الحراك السياسي الكوردي قبل 1957 وبعده

132

الاعداد : ميديا الصالح

رغم أنّ الاحزاب الكوردية في سوريا تحتفل في 14 حزيران من كل عام بإحياء ذكرى تأسيس اول حزب سياسي والتي تعود  لعام 1957، إلّا أنّ النضال السياسي الكوردي كان موجودا فعليًا قبل ذاك التاريخ بثلاثة عقود حيث جمعية خويبون مثلا والتي كانت قد تأسست في الخامس من تشرين الاول عام 1927 كتنظيم سياسي من أجل الحصول على الحقوق القومية والسياسية للشعب الكوردي  لكنها أخذت طابعًا ثقافيًا واجتماعيًا  كغطاء لبرامجها السياسية

حول الوجود السياسي الكوردي في سوريا وعدة اسئلة أخرى وجهناها للكاتب دلكش مرعي – الكاتب فاروق حاج مصطفى – الناشط الشبابي والباحث في الشؤون الكوردية عبد الرحيم تخوبي – عضو منسقية اقليم كردستان لحركة الاصلاح الكوردي  د. عبد الوهاب احمد

1 – الاحزاب الكوردية زرعت في عقول الشعب الكوردي ان الحراك السياسي في سوريا بدأ عام 1957  لماذا يتم تغييب دور بعض الجمعيات التي كانت حقا موجودة ومنها خويبون والتي تأسست عام 1927 ؟

2 – هل امتلكت الاحزاب السياسية برامج واضحة  تلبي تطلعات الشعب الكوردي في سوريا وتحظى بالإقبال والمساندة أو التأييد ؟

3 – برأيك هل نجحت الاحزاب السياسية الكوردية في سوريا في تحقيق ولو جزء من اهدافها منذ عام 1957 ؟

4 – هل كان للعامل الخارجي تأثير سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، في توتير العلاقات بين أحزاب الحركة الكوردية في سوريا، والهيمنة  على مواقفها؟

5 – بعد الثورة السورية تأسس المجلس الوطني الكوردي في اكتوبر 2011 هل نستطيع القول ان هذا الاطار وحدة كوردية في سوريا؟ وهل حقق اهدافه السياسية؟

6 – كيف كان دور الحراك الشبابي في بداية الثورة السورية و كيف أصبح فيما بعد  ؟

فكانت اجوبتهم على الشكل التالي

د. عبد الوهاب احمد عضو في حركة الاصلاح الكوردي في سوريا

1-  من الخطأ القول  أن تأسيس أول تنظيم كردي قد بدأ في ١٩٥٧ وهذا ما يروجه معظم الأحزاب الكردية فقبل هذا التاريخ وبثلاث عقود كانت هناك تنظيمات ثقافية – اجتماعية كردية  مهتمة بالشأن الثقافي والاجتماعي والى حدا ما سياسي  وفق ظروف تلك المرحلة إلا انها كانت تنشط في مدن كردية محددة و بعد الإعلان عن الحزب الديموقراطي الكردي في سوريا  والذي كان أول تنظيم يحمل صفة حزب كردي  سياسي  جامع لكل طبقات وشرائح المجتمع الكردي   بادرت العديد من الجمعيات والنوادي والتنظيمات الكردية السابقة إلى حل نفسها والاندماج في هذا التنظيم الجديد  والتحق معظم قياداتها  بالحزب الوليد ، ومن هنا  لا بدّ أن نميز بين تاريخ تأسيس أول تنظيم كردي وبين تاريخ تأسيس أول حزب سياسي كردي ، فالأول انطلق في بداية العشرينات من القرن الماضي والثاني بدأ ووفق التاريخ المحدد في ١٤/٦/١٩٥٧  وكان هذا الحزب نواة للأحزاب السياسية الكردية  في سوريا والعاملة  حتى هذا التاريخ ، ولعبت بعض القيادات دورا في ترسيخ  ثقافة  ربط الوعي القومي وتنمية الحس الوطني بين المجتمع الكردي  بولادة الحزب الديموقراطي الكردي  في  ١٩٥٧ وهذا كان الخطأ الاول المقصود وبحكم ثقافة توريث المعلومة  واستمرار من أسسوا هذا الحزب في نشاطهم السياسي ، وغياب  مؤسسي النوادي والجمعيات  الكردية قبل تأسيس الحزب عن الحياة السياسية  فمن الطبيعي جدا أن يتم تغيب دور هذه التنظيمات وتاثيرها  على المجتمع الكردي  ،  إضافة إلى مسألة عدم الالتزام الأخلاقي  والوفاء  لدور  وقيمة هذه التنظيمات وقياداتها في نشر الوعي القومي الكردي وحصرها  في حزب واشخاص  بدؤوا بالنشاط السياسي بعد ١٩٥٧

