الإبراهيمي: الإخفاق في الوصول لحل أزمة سوريا يعود بالأساس للخلافات الدولية
كشف مبعوث الأمم المتحدة السابق الجزائري الأخضر الإبراهيمي والمستشار الخاص السابق للأمين العام للأمم المتحدة، أن عدم التوصل إلى حل للأزمة في سوريا بعد مرور سنوات على نشوبها، يعود بشكل أساسي إلى الخلافات الدولية، التي تعطل كل الجهود المبذولة لجمع أطراف النزاع على طاولة الحوار ودفعها نحو التوصل إلى اتفاق ينهي معاناة الشعب السوري.
وأشار الإبراهيمي إلى أن المحطة اللبنانية، وتحديدا بلورة اتفاق الطائف الذي أنهى 15 عاما من الحرب الأهلية، كانت واحدة من أهم التجارب السياسية التي رأى ضرورة اطلاع العالم عليها.
وقال المبعوث السابق للأمم المتحدة: «أنا معجب بشكل كبير بلبنان وأهله وما قام به الرئيس اللبناني السابق العماد ميشال سليمان خلال فترة توليه مقاليد السلطة مع كل التعقيد في المشهد اللبناني، واليوم يتحمل هذا البلد عبء استضافة ما يزيد على مليوني لاجئ سوري، وهو عدد كبير يقدر بنصف عدد أفراد الشعب اللبناني، ولا أعتقد أنه يوجد بلد في العالم يستطيع تحمل مثل هذا العبء، ورغم الانقسام الذي يعيشه لبنان، فإنه لا يزال واقفا على قدميه ويمضي في محاولة إيجاد الحلول التي تكفل استقراره، وهو أمر يشاد به».
وتطرق المبعوث الأممي السابق إلى الوضع المصري، خلال مشاركته في المنتدى الدولي للاتصال الحكومي بمدينة الشارقة، وأشاد بالموقفين السعودي والإماراتي الداعمين لاستقرار مصر وتمكينها من العودة لدورها على مستوى المنطقة، وقال: «مصر تستحق المساعدة وتكاتف الجميع لدعمها، وكل الشكر للسعودية والإمارات على المواقف المشرفة في دعم الجهود المصرية للعودة إلى الساحة العربية ودورها الإقليمي الحيوي، وهنا يجب التنويه أيضا بأن المساعدات العربية لمصر لا يمكن أن تكون بديلا لإمكانياتها الذاتية التي يجب أن تعمل القيادة المصرية على تنميتها بأسرع وقت ممكن في سبيل استعادة دورها ومكانتها».
وأكد: «لا يختلف اثنان في المنطقة على أن مصر دولة محورية وأساسية، ولا توجد دولة عربية تستطيع أن تأخذ مكانها في منظومة العمل المشترك؛ حيث إن لديها من المميزات ما يجعل لها خصوصية وتفردا، وعلى رأسها تعداد الشعب المصري من جهة، وموقعها الجغرافي الرابط بين قارتي آسيا وأفريقيا، وخلال السنوات الماضية شعرنا بأن غياب مصر خسارة للعرب، والجميع تمنى عودتها سريعا إلى المشهد العربي».
وكان الإبراهيمي قد شارك في جلسة ضمن فعاليات اليوم الثاني من المنتدى الدولي للاتصال الحكومي 2015 في الشارقة، وذلك بحضور ألين جونسون سيرليف رئيسة ليبيريا، والرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان، وجوليا جيلارد رئيسة وزراء أستراليا سابقا.
أما عن التحديات التي تواجه عملية الاتصال بين الحكومات والجمهور على الصعيدين العالمي والعربي في ظل الأحداث المتتالية والتغيرات الجيوسياسية التي يشهدها العالم اليوم، فقد أشار السفير الإبراهيمي إلى أن التحدي الأكبر يتجسد في تنمية القدرات والوسائل التي تتيح للحكومات والمؤسسات الإعلامية التعاطي مع المستجدات، وللدلالة على ذلك تحدث الإبراهيمي عن تنامي المواقف المؤيدة لحقوق الشعب الفلسطيني في الشارع الأوروبي.
وأضاف: «على الحكومات والمؤسسات الإعلامية العربية أن تتعاون مع منظمات المجتمع المدني والشخصيات الاعتبارية المستقلة وتشكيل هيئات قادرة على رصد هذه التغيرات والعمل على تطويرها»، مشيرا إلى أن التواصل بين الشعوب لخدمة القضايا الإنسانية الملحة يساعد الحكومات والجهات المعنية في صياغة حلول مناسبة لهذه القضايا.
وحول نظرته المستقبلية لتواصل الحكومات مع الجمهور وما تلعبه منظومة الاتصال الحكومي في بث المفاهيم الإيجابية وتركيز الاستقرار السياسي في المنطقة، قال الإبراهيمي إن «قدرة الحكومات العربية على التواصل مع شعوبها والخارج مخيبة للآمال، وليست بمستوى الطموحات، وهناك الكثير من البلدان العربية التي هي اليوم بأمس الحاجة لتكاتف الجهود بين حكوماتها وشعوبها، والحقيقة أن جل حكومات المنطقة العربية عاجزة عن التعامل الإيجابي مع الشعوب».
وعن نجاعة التدخل العسكري لحل الأزمات، أشار الإبراهيمي إلى أن «التجربة في هذا السياق أثبتت عدم قدرة القوة العسكرية على حل المشكلات الداخلية، ولقد رأينا أن نتائج التدخل العسكري كانت عكسية ولم تسهم إلا في المزيد من الخراب، وتسببت في زيادة المعاناة للشعوب، كما هي الحال في تجربة التدخل العسكري في العراق».
واختتم الإبراهيمي حديثه بالتأكيد على ضرورة نبذ الخلافات بين الدول الفاعلة في المنطقة بما يساعد على التوصل إلى صيغ مناسبة للحوار والتفاهم وتعزيز قدرتها في حل القضايا المعلقة. وتساءل الإبراهيمي عن جدوى أي جهود دولية أو إقليمية إذا لم تكن منسجمة وموحدة في الرؤية والنيات.
يذكر أن الأخضر الإبراهيمي له تجربه تمتد لأكثر من 40 عاما في العمل الدبلوماسي ومساعيه لنشر السلام وحفظ الأمن إلى جانب رؤيته المعمقة حول العلاقات الدولية وحل النزاعات، وفي عام 1989 تولى مهمة المبعوث الخاص للجنة الثلاثية لجامعة الدول العربية ليتوسط في اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية في لبنان، وكانت أحدث مهماته الدبلوماسية مبعوثا للأمم المتحدة إلى سوريا.
الشرق الأوسط