تنظيم “الدولة الإسلامية” عام على “الخلافة”…السيطرة على 50% من سوريا… السيطرة على مقدرات الشعب السوري.. مجازر بحق كافة مكوناته وانتهاكات صارخة لحقوق الإنسان
يصادف اليوم الأحد الـ 28 من شهر حزيران / يونيو انقضاء سنة على إعلان تنظيم “الدولة الإسلامية” “دولة الخلافة”، في بيان للمتحدث الرسمي في التنظيم أبو محمد العدناني، والذي أعلن في صباح الـ 29 من شهر حزيران / يونيو 2014 قيام دولة “خلافتهم”، حيث شهد العام الأول لإعلان “خلافة التنظيم” أحداثاً هامة في سوريا، تمكن المرصد السوري لحقوق الإنسان من توثيق معظمها.
حيث تمكن تنظيم “الدولة الإسلامية” منذ الـ 29 من شهر حزيران الفائت من العام 2014 من تشكيل 8 ولايات في مناطق سيطرته داخل الاراضي السورية، والولايات هي:: “”ولاية الرقة – ولاية حلب – ولاية البركة – ولاية دمشق – ولاية الخير – ولاية الفرات – ولاية حماة – ولاية حمص”، وبات التنظيم يسيطر على مساحة تعادل نحو 50 % من مساحة سوريا، حيث سيطر التنظيم، على أكثر من 90 ألف كلم مربع، من المساحة الجغرافية لسوريا، ويتواجد في 9 محافظات سورية، هي حمص، الرقة، دير الزور، الحسكة، حماة، حلب، دمشق، ريف دمشق والسويداء، إضافة لوجود موالين له في محافظة درعا، حيث يسيطر تنظيم “الدولة الإسلامية” على مساحة متصلة من جنوب مدينة الحسكة وبلدة الهول في جنوب شرقها مروراً بمعظم دير الزور وغالبية محافظة الرقة وصولاً إلى بلدة الراعي بريف حلب الشمالي، ومنطقة الصوانة في ريف حمص الشرقي، ومعظم البادية السورية حتى ريف السويداء الشمالي الشرقي والأطراف الشرقية لريف دمشق، إضافة لسيطرته على مناطق واسعة في جنوب العاصمة دمشق.
وشهد العام الأول من إعلان “دولة الخلافة” أحداثاً متسارعة، حيث بات التنظيم يسيطر على مقدرات الشعب السوري من النفط والغاز، إثر سيطرته على معظم حقول النفط والغاز في سوريا، باستثناء حقلي شاعر وجزل في ريف حمص الشرقي واللذان تسيطر عليهما قوات النظام، وحقول رميلان التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردي.
فيما يخص تعامل تنظيم “الدولة الإسلامية” مع الأطفال، فإنه – أي التنظيم – عمد إلى العمل في مضمارين متصلين وهما التعليم والتجنيد، فقد وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان تأسيس التنظيم لمئات المدارس المنتشرة في مناطق سيطرته داخل الأراضي السورية، والتحق بها عشرات آلاف الأطفال، الذين تم تدريسهم مواد التوحيد واللغة العربية والرياضيات والفيزياء والكيمياء والعلوم الطبيعية واللغة الإنكليزية، وتتألف مادة التوحيد من 179 صفحة، وهي عبارة عن رسالة لمحمد عبد الوهاب أحد علماء الجزيرة العربية، والذي يتحدث فيها عن الأصول الثلاثة في التوحيد، وفي الصعيد ذاته، عمد التنظيم على “إيقاف التدريس في مدراس بمناطق سيطرته لحين إخضاع المدرسين والمدرسات لـ “دورة شرعية”، وتوقيعهم على أوراق “استتابة” من “تعليم المناهج الباطلة والقومية والوطنية والبعثية ومن العمل بالقوانين الوضعية والتحاكم إلى الطواغيت” حتى يتمكنوا من التدريس في المدارس الواقعة في مناطق نفوذه، بالإضافة إلى، فصل التلاميذ والطلاب الذكور عن الإناث ومنع تدريس المدرسين الذكور للطالبات والتلاميذ الإناث، يضاف إلى ذلك فرض تدرس المدرسات للتلاميذ والطلاب الإناث، إضافة لقيام مدرسين وعناصر من تنظيم “الدولة الإسلامية” من جنسيات سورية وغير سورية، بتدريس الأطفال، وإغلاقه عشرات المدارس التي كانت تدرس المناهج الحكومية السورية.