٢- لا شك أن معظم الأحزاب السياسية الكردية في سوريا كانت تمتلك شعاراً  وليس برنامجا سياسيا نشط تحت سقفها لعقود من الزمن ،  وما كان  يسمى بالبرنامج السياسي في أدبيات جميع الأحزاب الكردية  كانت عبارة عن رؤية سياسية  أو تصور  تماشياً مع  الحالة والمناخ العام الذي كان سائدا في سوريا فانطلقت من شعار.” تحرير وتوحيد كردستان ” وانتهت  بشعار المطالبة  بالحقوق القومية والثقافية للشعب الكردي في سوريا ولكن بالمحصلة  ، عدا شعار ” تحرير وتوحيد كردستان ” كانت جميع  الشعارات والرؤى السياسية تلبي  حاجة الشعب الكردي  وتحافظ على خصوصيته القومية  لو  وجدت طريقها إلى الاعتراف من قبل  الأنظمة التي حكمت سوريا ، إلا أن العقليات التي حكمت سوريا ومنذ تأسيس الحزب ١٩٥٧ حالت دون تنفيذ أي رؤية أو مطالب كانت تطرحها الأحزاب الكردية .

٣-  من حيث انتزاع  الحقوق القومية للشعب الكردي  من الأنظمة التي كانت تحكم سوريا نستطيع القول : أنه لم يتحقق  شيء  من هذه المطالب وعدم الاعتراف هذا سببه يعود بالدرجة الأولى إلى عقلية الأنظمة ونظرتها الشوفينية العنصرية تجاه الأقليات وحقوقهم في دولة اتسمت  نظامها السياسي وخاصة بعد مجيء البعث إلى السلطة عام ١٩٦٣  بالتعصب القوموي العروبي  وعدم الاعتراف باي مكون آخر ، هذا في الجانب السياسي ، أما إجتماعيا وثقافياً ، لا يمكن إنكار دور الأحزاب الكردية في الحفاظ على الخصوصية الكردية القومية والثقافية والاجتماعية ، فدأبت على نشر  ثقافة التمسك بالهوية الكردية والتراث الكردي إلى جانب  تشجيع مناصريها إلى تعلم اللغة الكردية وأحياء الندوات والإحتفالات والمناسبات القومية وهذا بحد ذاته كان تحديا قويا  للنظام وأجهزته الأمنية  في  عدم رضوخهم  للسياسات والإجراءات الإقصائية والعقابية ، ناهيك عن كل ذلك ، رسخت الأحزاب الكردية ثقافة الانتماء إلى بعدها الكردستاني  ونمت فيه شعور الاحساس بالمسؤولية تجاه  جميع القضايا التي كانت تعاني منها الكرد في الأجزاء الأخرى من كردستان .

٤-  إلى حد ما كان لهذا العامل دور في تأجيج بعض الخلافات بين الأحزاب الكردية واحيانا ضمن الحزب الواحد  إلى جانب عوامل أخرى  كان وقعها اشداً في  تاجيج تلك الصراعات ومنها تدخلات الأجهزة الأمنية السورية واختراقها لبعض صفوف الحزب وكذلك  النزعة الفردية  والعشائرية  وتضخم الأنا  لدى بعض القيادات زادت من هوة هذه الخلافات .

