اتفاق التطبيع مع تركيا أمام الحكومة الإسرائيلية
يتوقع أن تلتئم الحكومة الإسرائيلية الأمنية المصغرة (كابينت) بعد غد لإقرار مسودة اتفاق المصالحة بين إسرائيل وتركيا المفترض أن يكون تم التوقيع عليها مساء أمس في روما، وسط توقعات بتأييد أعضاء الحكومة بالإجماع، لينهي أزمة ديبلوماسية امتدت ست سنوات في أعقاب العدوان الإسرائيلي على سفينة «مافي مرمرة» التي كانت في طريقها إلى قطاع غزة تضامناً مع سكانه المحاصرين، ما أوقع عشرة قتلى وعشرات المصابين الأتراك. وأقامت عائلتا الجنديين هدار غولدين وأورون شاؤول المحتجزة جثتهما لدى «حماس» منذ الحرب الأخيرة على قطاع غزة قبل عامين، خيمة اعتصام أمس قبالة مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية في القدس المحتلة احتجاجاً على عدم تضمين الاتفاق بنداً لإعادة الجثمانين.
واعتبر مسؤول سياسي كبير أن جوهر الاتفاق بالنسبة الى إسرائيل هو عدم تعريض ضباط وجنود إسرائيليين شاركوا في الاعتداء على السفينة، لشكاوى قضائية تقدَّم للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. وينص الاتفاق على أن يسن البرلمان التركي قانوناً لإسقاط كل الدعاوى المقدمة ضد الضباط والجنود، في مقابل تخصيص إسرائيل مبلغ 21 مليون دولار لتعويض أسر ضحايا الاعتداء على السفينة.
ورأى مراقبون أن «المصالح المشتركة»، خصوصاً الاقتصادية والأمنية، هي التي أقنعت إسرائيل وتركيا «بأن تنزل كل منهما عن شجرة الشروط العالية»، ما أتاح التوصل إلى اتفاق بعد ثلاثة أعوام من المفاوضات السرية لحل الأزمة. وأشار أحدهم إلى أن قضية الغاز الطبيعي الذي اكتشف في المياه الإقليمية الإسرائيلية، واستحالة تصديره من دون العبور ضمن الأراضي التركية من خلال مد أنبوب من حقول الغاز الإسرائيلية إلى تركيا لتسويقه في أنحاء الأسواق الأوربية، ورغبة تركيا في الاستفادة الاقتصادية من ذلك، سرّعت في اقتناع البلدين بالعدول عن بعض الشروط للمصالحة. في المقابل، ترغب تركيا في مساعدة إسرائيلية لاستعادة نفوذها في المنطقة من خلال الوساطة لدى موسكو لتحسين العلاقات بين روسيا وتركيا، هذا فضلاً عن العلاقات الأمنية والصفقات العسكرية الكبيرة بين البلدين.
وأشار مراقبون إلى أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ضغطت في اتجاه إنجاز الاتفاق. وكشفت «هآرتس» أن رئيس جهاز الاستخبارات الخارجي «موساد» يوسي كوهين قام قبل عشرة أيام بزيارة لأنقرة حيث التقى نظيره هاكان فيدان ليبلورا التفاهمات التي بلغها طاقما المفاوضات.
وطبقاً لتقارير صحافية إسرائيلية وتركية وفلسطينية متطابقة، فإن بنود الاتفاق الرئيسة تشمل أيضاً:
– تطبيع العلاقات بين البلدين وإعادة السفيرين.
– تنازل تركيا عن شرطها بأن ترفع إسرائيل الحصار البحري عن قطاع غزة، في مقابل السماح لها بنقل مساعدات إنسانية وترميم البنى التحتية في القطاع بمشاركة جهات أجنبية (ألمانيا أساساً)، مثل بناء مستشفى وإقامة محطة توليد كهرباء ومنشأة لتحلية مياه، وإدخال مواد بناء، لكن فقط عن طريق ميناء أسدود، تحت مراقبة أمنية إسرائيلية.
– تراجع إسرائيل عن مطلب إغلاق مكاتب «حماس» في اسطنبول، في مقابل تعهد تركيا أن تحصر الحركة نشاطها في السياسة. كما تتعهد عدم السماح للحركة بالتخطيط أو توجيه نشاطات عدائية ضد إسرائيل من أراضيها.
– تعهد كل من البلدين عدم التعرض الى الآخر في المحافل الدولية المختلفة.
وعلى هامش الاتفاق، تم التفاهم على سماح إسرائيل للرئيس رجب طيب أردوغان بزيارة غزة. وأضافت تقارير أخرى أن ثمة تفاهمات بأن تساعد أنقرة في إعادة جثتي الجنديين الإسرائيليين ومواطنين آخرين تسللا إلى القطاع ولا يعرف مصيرهما. وقال والد الجندي غولدين إن الاتفاق «هو هدية لحماس على حساب ابننا».
وكان مكتب نتانياهو أصدر مساء السبت بياناً نفى فيه ما قاله رئيس كتلة «ليكود»، النائب دافيد بيتان بأن الاتفاق يتضمن بنداً خاصاً يمنح الحصانة لنائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» اسماعيل هنية. واعتبر أقواله «عارية عن الصحة»، مضيفاً أن هذه المسألة لم تُطرح قط خلال المفاوضات. وزاد البيان أن إسرائيل «تحتفظ لنفسها بكل الحقوق لضمان أمنها وأمن مواطنيها بناء لأي تطورات تحصل في المستقبل».
وكشف القيادي في «حماس» أحمد يوسف أن تركيا أطلعت قيادة الحركة على التطورات المتعلقة بمفاوضات المصالحة، في إشارة إلى زيارة رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل تركيا على رأس وفد رفيع ولقائه أردوغان. وتابع أن تركيا أوجدت حلولاً لبعض المشاكل في قطاع غزة، خصوصاً الكهرباء والماء والغاز «على نحو يساهم في تحسين الأوضاع في شكل ملحوظ»، مضيفاً أن هناك مشاريع عدة لم تستكمل، مثل مستشفى الصداقة التركية – الفلسطينية بمبلغ 80 مليون دولار، وبناء وحدات سكنية في بعض المناطق الحدودية بتكلفة تصل الى 11 مليون دولار.
وزاد أنه على المستوى الإستراتيجي «ستواصل تركيا المفاوضات مع اسرائيل لإقامة ميناء قي قطاع غزة».
الحياة