حلب تحت النار
واصل الطيران السوري أمس، غاراته على المدينة الثانية الأكبر في سورية، حلب المسماة «الشهباء» بسبب لون حجرها الأبيض، ما أسفر عن مقتل وجرح عشرات المدنيين، ليرتفع عدد القتلى إلى 200 خلال أسبوع بالتزامن مع أنباء عن استعداد الجيش النظامي لـ «معركة حاسمة» في حلب التي أصبحت تحت النار، ما دفع الأمم المتحدة إلى التحذير من «كارثة» وقطع شريان الحياة، والمطالبة بإيصال المساعدات الإنسانية إلى مئات آلاف المدنيين في الأحياء الشرقية الخاضعة لسيطرة المعارضة.
وكتبت صحيفة «الوطن» القريبة من الحكومة السورية في افتتاحيتها أمس: «آن أوان انطلاق معركة تحرير حلب كاملة من رجس الإرهاب. لا يخفى على أحد أن الجيش العربي السوري حشد واستعد مع حلفائه للمعركة الحاسمة التي لن يطول زمن مباشرتها ولا زمن حسمها». وأكد مصدر حكومي لوكالة «فرانس برس» أن «الجيش يستعد لمعركة ضخمة خلال الأيام المقبلة لطرد المسلحين من حلب عبر محاصرتها وإنشاء منطقة آمنة».
وتشهد حلب تصعيداً عسكرياً متزايداً منذ أكثر من أسبوع وتبادل قصف شبه يومي أوقع حوالى 200 قتيل مدني، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان». وتستهدف الطائرات الحربية السورية الأحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة فترد الأخيرة بقصف الأحياء الغربية بالقذائف. وقال «المرصد»: «قتل 31 مدنياً على الأقل، بينهم ثلاثة أطفال، وأصيب عشرات بجروح في غارات جوية» استهدفت أحياء في الجزء الشرقي. كما قتل «22 مدنياً، بينهم طفلان، وأصيب عشرات بجروح جراء قصف الفصائل المقاتلة بالقذائف لأحياء في الجهة الغربية».
وكان قتل ليلاً 30 مدنياً، بينهم طبيبان، جراء استهداف الطائرات الحربية لمستشفى القدس الميداني ومبنى سكني في حي السكري في الجهة الشرقية. ودانت منظمة «أطباء بلا حدود» في بيان تدمير المستشفى. ونقلت عن موظفين أن المستشفى «تحول إلى ركام» إثر إصابته «مباشرة في غارة واحدة على الأقل». ويعد المستشفى «مركز الإحالة الرئيسي لطب الأطفال في حلب»، وتدعمه المنظمة منذ العام 2012. وأكد المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا بعد عرض تقرير عن جولة مفاوضات جنيف الأخيرة بين الحكومة والنظام إلى مجلس الأمن، مقتل طبيب الأطفال الوحيد في حلب في الغارات.
وتعد حلب من أبرز المناطق المشمولة بوقف الأعمال القتالية الساري منذ 27 شباط (فبراير) والذي تم التوصل إليه بناء على اتفاق أميركي- روسي حظي بدعم مجلس الأمن. ودعا دي ميستورا ليل الأربعاء الخميس إلى «إنقاذ اتفاق وقف الأعمال القتالية من الانهيار الكامل». وقال: «لا يزال (الاتفاق) قائماً في مناطق عدة، لكنه يواجه خطراً كبيراً، بالكاد لا يزال حياً. وقد ينهار في أي وقت».
من جهته، قال منسق مجموعة العمل الخاصة بالمساعدات الإنسانية يان إيغلاند بعد اجتماع في جنيف أمس: «المخاطر كبيرة بشكل هائل لأن حياة عدد كبير من المدنيين مهددة، لذا يقصف كثير من عمال الإغاثة الإنسانية والمساعدات ويقتلون ويتعرضون لإصابات في وقت يحيق الخطر بحياة ملايين الناس أيضاً. وزاد: «قتل أطباء ومسعفون ويمنع مسعفون من الوصول إلى مرضاهم»، لافتاً إلى «تدهور كارثي في حلب خلال اليوم أو اليومين الماضيين».
وقالت مصادر عسكرية تركية إن الجيش التركي رد على إطلاق نار من مواقع لـ «داعش» شمال حلب، ما أسفر عن مقتل 11 من عناصر التنظيم. وأضافت المصادر أن الجيش رد على إطلاق قذائف استهدفت مدفعيته قرب بلدة كركميش الحدودية.
وقال «المرصد» إن «53 عنصراً من الفصائل المقاتلة، وغالبيتها إسلامية، و11 عنصراً من قوات سورية الديموقراطية (تحالف يضم أكراداً وعرباً) قتلوا خلال معارك في محيط تل رفعت». وزاد: «غالبية جثث عناصر الفصائل في يد وحدات حماية الشعب الكردية، وتم عرضها في مدينة عفرين الواقعة تحت سيطرة الأكراد في ريف حلب الشمالي الغربي». وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي صور وشريط فيديو تظهر عشرات الجثث في شاحنة نقل ضخمة تسير في شوارع عفرين.
وفي نيويورك (الحياة)، تقود خمس دول غير دائمة العضوية في مجلس الأمن الجهود لإصدار قرار يدين الهجمات على المراكز الطبية، ويؤكد ضرورة محاسبة مرتكبيها.
وقال سفير نيوزيلندا في الأمم المتحدة جيرار فان بويمن إنه «متيقن من أن القرار سيصدر عن مجلس الأمن مطلع الأسبوع المقبل»، مشيراً إلى أنه «لن يضع أسساً قانونية جديدة بقدر ما سيعيد التأكيد على القواعد القانونية القائمة» في القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن السابقة التي تحظر شن الهجمات على المراكز الطبية والعاملين الطبيين.
وقال فان بويمن إن القرار «لن يسمي بلداً أو حال بعينها» لكنه أشار إلى أن «الهجمات على المراكز الطبية كلها موثقة ومعروفة وتالياً يجب محاسبة مرتكبيها»، مشيراً أيضاً إلى أن الحكومة السورية «لا تزال تصادر المواد الطبية من المساعدات».
الحياة