لم يكن جميع الأحزاب الكردية تنظر بنفس السوية إلى نمط العلاقة مع الخارج والمقصود بها ” العلاقات الكردستانية ” ، فمن كان يجد أن ارتباطه مع الخارج مبني على أساس العلاقة المتبادلة وفق ما يتطلبه البعد الكردستاني كان يجد الآخرون أن هذه العلاقة ليست إلا تبعية وارتهان لمصالح تلك الجهات وسببا مباشرا في تأجيج هذا الخلاف أو ذاك وكان لهذا التدخل مبرراته  اذا ما نظرنا الى حجم الدعم المادي والمعنوي الذي كان يتلقاه تلك الجهات  في تعزيز مواقعهم  في الشارع الكردي  حتى ولو كان  احيانا على حساب  رهن قرارهم السياسي وموقفهم  تجاه أي مسألة تخص الكرد وقضيتهم في سوريا .

٥-  تأسيس المجلس الوطني الكردي كان بمثابة المظلة السياسية التي وجدت جميع الأحزاب الكردية نفسها تحتها وكان إطاراً جامعاً لجميع التوجهات والفعاليات السياسية والاجتماعية والثقافية في سوريا بعد الثورة  ، ومنذ التأسيس تبنت رؤية سياسية عبرت عن طموح وهموم الشارع الكردي وبجميع فئاته المجتمعية ، وما يزال متمسكاً بهذه الرؤية ونظراً لتعقيدات الأزمة السورية وتداعياتها وتخطيها لحدود سوريا السياسية والجغرافية وتدخل دول إقليمية ودولية  الى جانب عسكرة الثورة وبروز تنظيمات راديكالية وسلفية مسلحة مرتبطة بأجندات خارجية  وتقاطع مصالح أو تضاربها لدول مؤثرة مثل أمريكا وروسيا  الى جانب تركيا وإيران جعل من جميع اللاعبين المحليين  السياسيين مهمشة ومطالبهم مؤجلة إلى أن تتوفر الظروف  الملائمة لإنهاء الصراع الدائر في سوريا

٦- لعب الشباب الكردي  أسوة بنظرائهم السوريين  دورا رياديا في الثورة السورية وكانوا السباقين في الانخراط  في الحراك الثوري  السلمي في بداية الأحداث  إلا أن هذا الدور والفعالية تراجع مع ظهور السلاح في الشارع  وقمع المتظاهرين من قبل النظام ولاحقاً على أيدي المجموعات المسلحة التي سيطرت على المدن والبلدات  ، ليس هذا فقط ،  فبدل أن يعول على الشباب  في اي  تغيير منشود تعمدت جهات  باستهدافها  بشكل مباشر من خلال التضييق على نشاطاتهم وافكارهم  والحد من اي تحرك  كانوا يقومون به الأمر الذي أدى إلى عزوف معظم الشباب عن القيام بالدور المنوط بهم  ،فبدأ قسم كبير منهم بالهجرة إلى الخارج تحت ضغط الداخل المسلح واقصاء متعمد من قبل الاخر السياسي  ، ومن بقي منهم وجدوا نفسهم بشكل أو آخر ضمن تنظيمات سياسية أو عسكرية  استسلاما للرغبة والحاجة إلى متطلبات الحياة والظروف المعيشية الصعبة التي فرضت نفسها على  معظم السوريين خلال الأزمة

 

الكاتب فاروق حاج مصطفى

1 – سؤال مهم، بالفعل انّ مؤسسو خويبون وأيضاً تجمعات مجتمعية أخرى من المناطق الكُردية وفي دمشق غابت عن تأسيس الحزب الكردي الأول، ولعل هذا السؤال هو سؤال الجميع، ونعتقد اننا كلنا نفتقد الى الجواب الصحيح، فقط مؤسسي الحزب الاحياء او الذين عاصروهم ربما يمتلكون الجواب.

بيد انني اتوقع ان ميلاد الحزب الكُردي هو نتيجة التراكمية للحراك المجتمعي بدءاً بخويبون انتهاء بفريق كردستان في دمشق لكرة القدم اضافة الى منخرطي الكُرد في الحراك أو لنقل الحزب الشيوعي اللبناني-السوري. فتأسيس الاحزاب لا تأت بقرار انما تأت نتيجة اضطهاد أو بروز مشروع لدى مؤسسي الحزب، ونعتقد انّ ثورة البارزانيين والحراك الاجتماعي على المستوى النخبوي-رؤساء العشائر، والنخبة المجتمعيّة الأخرى اضافة الى الشعور بالاضطهاد القومي خاصة بعد ظهور القوميين العرب على السطح كان سببا مباشراً لتأسيس أول حزب كُردي. في الحقيقة ونظراً لأهمية تنظيم الكُرد سياسياً فان يوم ميلاد الحزب الكردي تشكل يوم النهضة الكردية سياسياً، فالمجتمعات تُعرف بمكوناتها السياسيّة.

