الحلم الكردي في زمن الثورة!

5

ابراهيم عبد الرحمن

كان شهر آذار من العام 2011 شهر التغيير السوري، شهراً لتنطق سوريا شبابا وشيبا، ورودا وحجارةً وابنية وحقولا وربما حتى المقابر.
شهر آذار هذا كان بداية حدث سوري لم يهز سوريا فحسب بل المنطقة برمتها وأحدث تغيرات في موازين القوى العالمية.
أين الكرد السوريين من هذا التغيير؟ أين حلمهم وحقوقهم السليبة منذ عقود خمس خلت؟ إلى ماذا يطمحون، وهل طموحاتهم هذه مرحب بها سوريا؟ وهل هنالك “فيتو” إقليمياً على ما يصبون إليه؟
ما الذي يحدث في الشمال السوري ومع من يتحالفون ومن يعادون، أسئلة كثيرة تتردد والمطلوب من الكرد الإجابة عليها وازالة كل الغموض عنها.

تتراوح نسبة الكرد السوريين ما بين 10-17% من الشعب السوري حسب الأرقام الواردة هنا او هناك، ودون العثور على دقة في تحري الرقم الصحيح؛ إلا ان هذا الرقم يفيد بوجود 2,5مليون نسمة بأقل التقديرات وكأكبر أقلية عرقية في سوريا، ناهيك عن امتلاك هذه الأقلية لقوة مسلحة لها تصنيف متقدم من بين القوات المتصارعة في الساحة السورية. وحيث أن الحركة الكردية متخمة بعشرات الأحزاب الكردية، التي بعضها قريب من حزب البارزاني والآخر قريب من حزب جلال الطالباني، أما القسم الآخر فمقرب من حزب العمال الكردستاني وبعضها أقرب إلى اليسار، ولا يخفى أن قسما من هذه الأحزاب والحركات قريب من السلطة السورية الا انها جميعاً تتفق على صيغة الحكم الذاتي لكرد سوريا (نظريا)
في الواقع، مهما كانت الحسابات ومهما كان الجدل بشأنها، الا أن هناك مسائل مهمة ينبغي التوقف عندها وقراءتها جيداً في زحمة التطورات الجارية. أولى هذه المسائل: هي أن المشكلة الكردية في سوريا هي مشكلة سورية بامتياز، مشكلة دولة أهملت جزءا من تركيبتها الاجتماعية والسكانية لأسباب أمنية وأيديولوجية، فتحول هذا الجزء المعطب بفعل الإجراءات المتتالية إلى كتلة بشرية قابلة للانفجار.
والمسألة الاخرى هي أن الكرد السوريين بعددهم الكبير نسبيا وأحزابهم ووعيهم التنظيمي والسياسي وما يتعتمون به من براغماتية تجعل منهم رقما صعبا بما يفيد، بأن الأنظار ستبقى متجهة إليهم في المرحلة المقبلة.

وثمة تساؤل آخر لا تقل أهمية الاجابة عنه عن أهمية المجيب ذاته، ما هي الجهة التي استفادت من الوضع الحالي في المناطق الكوردية (منذ 19/7 2012) تاريخ انسحاب النظام من اغلبية القرى والمدن الكردية السورية؟! هل استفاد الشعب الكردي، ام استفادت الحركة الكردية ام انها الجهات التي تعارض النظام السوري هي من استفادت، ام ان النظام السوري هو نفسه من استفاد، أم إن ذلك أسس لبناء دولة قومية كردية وأن كان هذا مستبعدا.
كل هذا ودون ان ننسى الجارية الشمالية المختلف عليها سورياً والمصنفة ما بين صديق وعدو، إنها تركيا الحاضرة إسلاميا واقتصاديا وسياسيا وعسكرية على مستوى المنطقة ككل. أما معرفة موقف تركيا من الأقليات الجارة وهي التي تمتلك خزان بشري كبير من الأقليات على ارضها ,فما زال مبهماً فمن داعم لإقليم كوردستان العراق الى موقف سلبي من كورد سوريا ومحاولة املاء شروطها عليهم او الانكواء بنار الحرب, ما يبدوا واضحاً ان تركيا تملك أوراق عديدة ومؤثرة , وما يبدو واضح أيضا ان الجهات التي تعارض النظام غير قادرة على استيعاب الأقليات الامر الذي يتماشى مع ما لتركيا من اهداف استراتيجية وأهمها ضمان عدم ملئ كورد سوريا الفراغ الذي شكله انسحاب النظام السوري وإنهاء تجربتهم في الإدارة الذاتية المؤقتة ودون ان ننسى أيضا ان تركيا تعادي حزب العمال حتى ولوكان في المريخ ,فما بالنا اذا كان حزب العمال في سوريا الجارية الجنوبية ويشغل الحيز الفاصل بينها وبين العمق العربي.
من جهة أخرى منذر خدام عضو هيئة التنسيق الوطنية المعارضة يقول: إن مصطلح «غرب كردستان» الذي يستخدمه السوريون الكرد كاسم لمناطقهم يحتاج إلى تأصيل تاريخي لكي يُقبَل به سورياً بصورة رسمية، وكجزء من هذا التأصيل لا بد من تحديد الجغرافيا التي يشملها.

ما يمكن قوله أخيراً ان نجاح جهة كردية في إنشاء قوة مسلحة كردية، وفشل الحركة الكردية في إنشاء جسم سياسي يمثل الكرد، وعدم قدرة الساسة الكرد كسب ثقة الحليف الغربي، الذي ربما يجب الحفاظ على علاقات وطيدة معه وأمور أخرى كثيرة؛ تنبه كرد سوريا إذا أرادوا تحقيق مطالبهم، وان كان يصعب التكهن باي مستقبل ينتظرهم، فعليهم أولا ترتيب بيتهم الداخلي..وثانياً أن يدركوا أن حل مسألتهم مرتبطُ بالحل النهائي للمسألة السورية… وثالثاً ان يزيلوا تهمة الانفصالية التي تلاحقهم من معارضة ونظام.

 

Leave A Reply

Your email address will not be published.