مذكرة حول البيان المشترك الصادر عن الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الروسي بشأن وقف الأعمال العدائية “الهدنة المؤقتة”.
الهيئة العليا للمفاوضات لقوى الثورة والمعارضة السورية
مذكرة حول البيان المشترك الصادر عن الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الروسي بشأن وقف الأعمال العدائية “الهدنة المؤقتة”.
إن الهيئة العليا للمفاوضات تؤكد التزامها الجاد والمخلص في البحث عن حل سياسي يحقق عملية انتقال سياسي للسلطة في سورية يبدأ بإنشاء هيئة حكم انتقالي تمارس كامل السلطات التنفيذية، لا مكان لبشار الأسد وزمرته فيها، وذلك وفقاً لما نص عليه بيان جنيف لعام 2012 وقرارات مجلس الأمن (2118/2013) و(2254/2015)، وسائر القرارات ذات الصلة.
وتؤكد الهيئة رفضها الكامل لكل أنواع وأشكال الإرهاب والتطرف بما فيها ممارسات تنظيمات: “داعش”، والقاعدة، و”حزب الله” والميليشيات الطائفية الإرهابية القادمة من العراق ولبنان وإيران وأفغانستان وميليشيا الحرس الثوري الإيراني “فيلق القدس” ومثيلاتها ،وتطالب المجتمع الدولي بالاضطلاع بمسؤولياته وواجباته القانونية في حماية الشعب السوري من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وذلك طبقاً لما نص عليه ميثاق الأمم المتحدة واتفاقيات جنيف والبروتوكولان الملحقان بهما، وسائر الموجبات القانونية في القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
لقد درست الهيئة باهتمام البيان المشترك الصادر عن الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الروسي حول وقف الأعمال العدائية “الهدنة المؤقتة” وهي تثمن وتنظر بإيجابية لكل جهد يهدف إلى توقف قتل وقصف المدنيين السوريين والجرائم التي ترتكبها قوات النظام والميليشيات الطائفية المتحالفة معه وما تقوم به القوات الروسية من قصف عشوائي يستهدف المدنيين.
ترى الهيئة أن هدنة موقتة لمدة أسبوعين تشكل فرصة للتحقق من مدى جدية الطرف الآخر بالالتزام ببنود الاتفاقية، وقد وضعت الهيئة جملة من الملاحظات لتأكيد ضمان نجاح الهدنة لأن تطبيق بنود النص المطروح مرهون بتنفيذ المتطلبات الجادة والفعالة لتحقيق الحماية اللازمة للمدنيين السوريين، وتهيئة الظروف المناسبة للسير في عملية سياسية تحقق تطلعات السوريين كما نص عليها بيان جنيف لعام 2012، وترى الهيئة ضرورة الأخذ بهذه الملاحظات قبل تنفيذ الهدنة لضمان مشاركة سائر الأطراف بها، وزيادة فرص تحقيقها على الأرض، ومن أبرزها:
1. ترى الهيئة أن من المستغرب أن يكون الاتحاد الروسي طرفاً مشاركاً للولايات المتحدة في ضمان تنفيذ الهدنة والتحقق من الالتزام بشروطها وفرض إجراءات الامتثال، وهو في الوقت نفسه طرف أساسي في العمليات العدائية، حيث يتعين تنفيذ ذلك من خلال لجنة قوامها من دول مجموعة أصدقاء الشعب السوري، وينبغي إلزام روسيا بالدخول ضمن بنود الهدنة والتعهد بوقف عملياتها العسكرية وشبه العسكرية على الأراضي السورية.
2. لقد تجاهلت الوثيقة دور روسيا وإيران في شن العمليات العدائية وما ترتكبه من انتهاكات في حق الشعب السوري من خلال قصف المناطق الآهلة بالسكان واستخدام أسلحة الحصار والتجويع ضد المدنيين وارتكاب جرائم التهجير القسري، ولكي تكون الهدنة فاعلة وقابلة للتطبيق فإنه لا بد من النص على وقف كافة الأعمال العدائية التي تشن على الأراضي السورية من قبل القوى الخارجية، مع ذكر الدول التي تشارك بصورة فعلية وهي (روسيا وإيران) في استهداف المعارضة، وأن تلزمهما الوثيقة بوقف هذه العمليات العدائية باعتبارها طرفاً أساسياً في القتال لصالح النظام.
