«داعش» وحكومة دمشق يتقاسمان إنتاج الغاز و«خيراته»
ظهرت أمس أدلة جديدة على «تعاون» بين الحكومة السورية وتنظيم «داعش» في مجال الطاقة خصوصاً إنتاج الغاز و «خيراته». واستعرض تحقيق بريطاني معلومات مفصّلة عن اتفاقات تحصل بين الجانبين وتسمح باستمرار العمل في منشآت النفط والغاز وتقاسم الإنتاج بين مناطق سيطرة الحكومة وتلك الخارجة عنها.
ودأبت حكومة دمشق على نفي المزاعم عن عقدها اتفاقات نفطية مع «داعش»، غير أن موظفين في شركات تابعة للحكومة لكنها تقع في مناطق سيطرة التنظيم، قالوا إن هذه الاتفاقات موجودة بالفعل وتتم عبر وسطاء.
ويسيطر «داعش» حالياً على معظم آبار النفط ومعامل انتاج الغاز في شرق سورية ووسطها وشمالها، لكن النظام يقاتل بشراسة للاحتفاظ ببعض المنشآت المهمة التي ما زالت تحت سيطرته في ريف حمص الشرقي. ووفق مقابلات أجرتها صحيفة «فاينانشال تايمز» مع موظفين في قطاع الطاقة السوري فإن الاتفاقات التي تحصل بين النظام و «داعش» تتركز في قطاع الغاز وليس النفط، كما أنها ليست صفقات مالية بقدر ما هي ترتيبات لضمان تقديم الخدمات. وعقد الاتفاقات بين الجانبين لا يُترجم كذلك وقفاً للنار، إذ إن القتال يتواصل بينهما بلا هوادة.
وتمسكت وزارة النفط والموارد الطبيعية السورية، في بيان أمس، بأن ليس هناك اتفاقات مع «داعش»، لكنها أقرت بأن بعض موظفيها يعمل في مناطق سيطرة التنظيم «من أجل الحفاظ على أمن المنشآت وحمايتها».
ووفق تقرير الصحيفة فإن معظم العاملين في المؤسسات الواقعة تحت سيطرة «داعش» هم من المسلمين السنّة، مشيرة إلى تعرض بعض الموظفين المسيحيين إلى مضايقات على رغم أن «داعش» تلقى الجزية منهم ذهباً. وروى موظفون كيف أن «داعش» يُشرف مباشرة عليهم داخل مراكز عملهم ويفرض عليهم تفسيره للشريعة، بما في ذلك جلدهم.
ومن بين المنشآت التي يتحدث عنها التقرير تفصيلاً معمل غاز توينان الذي يقع على بعد 80 كلم جنوب غربي مدينة الطبقة (محافظة الرقة). ويوضح أن الغاز المنتج في المعمل يذهب إلى منشأة توليد الطاقة الحرارية قرب حلب، حيث تحصل مناطق النظام على 50 ميغاوات يومياً، فيما يحصل «داعش» على 70 ميغاوات. وتدير معمل توينان جزئياً شركة «هسكو» التي يملكها رجل الأعمال السوري جورج حسواني المدرج على لوائح العقوبات الأوروبية بسبب تعامله مع النظام و «داعش». وأوردت الصحيفة البريطانية أن «هسكو» تدفع للتنظيم 15 مليون ليرة سورية (50 ألف دولار) لقاء حماية معداتها التي تبلغ قيمتها بضعة ملايين من الدولارات. ونفى ميشال حسواني، نجل جورج، أن تكون الشركة تدفع أموالاً إلى «داعش»، لكنه أقر بأن التنظيم يدير جزئياً المعمل.
ووفق صفحة «الرقة تُذبح بصمت» سيطر «داعش» في نيسان (ابريل) 2014 على منشأة توينان بعدما كانت في أيدي «لواء أويس القرني»، وتم مباشرة بعد ذلك عقد اتفاق جديد مع دمشق غير ذلك الذي كان مبرماً مع الفصيل الإسلامي. ونص الاتفاق الجديد على أن «يقوم الفنيون الحكوميون بتأمين الصيانة تحت إشراف المهندسين الرسميين، وتُقسم الأرباح إلى قسمين 60 في المئة لحكومة دمشق و40 في المئة للتنظيم».
وانخفض عدد العاملين في توينان من 1600 إلى قرابة 300 شخص، علماً أن «داعش» أعدم هذه السنة مدير العمليات في المنشأة والذي كان وراء الاتفاق مع دمشق.
وذكرت الصحيفة البريطانية أن ظروف العمل في منشآت «كونوكو» في دير الزور أفضل من تلك الموجودة في منشآت أخرى خاضعة لسيطرة «داعش»، مثل توينان في الرقة. ونقلت عن موظفين في منشأة دير الزور أن «أمير داعش» المشرف عليهم يدعى أبو عبدالرحمن الجزراوي (سعودي) ولديه خبرة سنوات في هذا المجال، كاشفين أنه يعطي الموظفين كل شهر برميلاً من المواد التي يتم انتاجها، أي قرابة 100 دولار (أعلى من الراتب الشهري للموظفين).
ونقل التقرير عن «مروان» وهو عامل في منشأة غاز ايبلا في الفرقلس قرب حمص إنهم يقومون دورياً بتدريب على عملية إخلاء المنشأة خشية تعرضها لهجوم، مضيفاً: «أنا سنّي وإذا هربت بسرعة (خلال الإجلاء) سيظن العلويون إنني متآمر. أما إذا تباطأت طويلاً فإنني قد أقع في أيدي داعش».
وتتغذى شبكة الكهرباء السورية بالغاز بنسبة 90 في المئة، وهي تزود مناطق النظام و «داعش». ويسيطر التنظيم على ما لا يقل عن 8 منشآت لتوليد الطاقة بما فيها ثلاث منشآت هيدرو- كهربائية وأكبر منشأة لإنتاج الغاز في البلاد. ولكن في حين يمسك «داعش» بمعامل الإنتاج، فإن النظام يملك الشركات التي تشغلها.
الحياة