سياسي كوردي: هناك مؤشرات على نشر قوات مشتركة وسحب “قسد” لعمق ٣٠ كيلو متر
حوار مع الدكتور “عبد الوهاب أحمد” عضو المنسقية العامة لحركة الإصلاح الكردي – سوريا، حول المنطقة الآمنة التي تحدث عنها الرئيس الأمريكي، و التبعات التي يمكن أن يحملها تشكيل تلك المنطقة على الإدارة الذاتية في شال سوريا وغيرها
أكد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أن تهديد الرئيس دونالد ترامب بـ “تدمير تركيا اقتصادياً” إذا هاجمت المقاتلين الأكراد في سوريا لن يؤثر على خطة واشنطن سحب قواتها من هذه البلاد، ما تعليقكم على ذلك؟
“أعتقد قرار سحب القوات العسكرية الأمريكية من شمال سوريا أتخذ دون تحديد المدة الزمنية وحجم هذا الانسحاب، هل هو جزئي أم كلي ؟ ، وهذا القرار في المحصلة مرهون بالتطورات السياسية والعسكرية على الساحة السورية عامة، ومرتبط بشكل وثيق بالرؤية الأمريكية ما بعد هذا الانسحاب من جهة تنفيذ وعودها السابقة في القضاء على داعش، والوقوف في وجه المشروع والتمدد الإيراني في المنطقة، وإعادة الأمن والاستقرار إلى سوريا، الموقف الأخير للرئيس ترامب حول ” تدمير تركيا اقتصادياً ” من وجهة نظري، يختلف عن موقفه بسحب قواته من سوريا، أرى أن هناك تنسيق عالي وفق مشروع متكامل متفق عليه في البنتاغون ووزارة الخارجية والبيض الابيض وفيه بصمة واضحة لمستشار الأمن القومي السيد جون بولتون، وما ورد في هذا الموقف يبدوا أنها عناوين رئيسية لخطة أمريكية – تركية – عربية في الشمال السوري، وجولة السيد بومبيو للشرق الأوسط وخاصة الدول الإقليمية المعنية بالأزمة السورية يصب في هذا الاتجاه”.
أشار بومبيو إلى أن واشنطن تسعى لضمان أمن من حارب تنظيم “داعش” إلى جانبها (في إشارة إلى الأكراد) ومنع أي هجوم من تركيا على سوريا، وذلك خلال خطة إقامة منطقة آمنة عند الحدود التركية السورية وهي لصالح الأكراد، ما تقيمكم لذلك؟
“أمريكا كانت واضحة في موقفها من الذين حاربوا معها ضد تنظيم داعش في سوريا منذ البداية، وكانت تسميهم دائماً بالقوات الحليفة في إشارة إلى قوات سوريا الديمقراطية ( قسد ) دون ذكر كلمة ” حلفائنا الكرد “، ولم تتوفق في إشراك هذا ” الحليف ” في العملية السياسية الخاصة بالأزمة السورية المبنية وفق مقررات بيان جنيف1، وقرار مجلس ٢٢٥٤ حتى الآن، ما هو جديد وملفت هو استخدام الإدارة الأمريكية عبارة ” حماية الكرد في سوريا ” وذلك بالتزامن مع التهديدات التركية باجتياح المناطق الكردية الحدودية في الشمال السوري، المخاوف التي ولدت لدى الإدارة الأمريكية من استهداف الشعب الكردي دون التمييز بين المدنيين والعسكريين من قبل الجيش التركي والمليشيات المسلحة السورية المتعاونة معها، باعتقادي هي نتاج جهد دبلوماسي كبير بذله السيد الرئيس مسعود البارزاني مع جهات دولية وإقليمية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية لوقف هذا العمل العسكري التركي من خلال البحث عن بدائل ومشاريع أخرى يجنب الشعب الكردي والمنطقة ويلات أي هجوم عسكري قادم وتداعياته الخطيرة على التركيبة السكانية والاجتماعية والسياسية هناك . لا يمكن اعتبار إقامة منطقة آمنة في الشمال السوري على أنها لصالح الكرد سياسياً مالم يتبين ملامح هذا المشروع بشكل كامل، أي ماهي حدود هذه المنطقة الآمنة ؟، وما الهدف من إنشائها ؟، ومن سيتولى حماية هذه المنطقة ؟، والأهم مَنْ هم المحميين في هذه المنطقة، هل ستكون الإدارة الذاتية بشكلها الحالي، أم ستكون بتشكيل إدارة جديدة موسعة تشارك فيها سياسياً وعسكرياً جهات إقليمية ( قد تكون السعودية والإمارات ) وداخلية مثل المجلس الوطني الكردي وبيشمركه روج وقوات النخبة وغيرهم ؟؟ ، في العموم يمكن اعتبار هذا التوجه الأمريكي الجديد في إقامة منطقة آمنة على أنها حماية منطقة نفوذه من التدخل الروسي والايراني والنظام، وبنفس الوقت عزل تركيا عن هذا الحلف (استانة وسوتشي )، وإذا عمقنا أكثر في التحليل، قد تكون هذه المنطقة هي حجر اساس ضد الوجود الإيراني في سوريا، ونستطيع ربط هذا بتصريح السيد جون بولتون قبل زيارته إلى تركيا عندما طلب من حزب الاتحاد الديمقراطي ” بوقف فوري لحواراته مع النظام وروسيا “، و هذه النقطة في غاية الأهمية لدى الدعوة الأمريكية لحماية حلفائها ضد داعش، و نعم قد تكمن المصلحة الكردية فقط في الشق الإنساني، أي منع حدوث اجتياح تركي ومرتزقتها من المجموعات المسلحة السورية إلى داخل المدن والبلدات الكردية الحدودية” .
