في الطريق إلى الرقة!
راجح الخوري
هل طرح باراك اوباما على رجب طيب اردوغان خلال لقائهما في هانغشتو فكرة القيام بعمل عسكري مشترك بينهما لتحرير الرقة معقل “داعش” الأساسي؟
الرئيس التركي الذي كشف عن هذا يرحب طبعاً بالتعاون، ويقول إنه اقترح ان يبدأ العسكريون من الجانبين اجتماعات لتنسيق هجوم يستهدف الرقة، لكن حصول مثل هذا الهجوم بالتعاون مع الأميركيين سيثير زوبعة واسعة من الإحراجات والتساؤلات والشكوك والمخاوف.
أول هذه التساؤلات القول سبحان مغيّر الأحوال، بإعتبار ان اردوغان انتظر ثلاثة أعوام على الأقل ليقرر الانخراط في محاربة تنظيم “داعش”، الذي كان فلاديمير بوتين يتهمه دائماً بالتعاون معه، وليس خافياً ما قيل في حينه من ان إسقاط تركيا المقاتلة الروسية في ٢٤ كانون الأول من العام الماضي، جاء رداً على مجزرة صهاريج النفط التي دمرتها الطائرات الروسية وهي تنقل نفط “داعش” إلى تركيا!
واذا وصل أوباما واردوغان الى الرقة، وقت يراوح الروس في القتال بين اللاذقية وحلب في ما يشبه ترسيخ جغرافيا سيطرة النظام لرسم حدود الدولة العلوية، فماذا سيقول بوتين لمواطنيه الذين أخبرهم دائماً أنه يقاتل “داعش” والإرهابيين، وخصوصاً عن الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، وقد تحول التدخل العسكري في سوريا نوعاً من حرب استنزاف؟!
والدليل انه كان قد أعلن في البداية ان العملية التي بدأت في أيلول الماضي ستستمر أربعة أشهر وها هي تكمل عامها الأول، وليس من أفق للحل، خصوصاً أنه يعرف ان الآتي أميركياً سيكون أصعب سواء مع هيلاري كلينتون او مع دونالد ترامب.
وكيف يمكن ان يسوّق الأميركيون التعاون مع تركيا للوصول الى الرقة، وقت يريدها اردوغان معركة للقضاء على “وحدات حماية الشعب” الكردية، والى أين يمكن ان يصل الرياء الاميركي مع الأكراد الذين ساعدتهم المقاتلات الأميركية في طرد “داعش” من منبج ثم من الحسكة، ثم راحت تقصفهم لتسهيل دخول الدبابات التركية جرابلس، التي ينطلق اردوغان منها للحديث عن “المنطقة الآمنة” التي يريدها حزاماً بطول ٩٥ كيلومتراً وعمق ٤٠ كيلومتراً، بما يعني أنه يسعى الى تطهيرها من قوة الأكراد الذين كانوا منذ تحرير كوباني الأكثر فاعلية في محاربة “داعش”؟
وماذا ستفعل ايران بعد التقارير المتزايدة التي باتت تشير في شكل متصاعد الى ان بعض المنظمات المعارِضة السورية التي تندفع للتوسع في الشمال السوري مسنودة بالمدرعات والطائرات التركية، تريد إنشاء “كانتون إسلامي” لمواجهة “الكانتون العلوي” اذا تمكن الروس من إبقاء الاسد، خصوصاً ان “الكانتون السني” سيوفر اندفاعاً قوياً وخطراً للنفوذ التركي جنوباً؟
ليست هذه بداية التساؤلات والمخاوف والمحاذير، التي تؤكد مرة جديدة ان الأزمة السورية طويلة والمآسي قد تتضاعف فوقها كحلبة ملاكمة إقليمية ودولية!
المصدر: النهار