبارها جريمة جنائية أقدمت عليها افراد محددون ، وانما جريمة سياسية تستهدف هوية الشعب الكردي ووجوده التاريخي على أرضه ، مورست بحقه ابشع الجرائم في السنوات السابقة من قبل بعض الفصائل المسلحة التي تنضوي تحت مظلة “الجيش الوطني السوري” .
نعتقد وبعد كل هذا الظلم الممنهج ضد الشعب الكردي في مناطق سيطرة الفصائل المسلحة والمعارضة ، بانه آن الاوان للائتلاف كي يظهر حقيقة موقفه من حقوق الشعب الكردي في سوريا وما يجري بحقه من انتهاكات فظيعة بمنطقة عفرين وبلداتها وسري كانيي ، وعلى المجلس الوطني الكردي أن يعيد النظر في تصوراته حول مدى قدرته وامكانياته لإفشال هذه المخططات الخبيثة بحق الكرد، وحمايته من ارهاب المجموعات المتطرفة من خلال عضويته في الإئتلاف.