قيادات كردية تتحدث عن “كردستان سوريا” حواس خليل : “الفيدرالية” ليست بداية للتقسيم وإنما التوحد وهي “الحل الوحيد” لـ”إنهاء الظلم والحرمان”
شكّل تاريخ السابع عشر من مارس الجاري مرحلة جديدة من عمر الأزمة في سوريا، حينما أعلن الأكراد إقامة «نظام فيدرالى» من طرف واحد في المناطق التي يسيطرون عليها شمال البلاد، في خطوة أعدها مراقبون أولى مراحل تقسيم هذا البلد الذى أنهكته ٥ سنوات من الحرب الأهلية.
والنظام الفيدرالي هو شكل من أشكال الحكم تكون السلطات فيه مقسمة دستوريا بين حكومة مركزية ووحدات حكومية أصغر (أقاليم، ولايات)، ويجرى توزيع السلطات بين الحكومة المركزية الفيدرالية والحكومات الإقليمية من خلال الدستور، إذ يسمح للحكومات والولايات داخل الدولة الفيدرالية بتحديد قوانينها وسياستها الداخلية، في حين تتمتع الحكومة المركزية في معظم الأنظمة الفيدرالية بسلطة تحديد السياسة الخارجية والدفاع، كسلطة حصرية لها.
وبحسب قيادات كردية فإن هناك تصميما على إقامة نظام فيدرالي يعطى للطائفة الحق في إقامة «إقليم خاص» على غرار «كردستان العراق». ويقدر عدد أكراد سوريا بأكثر من مليوني نسمة، يتمركزون بشكل أساسي في المناطق الشمالية والشرقية من البلاد، وتوجد أعداد كبيرة منهم في المدن الكبرى مثل دمشق وحلب، وتعد مناطقهم من أغنى المناطق الزراعية في البلاد، فضلًا عن أنها تحتوى على معظم إنتاج سوريا من الغاز والنفط.
يقول ممثل المجلس الوطني الكردي في الائتلاف السوري المعارض، حواس خليل: «إن إنهاء الظلم والحرمان الذى لحق بشعبنا الكردي يتطلب الإقرار الدستوري بالحقوق القومية للشعب الكردي في سوريا وإعادة بناء الدولة وفق الاتحاد الفيدرالي، وبنظام برلماني ديمقراطي تعددي، يضمن حقوق المكونات القومية والدينية والمذهبية، وصولًا إلى دولة اتحادية قوية ومتماسكة».
ورغم انتقاد «خليل» ومجلسه لـ«الخطوة المنفردة» من قبل قوى وأحزاب كردية بالإعلان عن «الاتحاد الفيدرالي الديمقراطي لروج آفا – شمال سوريا» لأنه «لا يراعى الخصوصية القومية والجغرافية في كردستان سوريا ويلحق الضرر الأكبر بالنضال القومي والوطني» فإنه يؤكد في الوقت ذاته أن «أفضل أشكال الحكم لسوريا المستقبل هي الفيدرالية بالتوافق بين جميع مكونات الشعب السوري».
سألته: «أليس في ذلك دعوة لتقسيم البلاد إلى أقاليم مستقلة؟»، فنفى بشدة: «لا بكل تأكيد ليس بداية للانقسام، وإنما بداية للتوحد وتقسيم سياسي متساو، وعدم سماح بقيام أنظمة ديكتاتورية وشمولية، وتأمين المساواة والتوزيع العادل للثروة بين مكونات الشعب السوري». ويوضح: «الفيدرالية هي تقسيم للوظيفة السياسية داخليًا وخارجيًا، فالدولة موحدة ويديرها المركز، والفكرة هى التوافق على حكومة مركزية».
ويبرر «خليل» التمسك بالفيدرالية بأن «سوريا عبارة عن فسيفساء متنوع عرقي وديني وطائفي ناهيك عن الظلم والحرمان الذى عانى منه الشعب الكردي في سوريا، ومن ثم يكون من حقهم الآن إنشاء إقليمهم الخاص».
