دمشق مرتاحة للغطاء الروسي
يبدأ المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا في الساعات المقبلة جولة تشمل الرياض ودمشق وعواصم إقليمية أخرى، لإجراء محادثات مع الهيئة التفاوضية العليا للمعارضة ومسؤولين في الحكومة السورية استعداداً لعقد المفاوضات نهاية الشهر الجاري أو بداية الشهر المقبل، وسط أنباء عن تمسك دمشق بتفسيرها للحل السياسي مقابل قلق من «نصائح» موسكو بالتزامن مع استمرار تقديم روسيا الغطاء الجوي لقوات النظام في مناطق عدة، خصوصاً في ريف درعا حيث تسعى للسيطرة على مدينة الشيخ مسكين وإطباق الحصار على مدينة معضمية الشام جنوب غربي دمشق التي تعرضت أمس إلى ٤٠ «برميلاً متفجراً».
وتبدأ الهيئة العليا للمعارضة برئاسة منسقها العام رياض حجاب اجتماعاً في الرياض اليوم على أن يلتقي دي ميستورا الإثنين أو الثلثاء بأعضائها الـ٣٤. ونجحت ضغوط روسية بالإفراج عن عضوي الهيئة أحمد العسراوي ومنير بيطار اللذين اعتقلا على الحدود السورية- اللبنانية في طريقهما إلى الرياض، ووصلا أمس الى العاصمة السعودية للمشاركة في الاجتماع مع المبعوث الدولي الذي كان مقرراً أن يذهب إلى دمشق الأربعاء وتتم اتصالات لتأجيل الموعد إلى الأحد المقبل.
ويتطلع فريق دي ميستورا إلى مؤازرة دولية- إقليمية لحل عقبات إجرائية قبل موعد المفاوضات الأولى في ٢٥ الجاري مع توافر أنباء عن تأجيل الموعد إلى حين إزالة العقبات. وتتعلق بتشكيل الوفد المعارض، ذلك أن موسكو تريد توسيعه وضم رئيس «الاتحاد الديموقراطي» صالح مسلم والرئيس المشترك لـ «المجلس السوري الديموقراطي» هيثم مناع ورئيس «الجبهة الشعبية للتحرير والتغيير» قدري جميل إلى وفد المعارضة الذي شكلته الهيئة العليا لمؤتمر الرياض من ١٥ عضواً أصيلاً و١٥ احتياطياً وعشرة خبراء، فيما تتمسك المعارضة بمرجعية مؤتمر الرياض وتشكيلة وفدها وعدم تسليم قائمة وفدها إلى دي ميستورا مع تلويح بعض كتل المعارضة السياسية بالانسحاب من الهيئة التفاوضية إذا جرى ضم «الاتحاد الديموقراطي».
وتتعلق العقبة الثانية بوجود الفصائل المقاتلة، إذ إن موسكو ودمشق أبلغتا دي ميستورا أن الحكومة السورية لن تشارك في المفاوضات إذا حضر ممثلو «جيش الإسلام» و «أحرار الشام»، بل إن مسؤولين سوريين ذهبوا في اجتماعات مغلقة إلى حدود أبعد عندما قال أحدهم إن «الحكومة لن تشارك إذا حضر المسلحون»، إضافة إلى تحفظات على حجاب نفسه، باعتباره كان رئيساً سابقاً للوزراء. لكن الهيئة العليا «متمسكة أيضاً بتفويض مؤتمر الرياض الذي شارك فيه ممثلو ١٥ فصيلا مقاتلاً انضم ١١ منهم إلى الهيئة العليا وسيشاركون في الوفد المفاوض».
ووفق معلومات، فإن دمشق متمسكة بتفسيرها للقرار الدولي ٢٢٥٤ و «الحل السياسي» بإجراء مفاوضات مع «المعارضة الوطنية» من دون مشاركة «المسلحين» الذين «لا حل أمامهم سوى المصالحات والعودة إلى حضن الوطن»، للوصول إلى تشكيل «حكومة وحدة وطنية» من دون أي برنامج زمني ومن دون توقف العمليات العسكرية والهجومية للجيش السوري، على أن تشكل الحكومة بموجب دستور العام ٢٠١٢، بحيث تؤدي هذه الحكومة اليمين القانونية أمام الرئيس بشار الأسد، ثم تعكف على صوغ دستور.
أما الانتخابات الواردة في القرار الدولي، فان تفسير دمشق لها أنها برلمانية، بحيث تجرى الانتخابات البرلمانية في نهاية العملية السياسية بعد ١٨ شهراً من مرونة زمنية وأن تجرى الانتخابات الرئاسية في موعدها في نهاية الولاية الرئاسية للأسد في العام ٢٠٢١، مع ترك الباب لـ «مرونة» للبحث في إمكان تقريب موعدها إلى ٢٠١٩، وفق المعلومات المتوافرة.
لكن ظهرت مؤشرات عن «قلق» في دمشق من «نصائح» روسيا السياسية، إذ قال مسؤول سوري في جلسة إن الروس «يعطوننا الدواء المر تدرجاً» بالتوازي مع استمرار الدعم العسكري. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس، إن «اشتباكات عنيفة دارت بين الفصائل المعارضة وقوات النظام والمسلحين الموالين في محيط مدينة الشيخ مسكين في محاولة من النظام لاستعادة المنطقة، فيما نفذت طائرات حربية يرجح أنها روسية ما لا يقل عن 8 غارات على الشيخ مسكين» بين دمشق والأردن بعدما ترددت أنباء عن تفاهم تضمن وقف المعارضة العمليات الهجومية في ريف درعا مقابل عدم قصف روسيا هذه المنطقة. وتابع «المرصد» أن «اشتباكات في محيط وأطراف مدينة معضمية الشام، وسط قصف من الطيران المروحي، ٤٠ برميلاً متفجراً على معضمية الشام ومدينة داريا المتاخمة لها» جنوب غربي العاصمة.
إلى ذلك، أفاد موقع «كلنا شركاء» المعارض أمس، بانشقاق ٢٣ قيادياً في تنظيم «داعش» من مناطق دير الزور شرق سورية خلال الأشهر الستة الماضية، وهروب معظمهم إلى تركيا، فيما وصل بعض «المنشقين» الى ألمانيا مع اللاجئين. وأجرى القائد العام لـ «حركة أحرار الشام الإسلامية» مهندس المصري أمس، تغييراً في قيادة الحركة في منطقة حلب شمال سورية حيث تدور معارك عنيفة مع تحالف كردي- عربي بغطاء جوي روسي أيضاً، في وقت أفيد باغتيال أحد قادتها في ريف إدلب شمال غربي البلاد، ليصل إلى ١٩ عدد القياديين المعارضين الذين اغتيلوا خلال شهر.
الحياة