2 –  أخذ الشارع الكُرديّ سمة، على انه الشارع السياسي الاول في سوريا، وفي ظل غياب الاحزاب التي تمتلك مشروع خاص في سوريا شهدت المناطق الكردية حراكاً مستمراً، ولعل ان دل هذا على شيء فانه يدل على ان للأحزاب دور في دفع الناس في الانخراط في المطالبة بحقوقهم. نعم كان لدى كل الاحزاب رؤية واضحة للحل، والكل اتفقوا على “الحقوق السياسية والاجتماعية والثقافية” وضمن وحدة البلاد أيضاً. لكن الامر الغير واضح هو ان الاحزاب افتقدت الى اليات نضاليّة، حيث لا يمكن ان ينتزع اي حزب سياسي حقوق الناس من خلال الاجتماعات مع انصاره. فانتزاع الحقوق يحتاج الى عمليات الحشد والمناصرة ليس في الشارع او في الحاضنة الكردية انما في الحواضن السورية الاخرى، لان الشارع الكردي كان منخرطا الى حدا كبير في العملية الحزبية المطالبة بتأمين حق الكردي واستعادة الكرامة ولهذا شهدت الاحزاب القبول من قبل الناس.

3 – ارى ان نضالاً كبيرا حصل وكان له تأثير حتى في مزاح الحكم والنظام، وكانت الاحزاب تشكل رقما صعبا في المشهد السياسي السوري، ولذلك كانت هناك طرق ملتوية لدى النظام ولا سيما في الانتخابات-قوائم الظل او تنويه بالا يقترب الكرد من الحراك العربي وبالعكس حتى انه كان يثير الفتن بين المكونات السياسية السورية ولا سيما في زمن “اعلان دمشق”، كما ان الاحزاب رعت مسألة الهويّة سواء الاصرار في احياء عيد النوروز او في مسألة اللغة الكرديّة اضافة ان مسألة انتزاع الجنسية السورية في بداية ٢٠١١ ويجب التنويه ان انتزاع الحقوق لا يقف مدى مقدرة الاحزاب لان انتزاع الحقوق تحتاج الى شرطين، العوامل الداخلية والعوامل الخارجية وللاسف العامل الخارجي غير مهيأ حتى في هذه الايام.

4 – بكل تأكيد له الدور الاساس ولعل تجربة كردستان العراق وبعد ٢٧ عام من التجربة في الحكم وثقل البارزانيين، والقوى الاخرى خير دليل ان الحقوق لا تنتزع فقط ان كنت تمتلك القوة انما عندما يكون العامل الخارجي مهيأ ولعل قدر الكرد تاريخيا وجغرافيا وباطنيا تعيق اي مناصرة دولية واممية لمسألة الحق في تقرير المصير. وكما قلنا اعلاه  الدور الخارجي هو الحاسم، تبديد التوتر بين الاحزاب تعطي مشروعية لوجودك وتدفع بالأصدقاء للوقوف الى جانبك كما تساعد الناس ان يكونوا الى جانب الاحزاب، لكنه غير حاسم في مسألة العلاقات الداخلية للأحزاب.

5 – المسألة المباشرة في تأسيس اطار كردي سياسي جامع ساهم الى حد كبير في اعطاء الصورة الحسنة للكرد ككل، بيد ان التمزق الحزبي وضع المجلس على السكة الاخرى، ففي حين كان مطلوبا من المجلس الرعاية والعناية بالمشهد الكردي تحول الى جزء من الصراع نفسه. لم يحقق المجلس الكردي اهدافه بدءا باهداف ذاته، ولعل انسحاب او طرد بعض القوى والاحزاب جعل المجلس فاشلا في الحفاظ على نفسه اولا وفشل في رعاية المشهد السياسي. في العموم وجود المجلس وبالرغم من الملاحظات هو مهم للغاية، واعادة النظر في الياته ومقارباته يمكن ان يلعب دورا استثنائياً ايضا. لكن بشكله الحالي بات الاعلان عن الفشل ينتظره، خاصة انه على المحك في مسألة لجنة صياغة الدستور والدستور نفسه ومسألة العدالة في الحضور والمساهمة.