من جانبه، يرى القيادي الكردي المعارض، فيصل يوسف، عضو مكتب العلاقات في المجلس الوطني الكردي أن «الفيدرالية لا تسمح للحكومة المركزية بالتوجه نحو الاستبداد، عبر تقاسم الوظائف السياسية والإدارية مع المركز»، بل إن «الفيدرالية حل وحيد للحفاظ على وحدة سوريا وإنهاء حالة الانقسام الفعلي الموجودة الآن». أما عن تصوره لـ«كردستان سوريا» فيوضح: «الإقليم الكردي يكون ممتدًا من أقصى شمال شرقي سوريا إلى عفرين أي ضمن مناطق ذات أغلبية كردية».
يقول: «الحركة الكردية طرحت رؤيتها للحل السياسي في سوريا منذ عام ٢٠١٢ بإعادة بناء الدولة وفق نظام فيدرالي باعتباره النموذج الأفضل للتعايش والتنمية وضمان حقوق المكونات العرقية والدينية، علاوة على أن المتحد الوطني سيتعزز ويتعمق أكثر، وهذا ما يتبناه المجلس الوطني الكردي العضو بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة ويتحاور مع باقي مكونات الائتلاف حول شكل الدولة المستقبلي بغية إقراره في دستور البلاد».
يتحدى «يوسف» معارضي الفيدرالية: «حقنا لا نطلبه من أي أحد، بل حقنا قائم مثلنا مثل العرب».
يقول: «نحن نرى أن الفيدرالية ستكون الحل الأفضل بعد ٥ سنوات من القتل والدمار، والفيدرالية على أساس اتحادي ستكون توحيدا لسوريا لأنها مقسمة حاليًا ولم تعد تفيد على أساس الحل المركزي».
الفيدرالية لديه ليست غاية بل وسيلة لا بد أن يترافق معها اعتراف دولي بحقوق الشعب الكردي حسب العهود والمواثيق. وضعت أمامه الاعتراضات الدولية على الفيدرالية في سوريا فلم يلتفت: «السوريون وحدهم هم المعنيون بتحديد شكل دولتهم وليس من مصلحة السوريين حل مشاكل الدول الأخرى على أراضيها وعلى حساب شعبها». وبشأن المواقف التركية الإيرانية الرافضة: «هناك قضية كردية في كل من تركيا وإيران بحاجة إلى معالجتها وحلها بما يتوافق مع الأعراف والمواثيق الدولية وليس تصديرها للخارج».
ومن الناحية الجغرافية تجاور المناطق الكردية تركيا من الشمال، والعراق من أقصى الشرق على شكل لسان ممتد تجاه إيران.
ويواصل: «المواقف الدولية تنبع دائما من مصالحها الآنية وهى غير ثابتة، والأمر مرتبط بالشعب السوري قبل الآخرين، وتوافقات الشعب السوري هي التي ستحد من تدخلات الدول الإقليمية سواء تركيا أو غيرها والقرار ٢٢٥٤ الصادر عن مجلس الأمن يدعو لمنع التدخلات وصيانة استقلال سوريا، ومن المهم أن تنشغل الدولة التركية بإيجاد حل سلمى وعادل للقضية الكردية لديها».
أخذته إلى الأزمة السورية فقال: «نحن من الداعمين للحل السياسي من بداية الثورة السورية وغير مقتنعين بالحل العسكري، ولا شك أن انسحاب روسيا خطوة إيجابية إن تم بشكل كامل».
الحل السياسي -كما يرى- ينتهى بإزاحة الأسد وتشكيل هيئة حكم انتقالية بكامل الصلاحيات، وتحقيق عملية انتقال سياسي فعلى، ليتمكن الشعب السوري من تقرير مصيره بنفسه من خلال انتخابات حرة بمراقبة دولية للبرلمان والرئاسة.
نقلا عن : البوابة نيوز