من الصحافة الإسرائيلية: سايكس ـ بيكو.. نهاية حقبة

4

في 16 أيار 1916، أي قبل 100 سنة بالضبط، وقع ممثلو بريطانيا وفرنسا على اتفاق سايكس بيكو الذي رسم خريطة الشرق الاوسط وحدد شكله لمئة سنة.

 

لقد وضع الاتفاق حدا لسيطرة الامبراطورية العثمانية على المنطقة، هذه السيطرة التي استمرت 400 سنة وأدت إلى وجود ترتيب بريطاني وفرنسي والى تقسيم المنطقة بينهما. ولكن فيما بعد، بعد أن غادر البريطانيون والفرنسيون المنطقة، مع انتهاء الحرب العالمية الثانية، بقي العرب وحدهم وتحولت دول عربية كثيرة باسم القومية العربية إلى مُقررة في الساحة الشرق اوسطية جميعها.

 

حاول الكثيرون رفض اتفاق سايكس بيكو والنظام الذي أوجده، وحاولوا ايضا وضع خريطة جديدة للمنطقة، بدءا بجمال عبد الناصر، الزعيم المصري، ومرورا بصدام حسين، الزعيم العراقي. لكن العالم الذي يقدس الحدود الجغرافية خشي من احداث أي تغيير فيها وبقي النظام الخاص بسايكس بيكو، بشكل مفاجيء، على مدى هذه السنين. وتبين أن مصلحة الحفاظ على التقسيم العربي هي مصلحة عربية بالدرجة الاولى. وتبين أيضا أن ما يُفرق ويُقسم هو أقوى مما يوحد ويجمع.

 

إن اندلاع الربيع العربي في شتاء 2010 وفي أعقابه الفوضى التي سادت في المنطقة أدى إلى انهيار دول مثل العراق وسوريا واليمن وليبيا، الامر الذي بشر بانتهاء حقبة سايكس بيكو.

 

وهذا ما يؤكده زعيم داعش، أبو بكر البغدادي، الذي أعلن عن انشاء الدولة الإسلامية في سوريا والعراق بقيادته، وأعلن بشكل احتفالي عن انتهاء الاتفاق السيء.

 

مع ذلك، يجب الاعتراف بأن الربيع العربي هو فقط طرف جبل الجليد، حيث إن الدول العربية تعرضت قبل ذلك لعملية تحطم داخلي. فالخليفة هو الذي ينظم حياة الافراد والمجتمع، وبدل القومية العربية كمنظم للحياة، حل الإسلام. وبدل الجماعة العربية في المنطقة حلت تركيا وإيران، اضافة إلى قوى خارجية على رأسها روسيا التي عادت إلى المنطقة كسيد جديد يريد تقرير مصيرها. الكثيرون في العالم العربي يعتبرون اتفاق سايكس بيكو ومن وقفوا من ورائه، هم المسؤولين عن الانهيار الكبير الذي يتعرض له العالم العربي، وايضا الفشل الكبير للمجموع العربي في تحديد مكانته بين شعوب العالم كقوة ديناميكية مليئة بالحياة، وأن يكون العالم العربي عالما مزدهرا يحظى السكان فيه بالاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي.

 

لكن الاتفاق تم التوقيع عليه قبل 100 سنة. وقد كفت بريطانيا وفرنسا عن لعب دور ما في المنطقة وغادرتا ضعيفتين ومضروبتين بخجل.

 

يبدو أن محاولة تعليق مشكلات العالم العربي على الاغيار واعتبار الاتفاق هو المسؤول عما يحدث للعرب اليوم، مصدر المشكلة وأهم الاسباب للازمة التي يعيشها العرب.

 

طالما استمر العرب في البحث عن اسباب الازمة تحت ضوء المصباح الغربي، وفي تعليق فشلهم على المؤامرات التي قام الغرب بحياكتها مع اسرائيل، فانهم لن يجدوا الدواء للداء.

 

في نهاية المطاف، فشل العالم العربي في الوحدة وفي ضمان الاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي ليس نتيجة اتفاق سايكس بيكو، بل هو نتيجة الفشل الاجتماعي العربي وفشل الزعماء في احداث الاصلاحات الاجتماعية التي تُحدث تغييرات داخلية في المجتمع وفي شكل الدولة.

 

لكن العالم العربي الذي يحيي ذكرى مرور 100 سنة على اتفاق سايكس بيكو لا زال غارقا في الماضي ومليء بالنظريات حول المؤامرة وكأنه لم تمر 100 سنة منذ سعى السياسيون البريطانيون والفرنسيون لتقرير مصير المنطقة.

 

كلنا شركاء

Leave A Reply

Your email address will not be published.