6 –كان حراكا منسجما مع المرحلة الا انه سرعان ما تبدد،  لم يستطع الحراك الشبابي ليس الحفاظ على نفسه فحسب انما فشل كما بقية الحراك الشبابي السوري في اغناء المشهد السياسي والمدني

 

الكاتب دلكش مرعي

1 –  أعتقد بأن السبب كامن في الأنا الكردية المعروفة بتضخمها النرجسي التي لا تعترف إلا بذاتها فهذه الأنا أنتجت بالإضافة إلى عدم الاعتراف بنضال الآخر أنتجت التشرذم والتبعثر الكردي عبر التاريخ ومازالت تفعل فعلها المدمر في واقع هذا الشعب… وهي متأصلة  لدى شعوب هذه المنطقة فهي التي كانت ومازالت تنتج الطغاة والمستبدين والأنظمة الفاسدة وكانت السبب في أن يجعل ملوك سومر من أنفسهم آلهة وكذلك فراعنة مصر وفي عصرنا الرؤساء يصفون أنفسهم بأصحاب السيادة والجلالة والعظمة وهي من صفات الله ومنشأ هذه الثقافة هي من نتاج الثقافة الدينية التي يتماها البشر عبرها بالآلهة

2 –  حتى يلبي أي حزب أو حركة  تلك التطلعات يجب أن تمتلك ثلاثة أمور أساسية – 1 – نهج فكري تحرري يستند إلى العلم والمعرفة هدفه تحرير الشعب من قيم التخلف – 2  – تكريس القيم الإنسانية النبيلة – مثل محبة الوطن واحترام الإنسان وحقوقه العامة وقبول الآخر المختلف بدل من قيم الحقد والكراهية والصراع – 3 – جناح عسكري – طبعاً إذا كانت الظروف مناسبة لحمل السلاح –  وهذه الأمور الثلاثة لم تكن تمتلكها هذه الأحزاب فكيف لها أن تلبي تطلعات الشعب الكردي بالمختصر كانت هذه الأحزاب تعمل من أجل مصالحها الذاتية  .. الجماهير على الدوام كانت موجودة في الشارع تقوم بواجبها الوطني ولكن هذه الأحزاب حسب اعتقادي لم تكن مؤهلة لقيادة هذه الجماهير وبمعنى أوضح الشعب كان يفتقر إلى قيادة كاريزمية متمكنة وقادرة إلى إدارة الأزمة …  يوجد بعض الشخصيات الوطنية الشريفة داخل هذه الأحزاب ولكنها لم تكن تمتلك زمام الأمور

3 – من يلقي نظرة على الواقع الراهن لغربي كردستان سيجد الجواب لهذا السؤال سيجد بأن هناك ثمانين بالمائة من الشعب الكردي قد هاجر  ومن ضمنهم حوالي ثمانين ألف من حاملي الشهادات الجامعية والعليا والمعاهد المتوسطة ومن ضمنهم أيضاً أربعمائة ألف شاب يعني بالمختصر تحول غربي كردستان إلى وطن بدون شعب . فأي هدف تحقق ؟؟؟ بالعكس تماماً الوضع تحول إلى وضع كارثي ومسؤولية هذا الكارثة تقع على عاتق جميع هذه الأحزاب بسبب صراعاتها البائسة التي خلقت الإحباط في الشارع الكردي وعدم الثقة  في المستقبل فهاجر الناس وتمخض عن هذه الهجرة هذا الواقع المؤلم والمزري

