اشكالية تقرير المصير ووحدة الأرض
اشكالية تقرير المصير ووحدة الأرض
بقلم .أ.كاظم خليفة
ما من شريعة أوقانون دولي أو إلهي يرفض حق الشعوب في تقرير مصيرها والانفصال ليس تهمة سيئة تستوجب الدفاع والرد كما في حالة الشعب الكردي الذي يتجاوز تعداده الأربعين مليون ولازال يعاني من لعنة التاريخ والجغرافية . فالكردي يدرك ان بلاده اقتسمت بين دول -تركيا وايران والعراق وسوريا – بموجب اتفاقيات دولية تجاوزت عمرها المئة عام وهو يعي الظروف الذاتية والموضوعية وما تعانيه شعوب المنطقة المتعايشة معه من فقر وتخلف وظلم على يد حكامها المستبدين ولم يدع يوماً إلى الانفصال عن الدول التي لُحق بها أرضا وشعبا ،بل كانت الحركة السياسية الكردية منذ نشأتها تؤكد على ربط النضال القومي بالنضال الوطني وترفع شعار الديمقراطية والعيش المشترك والحقوق التي لاتتجاوز أن تكون إنسانية صرفة وبطرق سلمية لا يستطيع أحد إنكارها فعلى مدى التاريخ لم يحمل الكردي سلاحا إلا دفاعا عن النفس وقد استوعب نتيحة نضاله الطويل مايتضمنه قرار الامم المتحدة من إشكالية حول مسألة حق تقرير المصير وخاصة في منطقة الشرق الأوسط التي تفتقر الى الأنظمة الديمقراطية حيث يعترف القرار بحق الأمم في تقرير مصيرها من جهة وقدسية الحدود الجغرافيا التي رسمتها الدول الاستعمارية من جهة أخرى لذلك لا تنفك الأنظمة الاستبدادية في إنشاد وحدة أراضي البلاد والتي تتفق مع مصالح الدول الإقليمية وبالتقاطع غالبا مع مصلحة القوى العظمى المتحكمة بمصير العالم .وبهذا المفهوم يتلاشى قانون حق تقرير المصير (الاستقلال) أمام قدسية وحدة أراضي البلاد، ويظل مرهوناً بموافقة الانظمة الحاكمة ومصالح الدول العظمى ، وقد تعايش الكردي مع هذا الواقع وكان ذلك من أحد الأسباب التي دفعت البعض منهم إلى تبنيّ النظريات الأممية كالشيوعية والإسلامية وأخوة الشعوب.. ويرى الكردي إن موضوعية الطرح النضالي عنده تكمن في المطالبة بنظام ديمقراطي تعددي لامركزي يضمن حقوقه السياسية والاجتماعية والثقافية دستوريّا وبالتوافق مع المكوّنات الأخرى وهنا تتشكل الهويّة الوطنية الجامعة من خلال الهيكلة السياسية والدستورية للدولة ويترسخ مفهوم حق تقرير المصير وبالابتعاد عن فكرة الانفصال حيث ينتفي الاضطهاد القومي و التمييز العنصري والإجراءات الاستثنائية بحقه .وان عدم حل القضية الكردية في إطارها الوطني لا يخدم سوى الأنظمة الاستبدادية التي لا تستطيع الحياة في بلد يسوده السلم والرخاء ويواظب على الالتحاق بركب الحضارة الإنسانية ، وكذلك الدول الكبرى التي تستثمر النزاعات القومية والطائفية لمصالحها السياسية والاقتصادية.فكما ان شعار الوحدة الذي رفعه بعض العرب ومن خلال حزب البعث بشكل خاص وعلى مدى اكثر من ثمانية عقود في كل من العراق وسوريا قد تبيّن أنه أكذوبة وخديعة للشعوب العربية ولم تنجح إلا في صناعة ديكتاتوريات وخلافات حادة بين الدول العربية اسفرت عن نتائج سيئة وصلت إلى حد العداء واحتلال بعضها للبعض . فكذلك هو شعار وحدة الأراضي ضمن كل بلد حيث تستخدمها الأنظمة الاستبدادية لزرع الفتنة والعداء بين أبناء الوطن وإظهار حرصها على البلاد التي اضحت بمثابة مزرعة تمتلكها من جهة وإقناع الشعب بأن هناك أعداء في الداخل يعملون من أجل تقسيم البلاد وتفتيته من جهة أخرى . فالتنوع القومي والديني هو مصدر قوة وطاقة تزدهر بها الأوطان في ظل نظام ديمقراطي وهو عامل ضعف وعدم استقرار وتخلف حينما يكون الوطن محكوما بأنظمة استبدادية شمولية.