3. مضت الوثيقة إلى شرعنة العمليات الروسية من خلال تخويلها بالاستمرار في استهداف “الجماعات الإرهابية” -وفق تصنيف الأمم المتحدة- كما منحت قوات النظام الصفة نفسها من خلال السماح لها بالاستمرار في العمليات ضد الجماعات المذكورة، وتترك لهما حرية تفسير “تصنيفات” الأمم المتحدة بالطريقة المضللة التي دأبوا على التذرع بها لاستهداف المعارضة، حيث يصر النظام والاتحاد الروسي على اعتبار سائر قوى المعارضة جماعات إرهابية، كما أن هذا البند يتيح لهما الاستمرار بالنسق الإجرامي لعمليات القصف الجوي التي تسببت بمقتل آلاف المدنيين وتدمير المدارس والمستشفيات وغيرها من الأهداف المدنية، ويجعل ذلك خارج إطار الهدنة.
4. لا تمنح الوثيقة قوى المعارضة الميزات التي منحتها لقوات النظام التي تم اعتبارها “قوة شرعية” يسمح لها بالاستمرار في العمليات العسكرية، حيث تتجاهل الوثيقة حاجة المعارضة للدفاع عن نفسها من اعتداءات الجماعات الإرهابية التي تستهدف المعارضة أكثر من استهدافها للنظام، ويتعين منع النظام من القيام بأية عمليات قتالية نظراً لسجله الحافل بارتكاب جرائم الحرب.
5. ينص البند الثاني من المادة الأولى من الوثيقة على تعهد الفصائل بالامتناع عن قتال جيش النظام أو أية قوى حليفة له، وهذا أمر خطير إذ إنه يمنح الميلشيات الإرهابية التابعة لإيران الشرعية التي تفتقدها، ولا يتيح للمعارضة حق الدفاع عن نفسها من تعديات هذه الميلشيات الإرهابية الموجودة على الأراضي السورية بصورة غير قانونية والتي لا يصح منحها الشرعية أو تضمينها في نص وثيقة تحمل صفة الإلزام القانوني.
6. ينتج عن الخلل أعلاه عدم تحديد الآلية التي سيتم من خلالها إعلان الالتزام بالهدنة وشروطها من قبل الميليشيات الطائفية ومجموعات المرتزقة المرتبطة بإيران أكثر من ارتباطها بالنظام، إذ إنه من الضروري أن يتم هذا الإعلان بشكل واضح في الوقت المحدد من قبل الأطراف المذكورة سابقاً للتأكد من التزام هذه الأطراف بالهدنة.
7. لم يتضمن البيان تحديداً واضحاً للأراضي التي لن تشملها الهدنة بسبب السيطرة عليها من قبل التنظيمات المصنفة كمنظمات إرهابية بحسب قرارات مجلس الأمن، بل ترك هذا الأمر لتحدده الولايات المتحدة والاتحاد الروسي الذي اعتُبر طرفاً راعياً للهدنة رغم أنه الطرف الأساسي في شن العمليات العدائية، وبالتالي فإنه يتعين تحديد هذه الأراضي قبل سريان الهدنة للتأكد من التزام القوات الروسية والإيرانية وقوات النظام بشروط الهدنة، وأن لا تستمر في قصف المناطق الآهلة بالسكان تحت ذريعة استهداف “الجماعات الإرهابية” وهو الأمر الذي دأبت عليه منذ بداية حملتها العدائية.
8. لم يتضمن البيان أية إشارة لضرورة الالتزام بقواعد القانون الدولي الإنساني في حماية المدنيين السوريين ولا سيما اتفاقيات جنيف والبروتوكولين الملحقين بها وذلك في معرض الحرب على التنظيمات الإرهابية، وضرورة إعمال قاعدة التمييز بين المقاتلين والمدنيين واعتبار استهداف المدنيين خرقاً لشروط الهدنة.