4 – لا أعتقد ذلك لأن التخلف والتشرذم والتشظي وتوتير العلاقات هي نتاج ميراث البنية الفكرية والقيمية لهذا الشعب فأزمة الشعب الكردي هي أزمة بنيوية فالكردي لا يولد بالفطرة متخلفاً أو متشرذمأ أو خائناً أو عميلاً معادياً لأبناء قومه بل العلة كامن في التراث الاجتماعي الذي ينهل منه الكردي أفكاره وعقائده وقيمه المتخلفة .. هذا التراث وقيمه الفكرية والعقائدية هو الذي يشكل مكونات العقل الكردي وهو الذي ينتج كل هذه التوترات والأزمات وكل علل هذا الشعب  فالتباين في المستويات الحضارية بين الشعوب هي نتاج قيم وأفكار وعقائد الشعوب فلكل فكر نتاج وكذلك لكل عقيدة وحتى لكل عادة لها نتاجها في واقع الشعوب . بالعلم أنجز الانسان كل هذا التطور الهائل . وحقق العدالة والمساواة بالقيم الإنسانية النبيلة فلا يوجد في البنية الفكرية للكرد لا الفكر العلمي ولا تلك القيم الإنسانية النبيلة  يوجد عنا فقط  قيم الصراع والحقد والكراهية

5 – في بداية تأسيس المجلس ساهمت مجموعة من الأحزاب في أضعافها وكنت شاهد عيان على ما جرى .. والمبادرة في تأسيس المجلس الوطني الكردي جاءت  من قبل الكاتب المرحوم خليل كالو فقد طلب أن نعمل معا من أجل تأسيس مجلس وطني وبالفعل التقينا بجميع قيادات الأحزاب ومن بينهم قيادة البيدا  واتفقنا مع الجميع على أن يكون نصف المجلس من الكفاءات المستقلة والأكاديميين والشخصيات الوطنية والنصف الآخر من الأحزاب وبعد شهرين من العمل المتواصل تمكنّا من تشكيل اللجنة التحضيرية لكتابة تقرير المؤتمر وأصبح انعقاد المؤتمر على الأبواب وقريبا جداً وفي هذه الأثناء طلب مجموعة من الأحزاب لقاءاً معنا وفي اللقاء قالوا لنا بالحرف لن نقبل بأن يكون نصف المجلس من الكفاءات وأصحاب الاختصاص من الأكاديميين لأن هكذا مجلس لن يكون لنا نحن الأحزاب أي دور فيها ونحن سنختار المستقلين وبالفعل كل حزب عين من أنصاره عشرة أشخاص على أنهم من المستقلين وكان معظمهم من البسطاء وبمعنى أوضح بنو مجلساً متخلفاً غير قادر على إدارة الأزمة وعندما طلب البيدا خمسة عشرة مقعداً زيادة عن بقية الأحزاب رفضوا أيضاً هذا الطلب علما كان بعض أحزاب المجلس يتألف من السكرتير وعائلته وشخص أو شخصين وبعض الأحزاب في الخارج لم يكن لديهم عشرة أعضاء في الداخل ليمثلهم في المجلس وبعد أن اتفق البيدا مع النظام باستلام المناطق الكردية كان هناك شروط من قبل النظام من بينها أن تقوم البيدا بمنع المظاهرات واعتقال النشطاء أو إذا استدع الأمر تقوم بتصفيتهم كما جرى في عامودة وبعد ذلك تقلص دور المجلس في الشارع الكردي شيئاً فشيئا نتيجة ممارسات  البيدا من جهة وعدم تمكن هذه الأحزاب من إدارة الأزمة من جهة أخرى  فنستطيع القول بعد كل ما حدث بأن المجلس لم يكن إطار لوحدة الشعب الكردي بل لمجموعة أحزاب

6 –  نتيجة الاحتقان الذي سببه ممارسات النظام القمعية والاستبداديةعلى مختلف صعد الحياة عبر عقود  قد خلقت الثورة فرصة لأن يعبر الناس عن مشاعرهم الرافضة لتلك السياسات فكما هو معروف فقد خرج عشرات الآلاف من الشباب للتظاهر ضد النظام ومن المؤسف القول بأن الطابع العام لهذه المظاهرات كانت عفوية وبدون خبرة ونتيجة الاحتقان المذكور وبمعنى أوضح  لم يكن هناك نهج فكري معرفي موحد يجمع الشباب عليه كمرجعية يسيرون عليه  فالثورة الفرنسية كانت تسير وفق نهج فكري معرفي أسسه  جان جاك رسو – وفولتير – وديدور – وكوندرسية – ومنتسيكو – فالشباب لم يمتلكوا تلك الحصانة الفكرية لتكون هادية لهم يمنعهم من الوقوع في الأخطاء ونتيجة لذلك ظهرت نفس علل الأحزاب وأدى كل  ذلك إلى فشل الحركة الشبابية

 

الناشط الشبابي والباحث في الشؤون الكوردية عبد الرحيم تخوبي

1 – هذا برأيي يعود جزء منه إلى الاسم، فاسم التجمعات التي تأسست قبل عام 1957 كانت جمعيات ورابطات ثقافية أو اجتماعية، وتم استخدام مصطلح (الحزب) كأـول مرة عام 1957، والنقطة الثانية أن الهيكلية الإدارية والتنظيمية والنظام الداخلي كان مع ولادة الحزب الجديد عام 1957.