في المضمار الآخر فقد وثق المرصد افتتاح تنظيم “الدولة الإسلامية” مكاتب أسماها مكاتب “أشبال الخلافة”، والتي تجند الأطفال، وتستقبل الأطفال الراغبين بالانضمام إلى صفوف التنظيم، إضاف لإقناع واستقطاب الأطفال الذين يقطنون قرب مقار للتنظيم ومساكن لعناصره، والذين يرتادون المدارس والمساجد في مناطق سيطرته، والأطفال الراغبين بالانضمام دون موافقة أولياء أمورهم، والأطفال الذين يحضرون في ساحات تنفيذ “الإعدام والذبح والصلب والجلد والرجم”، كما شكل التنظيم كتائب تحت مسمى “أشبال الخلافة” ممن انضموا إليه، حيث وثق المرصد في شهر حزيران 2015، مصرع 14 طفلاً مقاتلاً بعد نقلهم إلى جبهات القتال في العراق، كذلك وثق المرصد إرسال كتيبة مؤلفة من 140 عنصراً من الأطفال دون سن الـ 18، ومن المنضمين حديثاً إلى معسكرات التدريب التابعة للتنظيم، إلى جبهات القتال في مدينة عين العرب (كوباني)، وذلك في الـ 25 من شهر كانون الثاني / يناير من العام 2015، حيث تم إرسالهم إلى مدينة عين العرب (كوباني) ووثق المرصد مصرع 6 منهم في الاشتباكات مع الوحدات الكردية، إضافة لتوثيق المرصد إشراك الأطفال في تنفيذ عمليات الإعدام، ومنها إعدام طفلين من جنسيات آسيوية لعنصرين من التنظيم قال أنهما عميلان للمخابرات الروسية، وإشراكهم في إعدام 9 رجال بريف حماة، قال التنظيم أنها “روافض”، كذلك وثق المرصد ممارسة أنواع من التعذيب من قبل عناصر التنظيم على الأطفال.
وفيما يخص المرأة، فقد وثق المرصد في أواخر آب / أغسطس من العام 2014، توزيع تنظيم “الدولة الإسلامية”، نحو 300 فتاة وسيدة من أتباع الديانة الأيزيدية، ممن اختطفن في العراق قبلها بأسابيع، على عناصره في سوريا، خلال شهر آب الفائت، وذلك على أساس أنهن “سبايا من غنائم الحرب مع الكفار”، وقبل أيام وثق المرصد نقل 42 أيزيدية مختطفة إلى مقر للتنظيم وعرضهن “للبيع” مقابل مبلغ يتراوح بين 500- 2000 دولار أمريكي.
كذلك تمكن نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان في محافظتي دير الزور والرقة، في مطلع شهر تشرين الثاني / نوفمبر، من توثيق 6 حالات “سبي” على الأقل، لنساء سوريات من المسلمات السنة، من الريف الشرقي لدير الزور، تم “سبيهنَّ” من المساكن العسكرية التابعة للفرقة 17، في محافظة الرقة، عند سيطرة التنظيم على الفرقة، والنساء هنَّ زوجات ضباط وصف ضباط، في قوات النظام بالفرقة 17، وتمكن المرصد من توثيق الحالات الستة من ضمن نحو 80 حالة، لنساء سوريات، وردت معلومات للمرصد، أن عناصر التنظيم قام بسبيهنَّ، في مناطق مختلفة بمحافظتي الرقة ودير الزور.
كما وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان استمرار تنظيم “الدولة الإسلامية باختطاف أكثر من 220 مواطناً آشورياً من قرى بريف تل تمر هاجمها التنظيم في الـ 23 من شهر شباط / فبراير من العام الجاري 2015، واقتادهم إلى منطقة جبل عبد العزيز، قبل نقلهم إلى مناطق سيطرته في ريف الحسكة الجنوبي، حيث أفرج التنظيم عن نحو 26 مواطناً مدنياً بينهم أطفال ومواطنات وسيدات مسنات.
كذلك لا يزال تنظيم “الدولة الإسلامية” يختطف أكثر من 4 آلاف مواطن مدني، من محافظات دير الزور وحمص وحماة وحلب والحسكة والرقة وريف دمشق.
كما وثق المرصد تفجير التنظيم لعشرات الأضرحة والمقامات والمزارات الخاصة بأتباع الطريقة الصوفية ومشايخها، في محافظات دير الزور والرقة والحسكة وحمص وحماه وحلب وإدلب، حيث فجر تنظيم “الدولة الإسلامية” في منتصف شهر آب / أغسطس الفائت من العام 2014 مزار النبي داود بقرية دويبق بريف حلب الشمالي الشرقي، عقب أيام من سيطرة التنظيم على القرية، بالإضافة لتفجير وتحطيم كنيسة ومحتوياتها بريف تل تمر بمحافظة الحسكة، كما فجر مقاتلون من الدولة الإسلامية في الـ 12 من تموز / يوليو الفائت من العام 2014، مزاراً للشيخ عبد القادر الجيلاني في قرية خربة زينب بالريف الشرقي لمدينة سلمية، وقاموا بذبح القائم على المزار ونجله، بينما فجر مقاتلو التنظيم في أوائل شهر يوليو 2014، مزاراً في قرية حربل، بريف حلب الشمالي، كما فجر التنظيم في شهر حزيران الجاري مزارين في منطقة تدمر بريف حمص.
