ثلاثة ملايين كوردي يرفضون بانادول الجعفري

7

في معرض رده على سؤال لموفد شبكة رووداو الإعلامية إلى جنيف الزميل زنار شينو، قال رئيس وفد النظام السوري إلى مباحثات جنيف 3 بشار الجعفري، غاضباً، بأن من يفكر بالفيدرالية عليه أن يتناول حبوب بانادول، قبل أن يردف بأن نظامه قد تحمل عبء الأزمة السورية لخمس سنوات فقط لكي لا يتحقق هذا الخيار، قاصداً الفيدرالية التي حورها إلى ما أسماه بتفتيت سوريا.

لا شك أن الكورد في سوريا بملايينهم الثلاث يرفضون تصريح الجعفري الاستفزازي هذا والذي شبه فيه طموح الكورد إلى تحقيق حقوقهم العادلة في سوريا ديمقراطية فيدرالية، تضمن التكافؤ في الحقوق وتحفظ التوازن بين مكوناتها التي اكتوت على مر سنوات خمس بنار حربٍ أهلية مزقت سوريا فعليا وقسمتها بين مختلف الأطراف في سوريا بحيث لم يعد النظام يسيطر سوى على ما يقارب 30% من مساحة البلاد (وفق تصريحات حلفاء النظام نفسه).

إن الحل الفيدرالي الذي يدعو إليه الكورد على الرغم من أنه يلبي مطامح الشعب الكوردي في سوريا، إلاّ أنه يوفر السبيل إلى الاستقرار في سوريا ويضمن الحد الأدنى من التعايش بين المكونات السورية ويفتح الطريق إلى تجاوز الآثار المدمرة التي تركتها الحرب على بنية المجتمع السوري الذي لم تستطع الأعوام السبعون التي مضت على نشوء الدولة السورية من تحقيق تجانسٍ فيه لأن هذه الدولة قد أُنشئت في أساسها على نحوٍ مصطنع وبموجب اتفاقيات ومعاهدات دولية لم تراعِ لا حقائق الجغرافيا ولا التاريخ والتي كان من آثارها إلحاق جزء من كوردستان بالدولة السورية الوليدة التي كانت مزيجاً متنوعاً فرضَ عليها الدمج قسراً.

إن تصريحات الجعفري هذه تظهِر مرة أخرى أن النظام السوري، وبعد كل ما لحق بسوريا من خرابٍ ودمار وانهيار على كلّ الصعد ومن تقسيمٍ فعلي مرتسم على الأرض، لا يزال أسير أوهامه في القدرة على إعادة عقارب الزمن إلى الوراء وإلى استعادة سيطرته وفرض هيمنته على سوريا بنفس العقلية والذهنية المركزيتين على مستوى الفكر والسياسة والإدارة وأنه لا يدرك حقيقة المأزق الذي تعيشه سوريا والذي يهددها في بنيتها بل وفي وجودها كدولة.

إن آثار الحرب الأهلية في سوريا، التي قل نظيرها في التاريخ من حيث مستوى العنف ومن حيث عمق الكراهية الطائفية والمذهبية التي بات معها الذبح على الهوية يطغى على ممارسات الأطراف المتقاتلة، تجعل من الصعب جداً، إن لم نقل من المستحيل، أن يتعايش أبناء القومية العربية الواحدة من الطوائف المتناحرة في كيانٍ مركزي موحد، فما بالكم بالقومية الكوردية التي تعيش على أرضها التاريخية والتي نأت بنفسها عن هذا النزاع الطائفي الدموي.

لا شك أن الحقوق القومية الكوردية المشروعة والشكل السياسي لتحققها في إطار سوريا الجديدة ليست مرضاً حتى يتناول المدافعون عنها والساعون إلى تحقيقها حبوباً مسكنة يتبرع رئيس وفد النظام السوري إلى مباحثات جنيف وينصح الكورد بها. أما إذا كان رئيس وفد النظام يعدها مرضاً، فأنني ككوردي سوري على قناعة بأن الجعفري ونظامه ومعهما شركاؤهما من الأنظمة التي تتقاسم كوردستان وتغتصبها، سوف لن تتناول بانادول الفيدرالية فحسب بل وستضطر يوماً إلى تجرع كأس سمّ استقلال الوطن الكوردي.
حسين عمر

Leave A Reply

Your email address will not be published.