معركة حلب تكشف حدود القوة الجوية الروسية
جاء القرار الروسي بشن غارات قصف جوي على سورية من الأراضي الإيرانية على رغم حساسيته السياسية وفشله في نهاية المطاف في إحراز نتائج إيجابية ليفضح حدود القوة الجوية الروسية لتصبح موسكو في حاجة إلى وضع استراتيجية جديدة لتدعيم أهدافها.
وقال مطلعون على ما يدور في الجيش الروسي إن موسكو اختارت تنفيذ الطلعات الجوية من إيران وإن طهران وافقت على السماح بها لأن الطرفين كانا يواجهان صعوبات في تحقيق هدف مشترك يتمثل في سحق المعارضة في مدينة حلب.
وفشلت المقامرة وما زالت المعارضة التي تقاتل جيش حليفهما الرئيس السوري بشار الأسد متحصنة في مناطق بحلب.
بدأت روسيا تنفيذ الضربات الجوية في سورية دعماً للأسد في 30 أيلول (سبتمبر) من العام الماضي انطلاقاً من قواعد في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة ومن سفن حربية في البحر. وفي الشهر الجاري وفي مواجهة مشاكل لوجستية في مواصلة حملة باهظة الكلفة خلال وقت تعاني فيه موازنة الدولة من ضغط الإنفاق، كثّفت موسكو من قصف حلب فيما اتضح أنها غارات انطلقت الطائرات فيها من إيران. ويبدو أن الغارات على حلب لم تحقق شيئاً يذكر باستثناء إثارة خلاف سياسي في إيران التي يحظر دستورها إقامة أي شكل من أشكال القواعد العسكرية الأجنبية على أراضيها.
وربما يقوّي كون روسيا تحمّلت كل هذه المشاق لإنجاز أهدافها في حلب وفشلت على رغم ذلك وضع من يعتقدون أن العملية الروسية في سورية بلغت مداها وأن الوقت قد حان للبحث عن حل من خلال التفاوض. وقال مصدر على صلة وثيقة بوزارة الدفاع الروسية طلب عدم نشر اسمه: «لدي إحساس وكأننا مثل حصان في السيرك يدور في دائرة منذ 30 أيلول عندما نشرنا طائراتنا لأول مرة هناك». وأضاف: «قواتنا غير كافية وتنسيقنا مع الإيرانيين ليس على المستوى المطلوب. نحن بحاجة لتغيير شيء ما. ولا علم لي بما هو هذا الشيء».
حساسيات إيرانية
في 16 آب (أغسطس) أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها استخدمت للمرة الأولى قاعدة جوية في إيران انطلقت منها طائرات روسية لشن هجمات جوية في سورية. وفي ما تلى ذلك من أيام أقلعت القاذفات الروسية توبوليف 22أم3 ترافقها مقاتلات سوخوي من قاعدة نوجه الجوية بالقرب من مدينة همدان الإيرانية. وكان السماح لروسيا بإرسال طائراتها إلى قاعدة إيرانية قراراً له حساسيته السياسية، فآخر مرة استخدمت فيها قوة أجنبية قاعدة جوية إيرانية كانت في الحرب العالمية الثانية. ووصف بعض المشرعين الإيرانيين ذلك بأنه انتهاك للدستور بينما قال وزير الدفاع حسين دهقان إن موسكو ارتكبت «خيانة الأمانة» عندما كشفت على الملأ عن هذا الترتيب.
ويوم 22 آب أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية أن استخدام روسيا للقاعدة قد انتهى. أما في موسكو فقالت وزارة الدفاع إن الطائرات العاملة من القواعد الإيرانية أنجزت مهماتها.
ولم يرد متحدثون باسم وزارة الدفاع الروسية والمتحدثة باسم وزارة الخارجية على استفسارات «رويترز» عن أهداف روسيا في حلب واستخدامها للقاعدة الإيرانية. غير أن أندريه كليموف العضو المؤيد للكرملين في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الدوما قال إن كلفة العملية السورية ربما كانت عاملاً من العوامل المؤثرة في هذا الصدد. وأضاف لـ «رويترز»: «نحن نحاول تنفيذ العملية في سورية بمبالغ معينة. فوزارة الدفاع لديها نفقات أخرى. ولذلك نسعى إلى تحقيق الاستفادة القصوى من التكلفة والمسارات ذات الجدوى الاقتصادية الأكبر. وأي بلد عاقل سيفعل هذا الأمر نفسه».
الحياة