كما وثق المرصد آلاف عمليات الإعدام التي نفذها التنظيم في مناطق سيطرته بسوريا بتهم:: “الردة، قتال الدولة الإسلامية، السحر، العمالة والتجسس لصالح النظام النصيري، سب الذات الإلهية، سب الرسول، ممارسة الفعل المنافي للحشمة مع ذكور، الزنا، قطع الطريق والتشليح، التعاون مع النظام النصيري، الغدر بالمجاهدين، تجنيد أبناء عشيرة الشعيطات بمعسكر تدمر، الخروج في مظاهرة ضد الدولة الإسلامية والتحريض على قتالها، قتال الدولة الإسلامية والتنسيق مع الصحوات في تركيا، خيانة المسلمين، تشكيل صحوات لقتال الدولة الإسلامية، إيصال معلومات عن الدولة الإسلامية، الانتساب لميليشيا الدفاع الوطني التابعة للنظام، التشيع، الاتجار بالمخدرات، وخلايا نائمة لقتال التنظيم، تدريبه من قبل التحالف في تركيا لقتال الدولة الاسلامية، كشف عن عورات المجاهدين”” إضافة لعدد من التهم الأخرى التي وجهها التنظيم للذين قام بإعدامهم.
ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان إعدام تنظيم “الدولة الإسلامية” 3027 عدد المدنيين والمقاتلين وعناصر قوات النظام والمسلحين الموالين لها وعناصر تنظيم “الدولة الإسلامية”، الذين أعدمهم التنظيم بمناطق سيطرته في الأراضي السورية، منذ إعلانه عن “خلافته” في 29 / 6 / 2014 وحتى فجر اليوم 28 / 6 / 2015.
حيث بلغ 1787 مواطناً مدنياً بينهم 74 طفلاً و86 مواطنة عدد الذين أعدمهم تنظيم الدولة الإسلامية رمياً بالرصاص، أو بالنحر أو فصل الرؤوس عن الأجساد أو الرجم أو الرمي من شاهق أو الحرق في محافظات دمشق وريف دمشق ودير الزور والرقة والحسكة وحلب وحمص وحماة، من ضمنهم 3 مجازر نفذها التنظيم في محافظات دير الزور وحلب وحماة، حيث أعدم التنظيم أكثر من 930 مواطناً من العرب السنة من أبناء عشيرة الشعيطات بريف دير الزور الشرقي، و223 مواطناً مدنياً كردياً قتلهم التنظيم بإطلاق نار وبالأسلحة البيضاء في مدينة عين العرب (كوباني) وقرية برخ بوطان بالريف الجنوبي للمدينة، و46 مواطناً مدنياً أعدمهم التنظيم في قرية المبعوجة التي يقطنها مواطنون من الطوائف الاسماعيلية والسنية والعلوية بالريف الشرقي لمدينة سلمية، وذلك حرقاً وذبحاً وبإطلاق النار من قبل عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية”
كما بلغ 216 عدد مقاتلي الكتائب المقاتلة والكتائب الاسلامية وجبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) ووحدات حماية الشعب الكردي الذين أعدمهم تنظيم الدولة الإسلامية، بعد ما استطاع أسرهم، نتيجة الاشتباكات التي تدور بين التنظيم والفصائل المذكورة أو اعتقلهم على الحواجز التي نشرها التنظيم في المناطق التي يسيطر عليها.
كذلك أعدم تنظيم “الدولة الإسلامية” 143 من عناصره، بعضهم بتهمة “الغلو والتجسس لصالح دول أجنبية” وغالبيتهم أعدموا بعد اعتقالهم من التنظيم إثر محاولتهم العودة إلى بلدانهم.
كما أعدم التنظيم 881 ضابطاً وعنصراً من قوات النظام والمسلحين الموالين لها وذلك بعدما تمكن من أسرهم في معاركه مع قوات النظام أو القى القبض عليهم على حواجزه في المناطق التي يسيطر عليها.
إننا في المرصد السوري لحقوق الإنسان وفي هول المجازر والانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان بحق أبناء الشعب السوري، من قبل هذا التنظيم وعناصره، الذين استغلوا مأساة هذا الشعب، الذي ثار في وجه نظام القمع والاستبداد، القابع على صدورهم منذ عشرات السنين، من أجل إقامة “خلافتهم” على حساب دماء الشعب السوري، فإننا ندعو مجلس الأمن الدولي وكافة المنظمات والدول التي تدعي احترام حقوق الإنسان في العالم، للعمل الفوري من أجل وقف الجرائم والانتهاكات المرتكبة بحق أبناء الشعب السوري، من قبل تنظيم “الدولة الإسلامية” ونظام بشار الأسد، وجميع منفذيها، بغض النظر عن الطرف الذي ينتمون إليه، وإنشاء محاكم مختصة لمحاكمتهم، كما ندعوهم لمساعدة الشعب السوري من أجل الوصول إلى دولة الحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة، التي تحفظ حقوق كافة مكونات الشعب السوري دون التمييز بين الأديان والطوائف والاثنيات، التي كانت ولا تزال وستبقى تتعايش من اجل مستقبل مزهر لسوريا على الرغم من الحملات الإعلامية التي تعمل على تدمير البنى الاجتماعية للوطن السوري.
المرصد