تركيا والتوازنات الجديدة في المنطقة
فيروشا عبد الرحمن
تتسارع في المنطقة لحظة بلحظة فتركيا قبل محاولة الانقلاب الفاشل لن تكون تركيا ما بعد الانقلاب , لن تستطيع أن تكون ﻻعبا رئيسيا فقد أخذت تتمدد ببناء علاقات استراتيجية مع الروس وإيران فأولا بدأت باستدارة كاملة مع الروس فأردوعان المنهك من نتائج اﻹنقلاب والمنهمك في أزمته الداخلية واستحقاقاتها انتقد الموقف اﻷمريكي بل ذهب أبعد من ذلك باتهامه للامريكيين بدعم اﻹنقلاب ودعم القوات الكردية في شمال سوريا كما تسميها. وكذلك ضجرها من الموقف الاوربي الذي لم يقف إلى جانبه كما تدعي ورغم ان هذا الموقف لم يصل إلى حد قطع العلاقات ﻷن اﻹقتصاد التركي جزء كبير منه يعتمد على الدعم اﻷمريكي وعسكريا لانها جزء من حلف الناتو ولكن هذا لم يمنع أردوغان من إعادة العلاقات مع روسيا التي تدهورت العلاقات بينهما إثر إسقاط الطائرة الروسية في سوريا عام 2015 والتي دفعت تركيا ثمنا باهظا اقتصاديا ﻷنها بقيت وحيدة في المنطقة وثانيا إدراكها بأنه لدى الروس الكثير مما تستطيع أن تقدمه لها فتقسيم سوريا خاصة في شمالها تعني للاتراك تقسيم تركيا في جنوبها وما تستطيع أن تساهم مع الروس بتصفية المنظمات الجهادية في حلب للوصول إلى حل أقله حسم عسكري إذا ما أغلقت حدودها وامتنعت عن دعم بعض هذه الجماعات وكذلك علاقاتها الطيبة مع كل من قطر والسعودية والتي أهملت الملف السوري وانشغلت بالقضية اليمنية اﻷكثر استراتيجية لها من سوريا على حدودها الشمالية والتوجه إقليميا نحو إيران والتي تشترك معها بالكثير من اﻷفكار و اﻷهداف فإيران منخرطة في اﻷزمة السورية لضرب المعارضة وهي كتركيا تخشى من الفوضى القائمة في سوريا أن تؤدي إلى أي تقسيم ستؤثر عليها مباشرة خاصة بعد خساراتها الكبيرة في سوريا ومقتل عدد كبير من جنودها وزعزعة وضعها الداخلي وخسارة اقتصادها فهي أيضا تسعى ﻹيجاد حل ﻻ يؤدي إلى ضرب مصالحها في سوريا .فتلاقي مصالح هذه الدول الثلاثة ساعد في إيجاد حراك دبلوماسي وسياسي في المنطقة كما أدت إلى صحوة إقليمية بالمحافظة على وحدة الاراضي السورية وتشكيل حكومة موسعة تضم النظام والمعارضة وعودة اللاجئين إلى الداخل السوري.
إذا أمام هذا الوضع يجب على المعارضة السورية المعتدلة بكل مكوناتها البحث عن خيارات بديلة في ظل انكفاء أمريكي وصمت أوربي وغياب موقف عربي عجز حتى في جمع المعارضة السورية في موقف موحد.