بوتين «يردّ زيارة» أردوغان في ظروف «حرجة»

2

عندما يلتقي الرئيس فلاديمير بوتين نظيره التركي رجب طيب أردوغان في إسطنبول اليوم، على هامش مؤتمر دولي للطاقة، يكون مضى شهران على اللقاء الذي كسر الجليد بينهما وأطلق خطة كبرى لتطبيع العلاقات وتعزيز آفاق التعاون في كل الملفات ومن بينها سورية.

 

يومها، قال بوتين إن موسكو وأنقرة «لديهما هدف مشترك في سورية»، واعتبر الطريق ممهداً لاستئناف التنسيق والتعاون في كل المجالات. لكن منذ آب (أغسطس) الماضي، شهدت سورية تطورات كثيرة، من إطلاق العملية العسكرية التركية بـ «موافقة صامتة» لم تلبث أن تحولت «قلقاً» من جانب موسكو، الى انفجار الوضع في حلب، وفشل الاتفاق الروسي – الأميركي، وصولاً الى إحباط موسكو مشروع قرار وقف إطلاق النار في مجلس الأمن، الذي نص أبرز بنوده على حظر الطيران في حلب، وهو أمر قريب جداً الى المطلب التركي القديم الذي فشلت أنقرة في تكريسه مرات.

 

لا يوحي المشهد الحالي، بـ «اختراق» محتمل خلال لقاء الرئيسين، أقله على صعيد الملف السوري، على رغم أن غالبية الخبراء يرون أن التطورات المتلاحقة زادت أهمية تقارب الجانبين، حتى أن بعض القريبين من الكرملين بات يتحدث عن احتمال الانتقال «من محاولة تقريب وجهات النظر والتنسيق الى البحث جدياً عن حل وسط» بين موقفي الجانبين في سورية.

 

ويبدو أن ثمة حاجة متزايدة لدى كل طرف لهذا التقارب، اذ يرى خبراء روس أن أردوغان بات مقتنعاً بأنه فشل في تحقيق أهدافه ويريد تعزيز التنسيق مع روسيا، وموسكو تريد أن تكسر العزلة الدولية التي باتت أكثر شدة خصوصاً بعد استخدامها الـ «فيتو» في مجلس الأمن على مشروع لوقف الغارات في حلب.

 

وتتزايد التوقعات بتطورات مهمة على الصعيد الثنائي خلال اللقاء، من توقيع اتفاق «السيل التركي» لخط امدادات الغاز الذي تعطل طويلاً، الى وضع «خريطة طريق» لرفع القيود على التأشيرات وتنقل مواطني البلدين، الى إطلاق اضخم صندوق استثماري مشترك في تاريخ البلدين.

 

وستطلق زيارة بوتين «الجوابية» على زيارة أردوغان الى سان بطرسبورغ قبل شهرين، مسار تطبيع التبادل التجاري ورفع القيود نهائياً على ما تبقى من أوجه للتعاون ما زالت تنتظر الإرادة السياسية.

 

لكن هذا كله، يصطدم بالعقبة السورية، والمهم هنا ليس الموقف التركي من الرئيس السوري بشار الأسد، الذي يتوقع كثيرون أن يعود بعد فترة من إبداء المرونة الى بعض التشدد السابق على وقع الموقف الإقليمي والدولي بعد الفيتو الأخير، بل الأكثر أهمية برأي الخبراء هو رغبة روسيا في وضع حد لتمدد عملية «درع الفرات» ومنع وصولها الى مدينة الباب على مشارف حلب. وهذا أمر يحتاج الى منح أنقرة تطمينات خاصة تضمن تحقيق أهداف عمليتها من دون توسيعها، ولا تبدو موسكو قادرة على منح هذه الضمانات للأتراك حالياً.

 

اذاً، ما الذي يحمله بوتين للرئيس التركي على صعيد سورية؟ لمحت مصادر عسكرية اخيراً، الى أن الحوارات المكثفة التي جرت خلال الفترة الماضية على مستوى الخبراء الأمنيين والعسكريين من البلدين، قد تكون انتجت رؤية مشتركة لآليات التنسيق ومراقبة الهدنات ووقف إطلاق النار في بعض المناطق، وفي شكل يلبي مصالح الطرفين. لكن تطبيق مثل تلك الرؤية يحتاج الى تعاون مع أطراف إقليمية ودولية وهو أمر بات تطبيقه موضع سؤال كبير.

 

الحياة

Leave A Reply

Your email address will not be published.