العاصفة الثلجية تخمد نيران العنف في سوريا
قال المرصد السوري لحقوق الانسان، اليوم (الخميس)، إنه لم يسجل سقوط أي قتيل في سوريا أمس، ليصبح أول يوم من دون ضحايا منذ اندلاع الصراع قبل أكثر من ثلاث سنوات، اذ أخمدت عاصفة شتوية شديدة تجتاح المنطقة نيران العنف.
وأضاف رامي عبد الرحمن مدير المرصد، أن أجواء الطقس شديد البرودة جلبت مصاعب جديدة للاجئين والمدنيين؛ لكن الطقس البارد حمى السوريين من القصف والقتال.
لكن المرصد، الذي يتابع الصراع وينقل عن مصادر في مختلف أنحاء سوريا، لم يسجل أي قتلى من أي طرف في الصراع الدائر أمس. وأضاف أن مسلحا متطرفا قتل في داريا قرب دمشق متأثرا بجروح أصيب بها في وقت سابق.
وتشهد منطقة الشرق الاوسط هذا الاسبوع عواصف ثلجية ورياحا عاتية وأمطارا غزيرة، ما زاد المخاوف بشأن اللاجئين الذين يواجهون الشتاء في ملاجئ واهية.
وعلى الرغم من إيجابيات العاصفة الثلجية التي فرضت حالة من الهدنة بين المتقاتلين؛ إلّا أن تأثيرها السلبي لم يسلم منه اللاجئون السوريون، بل زاد من معاناتهم.
ويعاني اللاجئون السوريون في لبنان منذ أوائل هذا الأسبوع من الصقيع والثلوج، بسبب العاصفة “زينة” التي خلّفت وراءها طبقة سميكة من الثلوج على قمم المناطق العالية.
وتظهر الصور التي نقلتها شاشات القنوات العربية لاجئين يناضلون ضد الثلوج في سهل البقاع، ومن بين هؤلاء اللاجئين من لم يجد سوى خف يلبسه في هذا الجو البارد.
لا تبدو في الأفق نهاية لمعاناة اللاجئين السوريين. ويبين تقرير للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مدى مأساوية وضع هؤلاء اللاجئين.
لم تكن سوريا قبل عامين ضمن أول 30 دولة في العالم يفر منها سكانها هربا من العنف والفقر؛ ولكنها أصبحت الآن تحتل المركز الأول في هذه القائمة، إذ سجلت المفوضية أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ سوري في بلدان أخرى، منذ اندلاع الحرب الأهلية في ربيع عام 2011.
وتعاني الدول المجاورة لسوريا من وطأة أعباء اللاجئين السوريين الذين نزحوا إليها، حيث يأوي لبنان حسب المفوضية 1,1 مليون لاجئ وتأوي تركيا 798 ألف والأردن 646 ألف وكذلك العراق (220 ألف لاجئ)، على الرغم من أنه يعاني هو الآخر من موجات عنف وتهجير وزحف من قبل مليشيات تنظيم “داعش”.
وتبذل الحكومات والمنظمات المعنية جهودا حثيثة لتوفير الحاجات الأكثر إلحاحا لهؤلاء اللاجئين في ظل عدم توفر الإمكانيات اللازمة.
وأصبح البرنامج العالمي للتغذية عاجزا منذ مطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي عن توفير كوبونات صرف السلع الغذائية للاجئين بسبب نقص التمويل المالي، وذلك بسبب عدم وفاء الجهات الدولية المانحة بالتبرعات التي تعهدت بها قبل أن يوجه البرنامج العالمي للتغذية نداء استغاثة تلقى على إثره نحو 65 مليون يورو.
وفي لبنان يواجه اللاجئون وضعا مأساويا بشكل خاص، ليس فقط بسبب طقس الشتاء بل لأن مساحة البلد الذي يبلغ تعداد سكانه نحو ستة ملايين نسمة صغيرة أصلا. كما أن انقسام لبنان بين الطوائف الدينية أدى إلى توازن سياسي مضطرب ومعرض للخطر من قبل هذا النزوح الجماعي للاجئين السوريين.
وكثيرا ما ينتقل العنف عبر الحدود من سوريا إلى لبنان، وليست هناك معسكرات لاجئين رسمية للسوريين في لبنان حتى لا يبقوا هناك وقتا أكثر من اللازم.
وتناضل منظمات إغاثية من أجل توفير الضروريات الملحة لهؤلاء اللاجئين الذين يتوزعون في الكثير من أرجاء لبنان ويصعب العثور عليهم، حيث يعيشون في أي مكان يتوفر فيه ملاذ آمن لهم، سواء كانت مساكن خاوية أو خيام.
يؤكد المتحدث باسم المفوضية السامية للاجئين رون ريموند، أن الكثير من هؤلاء اللاجئين يعيشون “في ظروف مخيفة”.
كما أن اللاجئين يغيرون التركيبة السكانية للبلاد التي يحلون بها بشكل هائل، كما حدث على سبيل المثال في الأردن، فحسب المشرف على دراسة لمؤسسة أعدت بتكليف من مؤسسة كونراد أديناور الألمانية، فإن عدد اللاجئين السوريين وصل الى 110 آلاف لاجئ في مدينة المفرق، وهو يزيد عن عدد السكان الأصليين على الرغم من أن مرافق المدينة لا تكفي سكانها الأصليين، حسبما أوضح خالد الوزاني.
واضطرت المدارس في الأردن للعودة للعمل فترتين للسماح للفتيان والفتيات السوريين بتلقي الدروس. غير أن الكثير من أبناء اللاجئين السوريين لا يذهبون للمدرسة أصلا بل يضطرون للعمل لمساعدة أسرهم.
ربما كانت التداعيات بعيدة المدى لمأساة اللاجئين السيئة بنفس درجة التداعيات الحالية؛ ففي حالة استمرار الحرب الأهلية في سوريا فترة أطول، فسيكون هناك جيل من السوريين بلا تعليم وبلا آمال في المستقبل، وهو ما ينذر بمزيد من القلاقل في المنطقة.
الشرق الأوسط