قمة ثلاثية عسكرية لوزراء دفاع روسيا وسورية وايران في طهران.. هل جاءت لنفي التقارير عن وجود قلق ايراني من التفاهم الروسي الامريكي في سورية؟ ام انها ستضع خريطة لمرحلة ما بعد “الدولة الاسلامية” في محيط حلب والرقة؟ وكيف سيكون الرد التركي؟

1

يحظى الاجتماع “الطارىء” لوزراء الدفاع في سورية (فهد الفريج) وايران (حسين دهقان) وروسيا (سيرغي شونغو) الذي انعقد في طهران اليوم (الخميس) باهتمام خاص من معظم القوى الاقليمية والعالمية، ويرى فيه الكثير من المراقبين بانه قد ينصب على وضع خريطة طريق جديدة للحرب الدائرة حاليا في سورية، والتسريع في حسمها.

المضيف الايراني لهذا الاجتماع لم يعط اي تفاصيل محددة عن طبيعته، واكتفت وكالة ايران الرسمية بالقول، انه سيبحث مكافحة الارهاب في الشرق الاوسط، المنطقة التي تشهد نزاعات عديدة، دون ان تذكر الوكالة الوضعين في سورية والعراق بالاسم.

لا نعتقد ان وزراء دفاع التحالف الثلاثي الذي يخوض حربا شرسة في سورية لانهاء سيطرة تنظيمات اسلامية متشددة، مثل “الدولة الاسلامية”، و”جبهة النصرة” و”احرار الشام”، يمكن ان يتجنبوا اهم ملفين في المنطقة وتطوراتهما، ونحن نتحدث هنا عن العراق وسورية اللتين تشهدان هجوما منسقا للقضاء على تنظيم “الدولة الاسلامية” على وجه الخصوص، ولكنه الغموض المتعمد، فنحن نتحدث هنا عن وزراء دفاع، وليس عن اجتماع لوزراء اعلام.

اللافت ان هذا الاجتماع جاء في وقت نشرت فيه وسائل اعلام سعودية تقارير مطولة عن وجود خلافات ايرانية روسية حول حاضر سورية ومستقبلها، وان هناك تنافسا بين البلدين حول النفوذ، حتى ان احد المحليين الاستراتيجيين اقحم اسرائيل في الاجتماع الثلاثي، وربط بين زيارة نتنياهو الاخيرة لموسكو ولقائه مع الرئيس فلاديمير بوتين اثناء استضافته من قبل محطة “العربية”.

مصدر سوري قريب من دوائر القرار لم ينف مثل هذه الخلافات، وقال لـ”راي اليوم” ان هناك حالة من الارتياح في اوساط معظمم السوريين، لوجود روسيا “العلمانية” في الاراضي، وتدخلها عسكريا ضد القوى الاسلامية المتشددة، ولانها تشكل طرفا “محايدا” في الصراع المذهبي المشتعل في المنطقة، وكأن لسان حاله يقول ان السلطات السورية اكثر اطمئنانا للحليف الروسي.

الايرانيون، وحسب المصدر نفسه، ابدوا قلقا كبيرا من عدم وضع روسيا كل ثقلها في معركة حلب الاخيرة انطلاقا من التزامها بوقف اطلاق النار، ويحملونها مسؤولية الهجوم الذي شنه تحالف “جيش الفتح” و”جبهة النصرة” في بلدة “خان طومان” وادى الى مقتل 13 جنرالا ايرانيا كبيرا قبل شهر، كما انهم، ونحن ما زلنا نتحدث عن الايرانيين، يتوجسون من حدوث تفاهمات امريكية روسية ازاء سورية من وراء ظهرهم.

صحيح ان هناك غرفة عمليات عسكرية مشتركة تشرف على العمليات القتالية الميدانية في مواجهة المعارضة السورية المسلحة، ولكن يعتقد الكثير من المراقبين ان ما يقلق الجانب الايراني التزام موسكو بالتنسيق مع امريكا اكثر من التزامها بنظيره مع ايران، ووجود “صفقة سرية” بين الامريكان والروس حول مستقبل سورية، ربما يأتي على حساب المصالح الايرانية الاستراتيجية.

فاللافت ان قوات سورية الديمقراطية التي يشكل الاكراد عمودها الفقري، باتت تحظى بدعم روسي امريكي وتوكل لها مهمات رئيسية في محاربة الجماعات الاسلامية المتشددة، فهي التي تقود الهجوم البري على الرقة، وهي التي تتقدم بقوة لاستعادة مدينة منبج الاستراتيجية، معقل “الدولة” في الشمال الغربي، وتوشك ان تغلق المعابر الرئيسية على الحدود السورية التركية في منطقة اعزاز، التي تشكل شريان الامداد الرئيسي العسكري والمالي والتموين لفصائل المعارضة السورية المسلحة.

من غير المستبعد ان يأتي هذا الاجتماع الثلاثي لوضع استراتيجية عسكرية لمرحلة ما بعد سقوط مدينة الرقة، عاصمة “الدولة الاسلامية”، التي تتعرض لهجوم مزدوج من قبل قوات لجيش السوري وقوات سورية الديمقراطية الكردية، حيث تتزايد احتمالات، لجوء هذه “الدولة” وعناصرها الى العمل السري تحت الارض.

النقطة الاخرى التي ربما ستكون محور نقاشات حتما بين وزراء الدفاع الثلاثة تتعلق برد الفعل التركي، واحتمالاته العسكرية، في حال سقوط مدينة منبج، ومن بعدها اعزاز في يد وحدات حماية الشعوب الكردية حيث هدد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بأنه لن يسكت في وجه هذا التقدم العسكري للقوات الكردية في المناطق والمدن المحاذية لحدود بلاده الشمالية الغربية مع سورية، لان هذه السيطرة قد تؤدي الى اعلان الحكم الذاتي في المناطق الكردية السورية على طول الحدود الجنوبية.

الادارة الامريكية تلتزم الصمت ازاء كل هذه التطورات في ميادين القتال، وهو صمت الموافق، او المتواطيء، لان هذه الادارة اختارت الحليف الكردي الاثق عندما خيرها الرئيس اردوغان بين تركيا والاكراد.

من غير المتوقع ان يكشف وزراء الدفاع الثلاثة عن خططهم في سورية والعراق، والاتفاقات التي توصلوا اليها في المرحلة المقبلة، فهذه من الاسرار العسكرية، ولكن ما يمكن التكهن به، تصاعد الاعمال القتالىة ضد المعارضة المسلحة والجماعات الاسلامية المتشددة، وتقدم الحل العسكري على السياسي، في اشهر الصيف على الاقل، وهذا ما يفسر عدم تحديد اي موعد جديد لاستئناف المفاوضات بين النظام والمعارضة في جنيف.

“راي اليوم”

 

 

Leave A Reply

Your email address will not be published.