سجال أردوغان – أرينش يشقّ «العدالة والتنمية» ويهدد بنسف عملية السلام مع أوجلان
صعّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التوتر مع حكومة أحمد داود أوغلو، في شكل بات يهدد بنسف مسار التسوية السياسية للملف الكردي.
وعكس ما كان متوقعاً، فإن تجديد زعيم «حزب العمال الكردستاني» عبدالله أوجلان دعوته حزبه الى إلقاء السلاح وفتح صفحة جديدة مع تركيا تركّز على المفاوضات السياسية، لم يؤدِ الى انفراج في الملف، بل وضع أردوغان في مواجهة تُعتبر سابقة مع الحكومة، بسبب إدارة المفاوضات مع أوجلان.
فبعدما انتقد بولنت أرينش، نائب رئيس الوزراء، تدخل الرئيس التركي في الملف الكردي وادعاءه أن الحكومة تديره من وراء ظهره، قال أردوغان: «يريدونني رئيساً محايداً بلا رأي. لست قطعة ديكوراً هنا، أنا رئيس منتخب ولديّ رأي يجب أن يُحترم».
وأضاف أنه ليس غاضباً من موافقة الحكومة على طلب أوجلان تشكيل هيئة لمراقبة تنفيذ الاتفاق فحسب، ولكنه يرفض أيضاً النقاط العشر التي اتُفِق عليها وإعلانها في مكتب رئيس الوزراء قبل أسبوعين، قائلاً: «النقاط العشر لا علاقة لها بالديموقراطية ولا بأي تسوية سياسية، وكل ما تم في شأنها مرفوض». وبذلك يهدد أردوغان بنسف عملية التفاوض مع أوجلان من أساسها.
وتشير أوساط مقرّبة من أردوغان الى أنه غاضب جداً من عدم التزام أوجلان وعده إعلان تاريخ محدد لإلقاء السلاح، وطرحه شرط تنفيذ النقاط العشر قبل ذلك، ما سيحرج الحكومة في شكل كبير مع الشارع قبل الانتخابات النيابية في حزيران (يونيو) المقبل، علماً أن استطلاعات الرأي الأخيرة تشير الى أن حزب «العدالة والتنمية» الحاكم ينزف في شكل كبير لمصلحة «حزب الحركة القومية» الذي ترتفع شعبيته على حساب أصوات الحكومة، بسبب تنفيذها شروط أوجلان والانصياع له.
وحذّرت أوساط معارضة من أن تكون الأزمة بين أردوغان والحكومة، مسرحية من أجل إرضاء الناخب القومي الذي يصوّت لـ «العدالة والتنمية»، فيما يرجّح محللون أن يكون الأمر مناورة من الرئيس التركي من أجل تأجيل التزامات الحكومة في الملف الكردي الى ما بعد الانتخابات، مشيرين الى استحالة أن يكون أردوغان غير عالم بما حصل، لأن كل الاتفاقات تمت أثناء توليه رئاسة الحكومة العام الماضي.
لكن أوساطاً داخل «العدالة والتنمية» أبلغت «الحياة» أن الأزمة مع الرئيس حقيقية، وأنها ادت الى شق الحزب بين قيادات مخضرمة ترفض تدخل الرئيس في شؤونه، وبين قيادات شابة محسوبة على أردوغان باتت تطالب برأس أرينش سياسياً وتتطاول عليه في وسائل الإعلام.
وأشار هؤلاء الى أن أردوغان قد يكون أدرك متأخراً أن سيناريو التحالف مع الأكراد لن ينجح، وأن الحزب لن يستطيع نيل الأصوات المطلوبة، خصوصاً أن استطلاعات للرأي تشير الى احتمال تراجع شعبية الحكومة لدرجة لن تستطيع معها الانفراد بالحكم بعد الانتخابات المقبلة.
ودفع ذلك أردوغان الى تغيير الدفة في اتجاه التيار القومي الذي قد يُضطر «العدالة والتنمية» الى التحالف معه بعد الانتخابات، لتشكيل حكومة جديدة. لكن طريقة إدارته للأمر بدت مستفزة لكثيرين من قيادات الحكومة، وسط صمت رئيس الوزراء زعيم الحزب الحاكم أحمد داود أوغلو الذي رفض التعليق على سجال أردوغان – أرينش أو حتى توضيح هل ستغيّر الحكومة مسار المفاوضات مع أوجلان بعد انتقادات الرئيس.
الحياة