9. ترى الهيئة العليا للمفاوضات أن الفقرة الأولى من البندين 1و2 من شروط الهدنة “الملحق” تعني بشكل واضح لا لبس فيه، التنفيذ المباشر والفوري غير المشروط للفقرات 12 و13 و14 من القرار 2254 /2015، وتعتبر الهيئة أن عدم تنفيذها طبقاً لما نص عليه القرار 2254 في بدء سريان هذه الهدنة يعتبر عدم التزام بشروطها.
10. من الضروري تحديد إطار زمني واضح ومحدد لسريان هذه الهدنة المؤقتة أو انتهائها.
وترى الهيئة تحديد إطار زمني مدته أسبوعان قابلة للتجديد رهنا بنجاح الهدنة وتنفيذ البنود 12و13و14 من قرار مجلس الامن 2254/ 2015 والمضي قدما بالعملية السياسية.
11. إيجاد وتفعيل آلية واضحة لإجراءات فرض الامتثال وضمان عدم خرق الهدنة من قبل روسيا وإيران وقوات النظام والميليشيات المتحالفة معه.
12. إيجاد وتفعيل آلية واضحة موثوق بها ومحايدة تحدد إجراءات الرصد والتحقق من تنفيذ شروط ومتطلبات هذه الهدنة من قبل جميع الأطراف.
13. لا بد من وجود جهة محايدة تحظى بالمصداقية وصاحبة ولاية في تحديد المسؤولين عن خرق شروط الهدنة.
14. إيجاد وتفعيل آلية واضحة للإبلاغ عن خروقات الهدنة من قبل الأطراف المشاركة فيها، والمدد الزمنية اللازمة للتعامل مع هذه الخروقات.
15. لم تتضمن الوثيقة تحديداً للعواقب المترتبة على خرق النظام والميليشيات المتحالفة معه والقوات الروسية والإيرانية للالتزامات المنصوص عنها في الهدنة، بينما نجد أن مثل هذه العواقب ترد بشكل ضمني ضد قوات المعارضة حيث ذكرت الوثيقة أن خرق الهدنة سيؤدي لرفع الحماية عن الطرف الذي يقوم بهذا الخرق ما يعني استثناؤه من سريان الهدنة وهو ما سيسمح للقوات الروسية أو لقوات النظام باستهدافه تحت هذه الذريعة، بينما لا وجود لأية جهة يمكنها أن تقوم بمثل ذلك في حال قام النظام أو الميلشيات الحليفة له بمثل هذا الخرق.
16. ضرورة تثبيت مواقع القوى والوسائط منذ بدء سريان الهدنة، بل استخدم البيان عبارة “عدم السعي لكسب أراض”، وهي عبارة لا تعني شيئاً على مستوى الالتزام القانوني، ومن الضروري أن تتضمن الهدنة التزاماً واضحاً بمنع النظام من تحريك قواته أو زيادة وسائطه النارية في المناطق التي يسيطر عليها اعتبارا من تاريخ بدء سريان الهدنة.
17. لم تتضمن الوثيقة أي نص يحول دون استغلال القوات الروسية وقوات النظام والميليشيا المتحالفة معه لذريعة محاربة داعش والقاعدة في ضرب قوات المعارضة.
وأخيرا؛ فإن الهيئة العليا للمفاوضات تؤكد على ضرورة أن تكون الالتزامات المفروضة في الهدنة متوازنة وشاملة وملزمة لجميع الأطراف، وأن تطبق بصورة واضحة ومحددة وفق آليات عمل لا يمكن الخلاف عليها مستقبلاً، وذلك من أجل ضمان نجاحها.
كما تؤكد الهيئة على ضرورة احترام حق الشعب السوري في الدفاع المشروع عن النفس وفق نصوص ميثاق الأمم المتحدة وحق المعارضة في قتال التنظيمات الإرهابية كافة، وأن يتم النص على ذلك في بنود واضحة تضمن لها عدم استهدافها من قبل القوات الجوية الروسية وقوات النظام والمتحالفين معه.
علماً بأن الهيئة ستواصل اتصالاتها مع الأشقاء والأصدقاء لضمان تحقق شروط أفضل تسمح بتجنيب السوريين القتل والدمار وتحقق تطلعاتهم في بناء نظام وطني تعددي لا مكان فيه للأسد وزمرته ومن تلطخت أيديهم بدماء الشعب السوري.