زعمت تقارير صحفية خليجية وإسرائيلية مؤخراً، أن مصر والسعودية والإمارات تحضر لتواجد عسكري في منبج السورية، بعد الانسحاب الأمريكي، وأن “الأسد” قبل بذلك، ضمن مساع لمواجهة تدخل تركي محتمل هناك، وهو ما نفته مصادر مصرية وأخرى من “قوات سوريا الديمقراطية”، مؤكدة أن ما نشر في هذا الشأن عار عن الصحة جملة وتفصيلاً ما تعليقكم لذلك؟
“الحديث عن استقدام قوات عربية (سعودية – إماراتية ….. الخ ) ليست وليدة اللحظة، حيث سبق للرئيس ترامب أن أعلن عن نيته بسحب قواته من سوريا قبل حوالي ستة أشهر، إلا أنه تراجع بعد حصوله على حوالي ٢٥٠ مليون دولار من السعودية والإمارات مقابل تأجيل هذا الانسحاب ريثما يتم التوصل لتفاهمات معينة حول إدارة المنطقة في الشمال السوري بالمشاركة مع القوى المحلية ومكوناتها تحت رعاية دولية تقودها فرنسا بعد انسحاب أمريكا لقواتها، السعودية واقعة بين المطرقة والسندان، فبقدر انزعاجها من الدور الإيراني وتمددها في سوريا، تزعجها أيضاً طموح تركيا وتوسعها داخل الأراضي السورية، من هنا لا استبعد أن يكون المشروع أو لنقل الرؤية الدولية – الإقليمية القادمة بعد مغادرة أمريكا عسكرياً للمنطقة يتضمن نشر قوات مشتركة لا يكون لقوات سوريا الديمقراطية ( قسد ) أو أي قوة عسكرية محسوبة على حزب pyd التواجد فيها وعلى طول الحدود السورية – التركية، وهذا من شأنه سحب المبررات من تركيا، وكذلك حماية والحفاظ على سلامة وأمن المنطقة وسكانها من خلال تشكيل إدارة موسعة تعبر عن جميع مكونات المنطقة دون أن تكون لهذه الإدارة صبغة سياسية أو عرقية أو مذهبية”.
ما تعليقكم على ما ردت عليه أنقرة على تغريدة ترامب إذ كتب المتحدث باسم الرئاسة التركية أن “مساواة الأكراد السوريين بالمسلحين الأكراد “خطأ فادح”، مؤكدة أنها ستواصل مكافحة المقاتلين الأكراد في سوريا، ودعت واشنطن إلى احترام الشراكة “الاستراتيجية” بين البلدين؟
“بنظري كان الرد التركي الرسمي على تصريحات الرئيس ترامب هادئا غير حدياً، واتسمت بالدبلوماسية العالية، وتوشي بوجود تفاهمات ربما قد حصلت فعلاً بالنسبة للشمال السوري، وبرز ذلك عند تناولهم موضوع ” المنظمة الإرهابية ” من وجهة نظر تركية ومقارنته أو « مساواته مع الشعب الكردي في سوريا »، لا اعتقد أي تصعيد سيحصل بين الجانبين الأمريكي والتركي حول التعريف والفصل بين ما تريده تركيا بالضبط من أمريكا أو بالعكس، هناك مؤشرات وتسريبات بأنه ثمة اتفاق تركي – أمريكي – عربي – إقليمي على نشر قوات مشتركة مقابل سحب ( قسد ) لعمق ٣٠ كيلو متر، وهي نفسها المسافة التي حددتها الرئيس ترامب لحدود المنطقة الآمنة في موقفه الاخير، وبنفس الوقت ترجمة فعلية لقول وزير الخارجية بومبيو : ” منع الهجمات على تركيا من داخل الأراضي السورية “، والذي أكد عليه ترامب في تغريدته الأخيرة أنه ” على الكرد عدم استفزاز تركي …” . ولأن الأزمة السورية وتقلبات مواقف الدول المؤثرة فيها ممكنة في أي لحظة، فإن جميع الاحتمالات واردة، أي قد نجد تدخلاً تركيا بسيطاً وعبر جيوب محددة خدمة لأردوغان وحزبه قبيل انتخابات البلديات التركية التي ستبدأ في الشهر الثالث من هذا العام بحجة تنفيذ وعوده في ملاحقة ” عناصر حزب العمال الكردستاني وفرعه السوري ” (كما تصنفهم تركيا)، أو نجد فعلاً هناك منطقة آمنة من خلالها يحفظ المصالح التركية ويبدد ” مخاوفها “، وبنفس الوقت يحمي الكرد وحليف أمريكا ضد داعش قوات سوريا الديمقراطية و (ب ي د)
آدار بريس