2 – معظم الأحزاب السياسية تمتلك برامج واضحة، وهي برأيي نظرياً تلبي تطلعات الشعب الكردي، ولكن المشكلة هي التطبيق العملي لهذه البرامج، ومدى التزام الأحزاب بها على أرض الواقع. والابتعاد عن الشعارات، ففي حين كانت الكثير من الأحزاب في برامجها كانت تطالب بالحقوق الثقافية والقومية، كانت قواعدها الشعبية والبعض من قياداتها غير ملتزمين ويرددون شعارات غير متناسقة مع برامجها.

3 – لا … لم تنجح الأحزاب حتى اللحظة في تحقيق ذلك., فما زالت الاحزاب تعيش حالة الصراع الداخلي. والمناطق الكردية لم تحظى حتى اليوم بأي اعتراف دستوري لدى النظام السوري، أو المعارضة السورية، أو اي اعتراف دولي. نأمل في المستقبل أن تستطيع الأحزاب الكردية نيل اعتراف دستوري بحقوق الشعب الكردي في سوريا.

4 –  نعم بكل تأكيد. ارتباط حزب الاتحاد الديمقراطي بحزب العمال الكردستاني، وارتباط المجلس الوطني الكردي باقليم كردستان العراق أثر بشكل واضح على البيت الداخلي الكردي.

5 – في البداية كنا نأمل أن يحقق المجلس خطوة نحو توحيد الحركة السياسية الكردية، ولكن مع مرور الزمن ظهرت الكثير من الخلافات الداخلية والتي أكدت أنه ما تزال الخلافات الشخصية والحزبية الضيقة تطغى على المصلحة العامة لدى أحزاب المجلس، لذلك فشل المجلس برأيي في توحيد الحركة السياسية الكردية، ولكنه في نفس الوقت استطاع جمع عدد جيد من الأحزاب في إطار واحد، وبالتالي مازلنا نأمل أن تستطيع أحزاب المجلس التخلص من تفضيل مصالحها الحزبية على المصلحة العامة، والعمل بشكل مؤسساتي أكثر. ولا نستطيع أن المجلس يشكل قوة سياسية موازية لقوة حركة المجتمع الديمقراطي التي تحكم المناطق الكردية في سوريا بالقوة.

6 – الحراك الشبابي كان الشعلة التي أشعلت الثورة في المناطق الكردية في سوريا، وبقي محتفظاً بقيادة الحراك الثوري في معظم المناطق الكردية لأكثر من سنتين، ولكن أسباب كثيرة أدت إلى ابتعاد الشباب وإبعادهم عن الساحة وأهمها : عدم الخبرة لدى الكثير منهم في ممارسة السياسة، بل وعدم استعداد معظمهم لفعل ذلك. معظم التجمعات تأسست على أمل أن تنجح الثورة في وقت قصير كما حصل في تونس ومصر، ولكن  لم يحصل ذلك فتلاشت الكثير من تلك التجمعات بسبب طول الوقت. عسكرة الثورة كان لها تأثير كبير على ابتعاد الشباب الكرد عن الساحة لأنهم لم يكونو يرغبون في عسكرة الثورة وممارسة العمل المسلح. الضغط الأمني الذي حصل من قبل السلطات الأمنية التابعة للإدارة الذاتية أبعدت الكثير من الشباب عن الساحة ولا سيما أن تهمة “الأردوغاني” و “مناصرة الجيش الحر” كانت من التهم الجاهزة التي يتم توجيهها للتنسيقيات والتجمعات الشبابية. حالياً توجه من تبقى من الشباب للعمل المدني، والكثير منهم هاجر للدول الأوربية.

 

 

 

 

Leave A Reply

Your email address will not be published.